الجمعة , مارس 29 2024
من زقاق الجن للبيت المسكون والقط المسكون

العفاريت بسوريا.. من زقاق الجن للبيت المسكون والقط المسكون

العفاريت بسوريا.. من زقاق الجن للبيت المسكون والقط المسكون

شام تايمز

رغم قساوة الواقع الذي عايشه السوريون في ظل الحرب وآلاف القصص التي كتبت لها نهايات مأساوية، وبقيت المئات منها معلقة ورغم الأزمات الاقتصادية المتتالية التي عصفت بالبلاد مايزال البعض يجد في قصص الجن الكثير من الرعب والتشويق، وتتداول بنفس حالة الفضول رغم مرور عشرات السنين عليها بعضها حكايا من نسيج الجدات والأمهات، إحداها عن الغولة التي ترقد تحت سرير ذلك الطفل المشاكس الذي كبر وربما مازالت الجنية تلاحقه وتعود أغلب الحكايا إلى الموروث الشعبي والديني الذي توارثته الأجيال.

شام تايمز

زقاق الجن

ما أن تذكر أساطير الجن حتى تتربع على القائمة حكاية “زقاق الجن”، الذي نسجت حوله العديد من الروايات الشعبية وعن أصل التسمية، فالحي الدمشقي الذي تحول إلى منطقة صناعية خمسينيات القرن الماضي يضم العديد من ورش تصليح السيارات كان قديماً منطقة تفترشها البساتين ومع هبوب الرياح بين جبلي “الربوة” و”المزة”، ينتج حفيف الأشجار والصفير وهو ماجعل البعض يعتقد أن المنطقة مسكونة بالعفاريت.

تقول الرواية الثانية أن سكان المنطقة كانوا يصابون بالهلع، جراء صدى الأصوات القادم من البساتين والصادرة عن صرخة مجهولة بينما الرواية الثالثة لها علاقة أكثر بمهنة تصليح السيارات، وتقول وجهة النظر تلك أن السيارة المعطلة كانت تخرج من الحي سليمة الأمر الذي شبه بـ”المعجزة” وكان لفظ جني يطلق على من يفعل شيء فيه من الإعجاز، فمن هنا جاءت تسمية “زقاق الجن”.

تذكر الأديبة السورية “غادة السمان” في روايتها “يا دمشق وداعا” التي تحاكي فيها سيرتها الذاتية عن زيارتها “لزقاق الجن” مطلع الستينيات لتصليح سيارتها وكانت يومها الصبية الوحيدة التي اقتحمت ذلك المكان المخصص للرجال، ولفتت الأنظار تحكي عن اسم الزقاق فتقول: «منذ اللحظة الأولى أدركت لماذا يطلقون عليه هذا الإسم، فضجيج المطارق فيه يختلط بلهب المشاعل المذيبة للمعادن وأصوات ملتهبة ووجوه ملطخة بسخام الشحم الأسود». وتعبر عن إعجاب “زين الخيال” بطلة الرواية باسم الحي قائلة: «أحبت اسم الحي لأنها شعرت أن “دمشق” بأكملها هي “زقاق الجن المطعم بالياسمين”!».

البيت المسكون في دمشق

من أشهر الأماكن والبيوت التي ارتبط اسمها بالجن، بيت “الأبرش” في حي “الجسر الأبيض” بدمشق الذي يمتاز بجماله المعماري وشبابيكه الخضراء فالبيت المهجور منذ ما يقارب الأربعون عاماً ما يزال حديث العامة، ويجد القارئ على شبكة الإنترنت العديد من المقالات والفيديوهات والأفلام القصيرة التي تحكي قصصا عن الأصوات المخيفة الصادرة من داخل البيت كما أن كل من يحاول السكن فيه يتعرض للضرب الا أن البعض يؤكد أن القصة الحقيقية وراء الشائعات حول البيت هو خلاف بين مالكيه من الورثة حتى لا تتم أي عملية بيع أو إيجار رغم ما يقال أنه عرض للبيع بسعر رخيص بينما يؤكد سكان الحي أنهم لم يشاهدوا أي من تلك الأمور التي تتداول وتتناقل عنه.

و”بيت الأبرش” ليس الوحيد يحكي “ابراهيم صبح” من “اللاذقية” لسناك سوري عن أحد البيوت في المدينة قائلا: «هناك أقاويل تحكي عن العفاريت التي تسكن بيت من طابقين مطل على الكورنيش الغربي لمدينة “اللاذقية” ويؤكد البعض أنهم يشاهدون ” كاسة شاي سخنة” على شرفة البيت المغلق والمهجور»، و يضيف: « البيت قديم جداً ومنذ زمن طويل وهو على هذه الحالة وأغلقت أبوابه بعد أن كان مقصداً للكثير من الفضوليين والمتطفلين لكني لا أؤمن بهذه القصص ولم يدفعني الفضول للدخول يوماً رغم مروري شبه اليومي بجانبه وما زلت أعتقد أنها مجرد شائعات لا أكثر».

في المجتمعات المغلقة على نفسها وذات التوجه الفكري والديني الواحد، حيث لا يوجد أي اختلاف تجد أن جميع الأبناء منذ الطفولة قد اعتادو على سماع هذه القصص. بهذه الكلمات بدأ ابن محافظة “إدلب” ( الذي فضل عدم ذكر اسمه ) في حديثه مع “سناك سوري”، وأضاف:«عندما كنا نذهب لبيت جدي كانت تفتح هذه السيرة مراراً وأصبحت اليوم بعمر السادسة والعشرين ولم أر أو أعش أياً من تلك المواقف التي يحكى عنها، وكل ما نسمعه من روايات هي قيل عن قال و”حلفو يمين”، أنا أؤمن بوجود الجن لكني لا أؤمن أو أقتنع بكل القصص المتداولة عن هذا الموضوع واللافت أن الحوادث التي تتداول لدينا موجودة بنفس الشكل والتفاصيل في كل مكان في إحدى المرات شاهدت حلقة عن الجن في مسلسل “طاش ماطاش” السعودي تفاصيلها ذاتها لقصة يقال أنها حدثت في “إدلب” وبعدها سمعت نفس القصة من صديق حلبي يقول أنها حدثت في مدينة “حلب” وهذا مبدأ التواتر بنقل القصص».

“ربى الجمال” و”القط” المسكون على المسرح

عادت إلى الواجهة مؤخراً فيديوهات المطربة السورية الراحلة “ربى الجمال”، في حفل فني أقيم على مسرح “قرطاج” بتونس عام 98 تحت عنوان “فنانة توقف حفلها بسبب الجن” وفيه تقطع المغنية التي تصنف ضمن أهم الأصوات النسائية السورية وصلة غنائها بعد صعود “قط” على المسرح وتقول بصوت منزعج : «منين اجا هاد بدي افهم؟ هاد جاي يحاربني، ما دخل راسي هالموضوع “البسينه” هي ماعجبتني، مين باعتو هون؟ على العموم أنا مو خايفة لا من عفاريت ولا من حدا هني بيخافوا مني”!.».

يقال أن الفنانة التي توفيت عام 2005 بسكتة دماغية عانت لسنوات من أمراض نفسية، وكانت تعيش على المهدئات لكن ذلك كله لا يلغي أن ما قالته يتوافق مع التراث الشعبي الذي يؤمن به البعض حول أن القطط والسود منها تسكنها الجان أو الأرواح.

تقول الاختصاصية النفسية ومدربة التطوير والتنمية الذاتية “هبة موسى” لـ سناك سوري: «عالم الإنسان عالم مادي تستطيع التعامل معه أما عالم الماورائيات فهو عالم خفي عالم غير ملموس وليس مصدر أمان وكما يقال الإنسان “عدو ما يجهل” قد يدفع الفضول أو البحث عن حلول للمشاكل البعض نحو طريق العالم الخفي واللجوء إلى السحر و العفاريت».

وتضيف حول إدمان الخوف قائلة: «النشأة الخائفة تولد إدمان الخوف كنوع من أنواع الردع وعدم الثقة فالخوف يؤدي لشخصية مهزوزة وغير متوازنة نفسياً، ربما تكون حالة ما بعد الحرب من أسباب عودة هذه القصص إلى الواجهة كما المجتمعات المغلقة والعادات والتقاليد التي تعزز غريزة الخوف لدى الإنسان وتزرع برأسه منذ الطفولة حكايا وقصص مثل “أبو رجل مسلوخة” وهذه وسيلة تربية سيئة تولد اضطرابات “سلس البول” عند الأطفال. يجب أن يكون هناك توعية للأمهات أن هذه القصص لا تحل المشاكل بل تزيدها سوءاً».

سناك سوري – عمرو مجدح

اقرأ أيضا: فلك أم تنجيم وخرافات؟.. هذا ما يقوله العلم عن أبراج ماغي فرح أو توقعات ميشال حايك

شام تايمز
شام تايمز