الأربعاء , أبريل 24 2024

ارتفاع جديد على أسعار كهرباء الأمبيرات ..يهدد “بتعتيم” مدينة حلب

ارتفاع جديد على أسعار كهرباء الأمبيرات ..يهدد “بتعتيم” مدينة حلب

رحاب الإبراهيم

بعدما دفع الشاب آخر فاتورة أمبير قرر محمد عيفان أن يعود إلى الظلمة ويلغي اشتراكه بالأمبير يقول عيفان لـ”هاشتاع”. إن صاحب المولدة رفع التسعيرة من دون إنذار من 12 إلى 20 ألف ليرة أسبوعياً لأمبير واحد فقط، وهذا يعني 80 ألف ليرة شهرياً!

ويضيف أن المشكلة في ترافق تسعيرة الأمبير الجديدة مع موجة غلاء شديدة، فكان الخيار التفريط بإنارة البيت، بدل الاستغناء عن ضروريات المعيشة المرهقة”.

إلغاء بعض العائلات الحلبية خدمة الأمبير بعد ارتفاع أسعارها الجنونية أكده العامل الميكانيكي بسام جديع الذي يتولى إدارة أحد مولدات الأمبير في المنطقة بين الرازي والجميلية مقابل أجر 400 ألف شهرياً.

حيث أكد أن الكثير من المواطنين ألغوا خدمة الأمبير بعد رفع أسعاره, بينما حافظ أصحاب المحلات على هذه الخدمة، فهؤلاء يمكنهم إضافة التكلفة إلى مبيعاتهم ليدفع المواطن الضريبة مرتين.

والأمر ذاته يؤكده صاحب المولدة أنس جادنجكي، الذي ترك معمله في المفروشات في بداية الحرب, واتجه للعمل في مجال مولدات الأمبير المربحة آنذاك على قوله، بإشارته إلى أن 10% من المشتركين ألغوا خدمة الأمبير، فالناس لم تعد تمتلك قدرة مادية بعد ارتفاع الأسعار على نحو كبير.

أثناء حديثنا مع صاحب المولدة حضر طبيب لدفع المستحقات المترتبة عليه أسبوعياً لكن عند سماع رقم تشغيل الأمبير الجديد طلب المعاودة في وقت لاحق للدفع.

ليعقب جادنجكي: هذه عينة من المواطنين، ويفترض أن لا يكون لديه مشكلة في الدفع كونه طبيب وأحواله المادية جيدة، لكنه وجد مشكلة في التعرفة المرتفعة.

حديث الشارع

غلاء أسعار الأمبير أصبح حديث الشارع الحلبي، وسط إلغاء عائلات كثيرة هذه الخدمة، التي أصحبت خيار إجباري في ظل انعدام الكهرباء في العاصمة الاقتصادية بحيث لا تأت سوى ساعتين وأحيانا لا تأتي، بالتالي في حال إلغاء الأمبير نهائياً ستصبح مدينة حلب مدينة “الظلام”.

يؤكد ياسين ياسين “موظف قطاع عام” أنه لا مفر من الدفع لتجار الأمبيرات، لكنه اضطر إلى تقليل ساعات التشغيل والاقتصار على الفترة المسائية من الساعة 5- 12 ليلاً، وهذا يتطلب منه 13 ألف أسبوعيا بعد ما كانت 9 آلاف ليرة فقط مقابل أمبير للإنارة، وهذا شكل ضغط إضافي على ذوي الدخل المحدود.

انطوانيت قلاجة أكدت أن صاحب المولدة التي تأخذ خدمة الأمبير منه “رحيم” مقارنة بغيره، حيث لم يرفع التسعيرة بشكل كبير كما فعل غيره، إضافة إلى تقديمه الخدمة مجاناً للأرامل والطاعنات في اللواتي لا معيل لهن.

وتضيف: أدفع 15 ألف ليرة، وهذا المبلغ بالأسبوع ليس بالأمر القليل وخاصة مع ضغوط المعيشة, متسائلة عن الزمن الذي سينتظرونه لينتهي زمن الأمبيرات في حلب؟

وطالبت بتشديد الرقابة على تجار الأمبيرات ومنعهم من التسعير المزاجي.

مدينة الظلام…

شكوى المواطنين من ارتفاع أسعار الأمبيرات يقابلها تذمر تجاره من غلاء أسعار المازوت وعدم تزويدهم بهذه المادة بسعر 1700 ليرة مقابل 125 ليرة لكل ساعة تشغيل كما نص القرار.

وهو ما أجمع عليه جميع أصحاب المولدات أو “الشغيلة” الذين التقتهم “هاشتاغ”، إذ أكد العامل بسام جديع أنه يضطر إلى شراء المازوت من السوق السوداء بسعر يتراوح بين 4500 -4800 ليرة، وإذا لم يرفعوا الأسعار يعملون بخسارة.

ويضيف: منذ أسبوع تغير الحال وأصبحنا نخسر ..ففي الجمعة الماضية مثلاً دفعت قيمة المازوت بحدود 6750 مليون ليرة بينما قيمة الاشتراك وصلت إلى قرابة 6600 مليون كما قال، وهذا يعني وجود كسر بقيمة 150 ألف ليرة، من المحروقات دون أعطال وإصلاح , مستغرباً عدم توفر المازوت بسعر 1700 ليرة لكنه موجود بسعر حر في الأسواق.

لكن صاحب المولدة أنس جادنجكي لا يرى الحل بإلغاء الأمبيرات لأن مدينة حلب ستصبح مدينة الظلام بعد ما كانت مدينة الصناعة والتجارة، لذا من الأفضل تأمين المازوت بأسعار منطقية عندها ستعود أجور الأمبير إلى الانخفاض، مؤكداً أن 90% من أصحاب المولدة “لا يعملون بنور الله”ويرفعون التسعيرة على هواهم.

المهندس الميكانيكي محمود أبو شعر، الذي اضطر للعمل براتب 250 ألف ليرة بالشهر في أقدم مولدة أمبير في حلب يؤكد أن الأمبيرات ليس المجال الوحيد الذي ارتفعت أسعاره، فأسعار السلع ارتفعت بمقدار 70% بينما الأمبير ارتفع بحدود 20% فقط ، مشيراً إلى أن الأمبير أصبح حاجة ملحة, لأن الكهرباء غائبة عن مدينة حلب، بالتالي الحل لعودة أجور الأمبير إلى وضعها السابق تأمين المازوت من الجهات المعنية وقمع السوق السوداء, وتوفير قطع التبديل التي ارتفعت كالمازوت وزيت المولدات وجميعها من النوع الرديء، فظروف التشغيل أصبحت صعبة والعمل بمجال الأمبير لم يعد مربحاً.

حسب الواقع الفعلي

أصحاب مولدات الأمبير على مخصصاتهم من المازوت لا يحصلون على مخصصاتهم، رغم تحديد التسعيرة على أساس هذا حيث حدد القرار منذ فترة التسعيرة بمبلغ 125 ليرة لكل ساعة تشغيل واحدة مقابل الحصول على المازوت ب 1700 ليرة . أكده مدير التسعير في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب ممدوح ميسر، حيث أوضح أنه منذ أكثر من شهرين لم يمنح أصحاب المولدات مخصصاتهم من المازوت بسبب نقص المادة، ما أضطرهم إلى شراءها من السوق الحرة، علماً أن التسعيرة الصادرة كانت مناسبة وراعت تكاليف التشغيل وأسعار الزيوت وأجور التصليح.

وبين أن أصحاب المولدات أمام هذا الواقع الجديد رفعوا سعر ساعة التشغيل أو خفضوا ساعات العمل، مشيراً إلى أن أغلب المولدات مرخصة أصولاً وتدفع رسوم وأشغال، ولا ينفي وجود مولدات غير مرخصة لكنها قليلة حسب رأيه وعند ضبطها تنظم ضبوط بحق المخالفين.

وبالمقابل لا ينكر مدير التسعير وجود بعضاً من أصحاب المولدات المرخصة يتقاضون أسعار زائدة مستغلين حاجة المواطنين، لكن وفق قوله الدوريات التموينية تقوم بواجبها وتشن حملات مستمرة على المخالفين، وقد نظمت الكثير من الضبوط بعد القيام بحملات منظمة على أصحاب المولدات, والتأكد أنهم يتقاضون أجور زائدة أو يتاجرون بمادة المازوت، حيث تفرض عقوبات مشددة تصل إلى الحبس لمدة عام, ودفع غرامات مالية كبيرة تصل إلى مليون ليرة مع سحب الرخصة أحياناً.
هاشتاغ