الأربعاء , أبريل 24 2024
هل يهدي بايدن أفغانستان لإردوغان؟

هل يهدي بايدن أفغانستان لإردوغان؟

هل يهدي بايدن أفغانستان لإردوغان؟

يبدو أن قرار الإدارة الأميركية وعلى رأسها الرئيس الأميركي جو بايدن الانسحاب من أفغانستان لن يتغيّر، رغم التحذيرات العديدة الآتية من كل حدب وصوب، ويتزعمها الكونغرس الأميركي، الذي حذر مما وصفه ب السقوط الحرّ (Chute libre)، وفق المعادلة الفيزيائية، إذا ما تم الانسحاب، خصوصا مع تعدد الدراسات والمعلومات التي تُشير الى العلاقة العضوية بين حركة “طالبان” وتنظيم القاعدة.

يُشار الى أن نسبة المشاركة العسكرية الأميركية حاليا في أفغانستان ضمن قوات الأطلسي تنحصر بأقل من 33 %، وان واشنطن حققت تخفيضا كبيرا في التكاليف العسكرية منذ بدأت الانسحاب من هناك تنفيذا لوعود الرئيس بايدن في حملته الانتخابية والتي وعد فيها بإنهاء الحروب وسحب القوات وتخفيف التوتر والتركيز على الصين كخطر أول.

بطبيعة الحال لم يتحقق شيء من الوعود الأميركية التي رافقت غزو البلاد، حيث تنتقل أفغانستان مُجددا الى قبضة “طالبان” بدلا من تعزيز الدولة وانهاء عصر المليشيات ووقف الإرهاب، وهي شعارات كانت واشنطن قد رفعتها في تبريرها للغزو. ويضاف الى ذلك عامل مُستجد، يتمثل بتجديد التعاون الأميركي التركي كي تلعب أنقرة دورا بعد الانسحاب وعدم ترك البلاد فقط لطالبان أو لتأثيرات دول الجوار وبينها إيران وباكستان. وثمة مساع أميركية حالية تهدف الى تسليم أمن مطار حامد كرزاي في كابول إلى القوات التركية.

وإذا ما أجرينا قراءة سريعة لواقع العلاقات الأميركية-التركية المضطربة إلى حدّ كبير وفي أكثر من ملف ومجال، خصوصًا مع التملّص التركي التدريجي من الحضن الأطلسي عبر انتهاج أنقرة سياسات وسلوكيات إقليمية ودولية تطرح أكثر من علامة استفهام، ما يجعله قرارًا محفوفًا بالمخاطر، وذلك لأسباب عدة:

1- اصطياد أنقرة في المياه العكرة عبر استغلالها التسرع الأميركيّ لتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية عدة، مطالبةً واشنطن بمزيد من التنازلات.

2- استخدام الزحف الميداني لحركة “طالبان” كورقة ضغط إضافية لتوسيع دائرة المناورات حتى تبرز مطالبها المحتملة والتي على ما يبدو ستكون كبيرة.

3- الابقاء على النفوذ التركي بما يخدم أجندة العثمانية الجديدة Neo-Ottoman والتي تبدأ بأذربيجان وقد لا تنتهي عند حدود ليبيا.

4- التمسك التركي بصفقة أس-400 الروسية، ومطالبة واشنطن إعادتها إلى مشروع مقاتلات F35 الأميركية التي اخرجتها منها.

5- إعلان أنقرة عدم إرسال قوّات إضافيّة إلى أفغانستان، واقتراحها شروطًا للبقاء من دعم سياسي ومالي ولوجستي حسب ما جاء على لسان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار.

6- مطالبة أنقرة واشنطن تسليمها المعارض رجل الدين فتح الله غولن رجل الدين المقيم في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة والذي تتهمه تركيا بالتحريض على الانقلاب الذي وقع في 2016.

يضاف إلى كل ما تقدّم، الرغبة الأميركية الجامحة والمترافقة مع سحب القوات الأميركية من العراق وفيتنام، حيث ستسعى تُركيا حتما للتقدّم.

صحيح أن لتركيا مشاريع مربحة في أفغانستان يتوجّب عليها حمايتها. وقد تكون حماية مطار حامد كرزاي سبيلاً لإبداء نوع من اللطف حيال واشنطن دون تقديمها تنازلات كثيرة، لكن في ظل الوضع الاقتصادي المزرى الذي ترزح تحته تركيا فانها تحتاج إلى تحفيز الأسواق المالية وتأمل في كسب ودّ الحلفاء على ضفتي الأطلسي، فضلاً عن مصالحها في الدفاع عن الأقليات الأفغانية الناطقة باللغة التركية على غرار التركمان والأوزبيك وسعيها لتقريب حزب الجمعية الإسلامية من الإخوان المسلمين.

ما تقدم يوضح تماما أن المعادلة المقبلة ستكون كالتالي: تنازلات رمزيّة تركية مُقابل تنازلات جوهرية أميركية.

فهل سيقحم بايدن نفسه في نفق ينطوي على توجهات تتعارض والسياسات الأميركية المتبعة على مدى عقدين من الزمن، ويثير سخط الكونغرس بمجلسيه ليختم مسيرته السياسية بأسوأ أشكالها؟ لننتظر ونر.

الكاتب: هادي جان بوشيعا

لعبة الأمم

اقرا ايضاً:صورايخ أمريكية بقفازات حريرية في سوريا