الثلاثاء , أبريل 23 2024

هل انتهى دور اللواء الثامن في درعا؟

هل انتهى دور اللواء الثامن في درعا؟

عبد الله سليمان علي

اقتحم قطار التسويات مناطق سيطرة “اللواء الثامن” في ريف درعا الشرقي. الخطوة المتأخرة جاءت تتويجاً لسلسلة من اتفاقات التسوية التي بدأت في درعا البلد، وانطلقت منها نحو أرياف درعا الغربية والجنوبية، وصولاً إلى الريف الشرقي الذي يعتبر معقل أحمد العودة، القيادي السابق في “الجيش السوري الحر” الذي أصبح منذ عام 2018 يلقب برجل روسيا، نظراً الى دوره في توقيع أول اتفاق تسوية في ذلك العام، الأمر الذي سمح لقوات الجيش السوري باستعادة مناطق شاسعة من المحافظة.

ومن الطبيعي ألا يكون بمقدور “اللواء الثامن” بهيكليته الحالية أن يتماشى مع منطق التسويات الجديدة التي غطت كل بقاع حوران، بالتزامن مع تحركات إقليمية ودولية شكلت غطاءً واضحاً لتسهيل تفكيك بؤر التوتر التي كان ينطوي عليها “مهد الثورة السورية”، وكانت تلعب دوراً كبيراً في استنزاف القوات السورية وإشغال الجانب الروسي.

فقد ولد “اللواء الثامن” من رحم التسوية الأولى في درعا، وكانت براغماتية أحمد العودة وموهبته في الانعطاف ونقل البندقية من كتف إلى كتف هي عرّابة هذه الولادة التي جعلته يحظى بموقع مميز طوال السنوات الثلاث الماضية، سواء من حيث ازدواجية الدور الموكول إليه، أو من حيث المكاسب التي كان يستطيع تحصيلها نتيجة علاقاته مع روسيا من جهة، ومع فلول “الجيش الحر” من جهة أخرى.

لذا، لم يكن مستغرباً أن يعلن قيادي في “اللواء الثامن” أن الأخير في طريقه للتفكك. وقال القيادي في حديث مع موقع “تجمع حوران”، إن “جميع المؤشرات الحالية في المنطقة الشرقية من محافظة درعا، تدل الى حلّه خلال المرحلة المقبلة، وخصوصاً بعد وصل التسويات إلى مناطق نفوذه، والتي شملت مجموعات تابعة له في مناطق عدة”.

وقال القيادي الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إنّ  الدولة السورية ترفض وجود تكتل “اللواء الثامن” الذي اعتبرته عثرة كبيرة أمام تنفيذ مشاريعها في المحافظة، خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن الدولة السورية طلبت من حليفها الروسي إنهاء ملف اللواء، مضيفاً أن الدولة السورية ترفض التكتلات العسكرية خارج ملاكه.

وفي هذا السياق، ذكرت مصادر إعلامية سورية معارضة في درعا، أن الشرطة العسكرية الروسية طالبت ظهر الاثنين الماضي قيادة المجموعات التابعة لـ”اللواء الثامن” المدعوم روسياً، في كل من بلدات صيدا والنعيمة وكحيل، بتسليم أسلحتهم الى قيادة اللواء، على أن يشمل ذلك المجموعات المحلية التابعة لفرع الأمن العسكري في البلدات المذكورة شرق درعا.

وجاء ذلك في اجتماع حضره ضباط روس مع قيادات من اللواء الثامن في مدينة بُصرى الشام، بالتزامن مع خروج اللجنة الأمنية التابعة للدولة السورية من مركز التسوية في صيدا.

وبالتزامن مع هذه الإجراءات، جرى تسريب خبر زيارة سرية لأحمد العودة للأردن يوم الخميس الماضي. وقالت مصادر إعلامية معارضة إن الزيارة كانت بناءً على طلب من الجانب الأردني لبحث إجراءات التسوية في محافظة درعا، وكيفية تسليم السلاح الفردي في مناطق سيطرة “اللواء الثامن” المدعوم روسياً.

وفي كل الأحوال، يبدو أن هذه الزيارة مختلفة اختلافاً جذرياً عن الزيارة الأخيرة التي قام بها العودة لعمان في شهر تموز (يوليو) الماضي، وأشيع في حينها أنه عاد محملاً بأوامر حاسمة للتصدي لنفوذ إيران في المنطقة الجنوبية من سوريا، بل جرى الحديث عن مطالبة الأردن بتسليم معبر نصيب إلى “اللواء الثامن” شرطاً لإعادة افتتاحه.

ورغم ذلك، ما زال الغموض يحيط بمصير “اللواء الثامن”، فهل ستكون اللحظة التي يصل فيها قطار التسويات إلى بصرى الشام، معقل اللواء وعاصمته العسكرية، هي لحطة النهاية بالنسبة اليه، بحيث يتفكك بالفعل ويعود ضباطه وعناصره إلى حياتهم المدنية، أم ستكون هناك سيناريوات مطروحة لإعادة تدويره ضمن وحدات الجيش السوري بشروط وضوابط محددة؟

اختلفت التكهنات حول هذه النقطة، إذ ذكرت بعض الجهات المعارضة أنه “يجري حالياً تنسيب التشكيل الى قيادة الاستخبارات العامة بالمهام الحالية نفسها، متوقعاً وجود مهام جديدة مستقبلاً، وأنه يجري حالياً إجراء المسح السياسي لكامل عناصر اللواء، بالإضافة لإجراء التسويات لبعض العناصر، كما ذكر موقع “أورينت نيوز” في تقرير له . بينما تحدث موقع “تجمع حوران” عن إمكان “تحويل تبعية اللواء إلى ملاك شعبة الاستخبارات العسكرية، خصوصاً أن كل ملفات عناصره حوّلت إلى شعبة الاستخبارات، أو إمكان دمجه في جيش النظام”، مشيراً الى أنّ الأمور ما زالت غير واضحة بالكامل.
النهار العربي