الجمعة , أبريل 19 2024

إسرائيل “تنتظر الردّ الإيراني في سوريا”

إسرائيل “تنتظر الردّ الإيراني في سوريا”

شام تايمز

حسين الأمين

شام تايمز

تنتظر إسرائيل الردّ الإيراني الحتمي على قتلها عنصرَين من «الحرس الثوري» في سوريا. ردٌّ يسود اعتقادٌ في أوساط المعنيّين بضرورة أن يكون من النوع الذي يفتح على إرساء معادلات جديدة، سواء في وجه تل أبيب، أو في وجه موسكو التي لم تُظهر إلى الآن تغييراً حقيقياً في أدائها في سوريا. وعلى رغم هذا الثبات، إلا أن روسيا اليوم ليست في الموقف الذي كانت فيه قبل الحرب الأوكرانية، وبالتالي فهي بحاجة إلى إرضاء «الصديق» الإيراني وأخذ مصالحه بعين الاعتبار، وهو ما يعني فرصة بالنسبة إلى طهران وحلفائها لتعديل الموازين لمصلحتهم

لا يبدو، حتى الآن، أن لدى موسكو نيّة للتأثير الجدّي على عمل سلاح الجوّ الإسرائيلي في سوريا. خلال الشهرَين الماضيين، بدا أن روسيا، مع اتجاه المسألة الأوكرانية إلى التأزّم، ستكون أكثر تشدداً إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، ساحة النفوذ الروسي الأوسع في حوض المتوسط. إذ بادرت موسكو، عبر خطوات عدّة، إلى التلميح إلى جدّيتها في ذلك التوجّه، في حال اشتدّت المنافسة مع الغرب، واصطفّ الكيان الإسرائيلي على الجهة المقابلة. ومع اندلاع الحرب، والتصعيد الغربي الاستثنائي ضدّ روسيا، حافظت إسرائيل على نوع من التوازن والحذر في مواقفها، فهي لم تُظهر اصطفافاً كاملاً إلى جانب أحد طرفَي الصراع، بل قدّم رئيس حكومتها نفسه، خلال الأيام الأخيرة، وسيطاً «نزيهاً» بين روسيا وأوكرانيا والغرب. سياق التطوّرات هذا، منح العدو الإسرائيلي شعوراً بإمكانية متابعة اعتداءاته على سوريا بشكل اعتيادي. وفي زيارته إلى موسكو الأسبوع الماضي، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تناول نفتالي بينيت ثلاثة عناوين أساسية بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، وهي الاتفاق النووي ومراحله وموقف روسيا منه، وحرّية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا، ومسألة الهجرة والنزوح اليهوديَين من أوكرانيا. وكما يبدو من السياق الميداني بعد زيارة بينيت، فإن الأخير حصل، غالباً، على تفويض من بوتين للاستمرار في توجيه الضربات داخل الأراضي السورية، مقابل امتناع إسرائيل عن تزويد أوكرانيا بمساعدات عسكرية إسرائيلية، مباشرة منها، أو عبر دول أخرى تشتري السلاح الإسرائيلي.
مقالات مرتبطة

قبل أيام، قُتل ضابطان يتبعان «حرس الثورة الإسلامية» الإيراني، في غارة جوّية إسرائيلية على مواقع عسكرية في ريف دمشق. وبحسب مصادر عسكرية رفيعة، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن «الضابطَين الشهيدَين هما من ضمن المستشارين الإيرانيين النظاميين المتّفق عليهم مع الحكومة السورية، وهما يتبعان القوات الجوفضائية في الحرس الثوري»، وكون الضابطيْن يُعتبران «موفدَين رسمياً من قبل الحكومة الإيرانية، وبالتنسيق مع الحكومة السورية، وضمن اتفاقيات التعاون الدفاعي بين البلدين، فإن ذلك يُلزم الحكومة السورية بالحفاظ على أمنهما وسلامتهما، وهذا ما تلتزم به القيادة السورية، وتَعتبر أن الردّ على قتلهما أمر محتّم»، تضيف المصادر. وخلال الشهور الأخيرة، وفي ظلّ ارتفاع منسوب الجرأة الإسرائيلية في سوريا، «بدأ يتعزّز اعتقاد بين قوى محور المقاومة، بأنه لم يعد ممكناً التعايش مع التمادي الإسرائيلي والصبر عليه، وأنه لا بدّ من تعديل ميزان الردع تدريجياً». وفي المقابل، ومنذ الاعتداء على ميناء اللاذقية أواخر العام الماضي، برزت حالة من «السخط» من التمادي الإسرائيلي لدى القيادة السورية، وكان الاحتجاج واضحاً لدى الجانب الروسي، الذي تأكّد حرصه على ترك هامش العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية واسعاً، «على رغم قدرته على فعل الكثير لتضييق هذا الهامش، إن لم نقل إنهاءه»، تتابع المصادر. بعد نحو يومين من مقتل الضابطَين الإيرانييْن، خرج «الحرس الثوري» الإيراني ببيان واضح، رثى فيه الشهيدين، وتوعّد بتدفيع «الكيان الصهيوني ثمن جريمته هذه». وهذه ليست المرة الأولى التي يقضي فيها ضباط إيرانيون بغارات إسرائيلية، إذ قُتل مجموعة منهم في العام 2018 إثر عدوان جوي، ما دفع «الحرس الثوري» إلى الردّ عبر قصف مواقع عسكرية إسرائيلية في الجولان المحتل، بعشرات الصواريخ. يومها، بحسب مصادر مطلعة، «أشرف قائد فيلق القدس، الشهيد قاسم سليماني، شخصياً على إطلاق صواريخ الردّ، حيث كان قريباً جداً من منصّات الإطلاق قرب دمشق». واليوم، يتوقّع المستوى الأمني في كيان العدو، أن «أحد احتمالات الردّ حالياً، هو «تنفيذ الانتقام الإيراني باستخدام طائرات من دون طيار، بخاصّة بعد تحسّن قدرات إيران على تشغيل تلك الطائرات بشكل كبير»، بحسب «يديعوت أحرونوت».

يُعتقد أن آخر ما تحتاجه واشنطن في هذه الأيام هو تصعيد في المنطقة بين إيران وإسرائيل

في الدائرة الأوسع، يعتقد مراقبون أن «هذا هو التوقيت الأكثر ملاءمة لتعديل موازين الردع بين قوى المقاومة والعدو الإسرائيلي في سوريا، إلى الحدّ الممكن». وينطلق هؤلاء في اعتقادهم، من أن «روسيا اليوم تخوض حرباً في أوكرانيا، وهي في حرب باردة مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب بشكل عام، وتتعرّض لأقسى حملة عقوبات في التاريخ، وتعاني من قلّة الحلفاء، وبهذا يتضرّر موقعها الاستراتيجي، وتحديداً مستوى قدرتها على فرض أجندات أو توجّهات، خصوصاً على حلفائها»، وهذا يمنح هامشاً أوسع للقيادتَين السورية والإيرانية، وقوى «محور المقاومة»، للتحرك باتجاه تعديل موازين الردع مع العدو الإسرائيلي، من دون أن يكون ذلك محطّ خلاف كبير مع موسكو. بل يذهب البعض أبعد مما تَقدّم، بالقول إن «ثمّة اعتقاداً لدى طهران، بأنه مع تصاعد الحرب الأوكرانية وتداعياتها، وأمام الحاجة الروسية المتزايدة لتضامن ودعم الحلفاء، سيتعيّن على روسيا أن تبلور موقفاً أكثر وضوحاً في ما يخصّ مسألة الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وتحديداً على حلفاء دمشق من الإيرانيين»، وهذا بالطبع هو الوقت الأنسب لانتزاع موقف كهذا من موسكو. والاعتقاد المشار إليه ينطلق في الأساس من ضرورة لجم الجموح الإسرائيلي، عبر الردّ وتعديل ميزان القوة من جهة، وعبر الضغط الروسي من جهة أخرى، حيث يكون «الحفاظ على المصالح الإيرانية في الساحة السورية، أولوية روسية، في مقابل أن تحافظ إيران على المصالح الروسية في ساحات وملفات أخرى، كالملف النووي»، الذي يبدو أن روسيا تسعى للاستفادة منه قدر الإمكان، في سياق الالتفاف على العقوبات الغربية عليها. وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد أكد، السبت الفائت، طلب بلاده «ضمانات مكتوبة بأن العقوبات لن تؤثر في حقّنا في التعاون الحرّ والكامل التجاري والاقتصادي والاستثماري والتقني العسكري مع إيران». وفي المقابل، شدّد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، على «(أننا) لن نسمح لأيّ عامل خارجي بأن يؤثّر سلباً في مصالحنا الوطنية في هذه المفاوضات». ومن هنا، تبدو منطقية مطالبة إيران، روسيا، بالحفاظ على مصالحها وحلفائها في سوريا، في مقابل أن تحافظ هي على المصالح الروسية في الاتفاق النووي الوشيك. أيضاً، يُعتقد أن آخر ما تحتاجه واشنطن في هذه الأيام، هو تصعيد في المنطقة بين إيران وإسرائيل، لذا ستمارس الإدارة الأميركية كامل الضغوط على تل أبيب لهضم الردّ الإيراني المتوقّع، لأن تمادياً في التصعيد من شأنه أن يطيح الاتفاق النووي، فضلاً عن أنه قد يأخذ إلى مواجهة لا تُعرف حدودها في المنطقة.

الأخبار

شام تايمز
شام تايمز