السبت , أبريل 20 2024
السورية والحمضيات!!!

السورية والحمضيات!!!

ما حصل هذا العام لموسم الحمضيات ليس غريباً ولا جديداً عمّا كان يحصل في مواسم عقودٍ سابقة. إنهيار أسعار، وضياع إنتاج وتعب الكثير من الفلاحين والمنتجين. فالمشكلة هي هي من بداية الموسم، وصولاً إلى الاستنفار الحكومي المتأخر بعد فوات الأوان إلى حدّ كبير.

شام تايمز

بالنسبة لما تبقى من الموسم، وبالرغم من كل الجهود المبذولة، ما يزال المنتجون يعانون ويشكون بأنهم لم يستفيدوا شيئاً من كل ما حصل. وها هو موسمهم طريح الأرض، أو في منتصف دائرة الخطر.

شام تايمز

مشاكل متجذرة

المشكلة باتت مزمنة بامتياز وهي متجذرة؛ فمنذ أن بدأنا بإنتاج ما يفيض عن حاجة الاستهلاك المحلي – في ثمانينات القرن الماضي – لنا في كل عام حكاية إخفاقٍ جديدة في تسويق الحمضيات.

الجدير بالذكر أن ( الشركة العامة للخضار والفواكه ) في ذلك الزمان كانت في كل عام تحاول أن تتصدى لهذا الموضوع، وتفشل. مثلما تفشل اليوم السورية للتجارة بتصديها لعملية تسويق هذا الموسم. علما ان الكميات المنتجة ازدادت أضعافاً عما كانت عليه في تلك السنوات الغابرة.

حقيقة الفشل

الحقيقة فشل شركة الخضار والفواكه في ذلك الزمان، والسورية للتجارة اليوم طبيعي جداً بالمقياس الاقتصادي والتجاري وبحساب القدرة والامكانيات.

الفشل ليس ناجماً فقط عن الفساد والتلاعب، رغم أنه من الصعب جداً تنزيه المؤسستين. لاسيما وأن السورية للتجارة باتت تضم اليوم أساطين الفاسدين الأولين، وأفراخهم اللاحقين في مختلف الشركات والمؤسسات الأخرى التي اندمجت مع بعضها بكيانٍ موحّد. وقد تمرّس هؤلاء بشكلٍ متقن على مقاتلة النزاهة وابتداع أفظع أساليب التلاعب، والتي من أبرزها تلك التي تمارس بميدان الهدر ( النظامي ) وطريقة احتساب نسبته.

بغض النظر عن ذلك، فإن الفشل هنا طبيعي بالفعل لأن تصميم هاتين المؤسستين لم يكن سابقاً ولا هو اليوم مصنوعاً من أجل احتضان الموسم بالكامل، وإنما من قبيل المؤازرة والمساهمة جزئياً في تسويقه لا أكثر. ولا توجد أية جهة بعد مسؤولة عن تسويقه ولا التعامل مع إنتاجه. فنرى وزارة الزراعة مسؤولة وغير مسؤولة. ووزارة التجارة الداخلية معنية وغير معنية. ووزارة الاقتصاد يخصها الأمر ولا يخصها. كذلك وزارة الصناعة بريئة ومدانة. ووزارة الإدارة المحلية مندفعة وتحتار ماذا تفعل ..؟. وكل هذه الجهات معها حق فهي غير معنيّة بالكامل فعلاً، ولا يوجد أي تكليف ولا أي تشريع يلقي عليها مسؤولية تسويق الحمضيات.

وفرة إنتاج بحاجة لقرار جريء

حمضياتنا كنزٌ حقيقي لم نتقن التعاطي معه بعد، فهو يشكل جزءاً واحداً من مئة جزء على هذه الأرض كلها. فإنتاج العالم سنوياً مئة مليون طن، وإنتاجنا نحن مليون طن .. بل أكثر، وعلى مدى نحو أربعين ألف هكتار، يشتغل فيها أكثر من خمسين ألف أسرة. هذا كله يقودنا للتفكير جديّاً بضرورة حسم وإنهاء مصاعب هذا الإنتاج والسيطرة عليه بالكامل وإقفال ملفه. وهذا لا يمكن أن يحصل بعد عقودٍ من التجارب الفاشلة إلاّ بقرارٍ جريء يضع الحمضيات في خانة ( الزراعات الاستراتيجية ). لتقوم بعد ذلك مؤسسة برتقالية ضامنة لهذا الموسم يكون شغلها الشاغل أن تتبنّاه من ألفه إلى يائه، كما تتبنى مؤسسة التبغ موسم التبغ وتسويقه.

وعن مهامها، يجب أن تسعى البرتقالية بكل إمكاناتها وأساليبها ووسائلها لتخطيط زراعاته، وإجراء البحوث عليه والدراسات الواقعية والمعمقة للتمكن من التقاط الفرص لتسويقه، وتصديره، وتوضيبه، وتخزينه، وتصنيعه.

يجب أن تكون قادرة بخبرات مدروسة على الترويج، والتفاوض، والتعاقد، داخلياً وخارجياً بصلاحيات حقيقية ودون عراقيل ولا تدخّلات. مما يمكنها من ممارسة أعمالها على أكمل وجه، والانتصار للموسم وعليه، واستيعاب فيضانه.

السورية والحمضيات

ليست مجرد حلمٍ للموسم ومنتجيه، وإنما هي المؤسسة الممكنة التي صار إحداثها ناضجاً. هي الحلم الجميل والواقعي لإثراء اقتصادنا الوطني الذي سيأخذ منها جانباً محرزاً من انتعاشٍ مُنتظر.

سنسيريا – علي محمود جديد

اقرأ أيضا: التكاليف الكبيرة تحول دون تصدير الحمضيات السورية

شام تايمز
شام تايمز