الخميس , مارس 28 2024
حاكم مصرف سورية الاسبق: الدستور أهم من قرار وزير

حاكم مصرف سورية الاسبق: الدستور أهم من قرار وزير

حاكم مصرف سورية الاسبق: الدستور أهم من قرار وزير

شام تايمز

كتب الدكتور دريد درغام :

شام تايمز

ريفنا هو الأصل و”الطبل” فيه كان للرقص في ساحة القرية ولساعات المساء بدون “مضخمات” وليس لليل أو لإزعاج سكانها

كتب أحدهم على مدونتي بخصوص حق السوري بالهدوء ليلاً بأن سورية ليست أزمتها لا إرهاب ولا كهرباء ولا ماء وإنما الحسد وبرأيه أنا حاسد ومقالي تعبير عن قلة أصل وأن الريف يكون الحسد والأذية فيه وراثة.. وأن المطعم مرخص ولن يغلقه صاحبه كي أنام!!…….

القضية لا علاقة لها برغبة أي إنسان بالنوم والراحة على حساب الآخرين. فالتقدم والحضارة حدث عندما تم احترام حقوق الناس في التجمعات السكنية المختلفة ولهذا سواء كانت بمدينة أو بقرية أو بأي تجمع إنساني.

فالسوري له حقوق سواء كان عاملاً يرغب باستعمال آلة او طفلاً صغيراً يحتاج للنوم أو طالبا بالمدرسة يحتاج للدراسة أو غيرها من المهن التي يحتاج أهلها للحد الأدن من الراحة لاستكمال مسيرة عملهم وحياتهم في اليوم التالي.

ولهذا وضعت جميع دول العالم معايير وقوانين تبين أن العمل سواء كان في النهار أو الليل يخضع لضوابط محددة تمنع إيذاء الآخرين سواء بملوثات فيزيائية أو صوتية. وبما أن المطعم بحاجة للعمل حتى ساعات متأخرة ليلاً فإن عامل الباطون وغيره من المهم بحاجة للعمل منذ ساعات الفجر الأولى والجميع يستعمل أدوات قد تسبب ضجيجاً لشرائح تشمل معظم السكان ممن يبدأ عملهم في الساعة السابعة صباحاً وينتهي عند المغرب ويحتاجون للهدوء لينام أبناءهم الصغار ريثما يقومون بمستلزمات المسح والطبخ والغسيل وغيرها من مهام المنزل التي ينكر أهميتها معظم ذكور الوطن.

لهذه الأسباب مجتمعة احترمت سورية أبناءها فأوجدت لهم منذ عشرات السنين قوانين توضح الحد الأدنى من الحقوق المطلوبة للتعايش والتناغم بين مختلف مكونات المجتمع. السوريين من هذه الحقوق نذكر ما يلي:

تنص المادة 744 من قانون العقوبات السوري على عقوبة من ” من أحدث ضوضاء أو لغطا ً على صورة تسلب راحة الأهلين وكذا من حرض على هذا العمل أو اشترك فيه”

.تنص المادة 61 من قانون السير السوري على ما يلي :” أ- يمنع استعمال اجهزة التنبيه الصوتية داخل المناطق المأهولة الا في حالات الضرورة القصوى، على ان تكون اشارة التنبيه متقطعة وقصيرة ومعتدلة، وبجهاز التنبيه ذي الصوت الخفيف” “ب¬ يستعاض ليلا عن التنبيهات الصوتية بالمشيرات الضوئية، ويمنع استعمال اجهزة التنبيه الصوتية الا في حالات الضرورة القصوى وضمن الشروط المحددة في الفقرة/أ/ من هذه المادة”. فإذا كان المشرع قد حرص على راحة المواطن ليلاً من مرور سيارة عابرة فهل تعتقدون أنه يتساهل من يقلق راحته بأصوات مكبرات الصوت وهي أشد وأكثر إزعاجاً.

بناء على كل ما تقدم لا يعني قرار ترخيص صدر عن وزير أن صاحب الترخيص يحق له كل شيء فالتراتبية معروفة وتقول بأن الدستور هو الأصل ومن بعده القوانين ومن بعده المراسيم ومن بعده القرارات وباقي التعليمات.

فليكن حرصنا الأساسي على حق الطفل الرضيع بالنوم وحق أمه بالراحة بعد عناء النهار بكامله وحق الطبيب وعامل الباطون بالنوم وغيرها من الحقوق الدنيا التي لن تسلب أصحاب المهن الليلية من حقوقهم.

والأعراس وجدت للفرح والسعادة ولا أعلم من أقنع الناس بأن مكبرات الصوت المرعبة ضرورية خاصة وأنها تجعل الصوت قريباً من مستوى الأذى الجسدي للأذن.

ولو تمت المقارنة بالأعراس في الخارج لوجدنا أن معظم أعراس الغرب أقرب إلى الاحتفاليات الهادئة التي يمكن للمدعوين ان يسمعوا بعضهم فيها وأن يجروا نقاشات معقولة على التوازي مع الرقص والفرح.

أما في بلاد العرب فقد أصبحت المكبرات تهيمن وتهتز العضلات والأدمغة في المكان لخمس أو ست ساعات تكون أقرب إلى جلسات تعذيب غير مقصودة.

ولو تمت المقارنة مع أيام زمان لوجدنا أن أهل القرى ولآلاف السنين يقدرون الموسيقى والمواويل ويفرحون ويرقصون ويدبكون وكان الطبل يتمركز في ساحة القرية بحيث من يرغب بالرقص والصوت العالي يتواجد في الوسط أما من يرغب بالهدوء فيمكنهم الجلوس في طرف الساحة أو الطاولات البعيدة فيفرح لفرح الغير دون أن تتأذى صحته النفسية أو العقلية.

وقد أوجد الغرب مكبرات الصوت من أجل الاحتفاليات الضخمة حيث يتواجد آلاف الأشخاص في الهواء الطلق وليس في القاعات المغلقة.

أما في بلادنا فالمطاعم تتسع لبضع مئات وتستعمل المكبرات كي تصل إلى عدة كيلومترات حيث يقطن سوريون يضطرون للاستماع لموسيقى مؤذية تترافق مع “الشوبشة” ورفع الكؤوس على موائد طعام شهي يتواجد على طاولات عامرة لسكان المطعم ولكنها محرمة على غير المدعوين وما أكثرهم فيهذا الزمن الرديء.

في الختام نحن نعلم أن عمال المطاعم يكدون ويكدحون ويحتاجون لهذا الرزق. والأمر ليس حسداً وإنما دعوة لاحترام الغير وما أكثرهم. فليفرح كل من لديه القدرة على الفرح ولكن فليتق الله فيمن يجبر أصحاب البطون الخاوية على السهر لساعات الصباح على أنعام وزعيق أصحاب البطون المتخمة أو شبه المتخمة.

مع التنويه إلى أن أصحاب البطون الخاوية مجبرون على الاستيقاظ منذ لفجر للبدء بأعمالهم المضنية أيضاً أو للبحث عنها في فترة تنتشر فيها البطالة كما ينتشر النار بالهشيم.

فليعمل المطعم وبمكبرات صوت مزعجة حتى العاشرة مساء ولكن بعدها لنطفئ المكبرات لنعود إلى طبيعة ريفنا التي تقول أن الطبل يكفي لمن يرغب بالدبكة والرقص بجواره في ساحة المطعم دون إقلاق السكان في دائرة قطرها كيلومترات.

اقرأ المزيد: عابد فضيلة: استمرار تجفيف السيولة لحماية الليرة احبط وعطل النشاط الاقتصادي!

شام تايمز
شام تايمز