الخميس , مارس 28 2024
أين وصلت المشاريع الأمريكية في سوريا؟

أين وصلت المشاريع الأمريكية في سوريا؟

شهدت الفترة الأخيرة تطورات عديدة على الساحة الدولية والسورية بشكل خاص، كالتقارب الخليجي من سوريا وما أُثير عن محادثات تركية-سورية والحرب في أوكرانيا واحتمالات انعكاساتها على الوضع السياسي والميداني في سوريا، ووسط هذه التطورات وغيرها أشار الخبراء إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تتجه إلى مراجعة سياساتها في المنطقة وخاصة مع تركيا في محاولة لكسبها إلى جانب الحلف الغربي لمواجهة روسيا.

شام تايمز

وبحسب الخبراء فإنه لكسب تركيا إلى جانب المعسكر الغربي قد تلجأ الولايات المتحدة إلى الاستفادة من ورقة دعمها لـ “قوات سوريا الديمقراطية-قسد” لإعطاء مساحة أكبر لتركيا شمالي وشمال شرقي سوريا وإبعادها عن روسيا في سوريا، حيث قال في هذا الصدد رئيس مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية – الحسكة أحمد إدريس، في حديث لـ “أثر”: “هدف الإدارة الأمريكية من ذلك، هو إخراج تركيا من موقع الحياد السلبي في الحرب الأوكرانية إلى موقع المساند العسكري والسياسي لأوكرانيا، وقد استخدمت لذلك ورقة قسد لإرباك المشهد السياسي في سوريا عبر دفعها باتجاه التصعيد المستمر مع الدولة، وتوظيفها من جانب آخر كورقة مساومة لإحداث التغيير في الموقف التركي اتجاه روسيا من جهة أخرى ومنعها من أي تقارب مع الدولة السورية من شأنه إفساد أهداف الاحتلال الأمريكي وقسد”.

شام تايمز

كمرحلة أولى لتحقيق الهدف الأمريكي، أشار إدريس إلى أن واشنطن أعادت العمل على محاولاتها القديمة في إنجاز تفاهم (كردي- كردي) بين “قسد” و”المجلس الوطني” المدعوم تركياً وخليجياً، بهدف تخفيف الصدام السياسي والعسكري بين أنقرة وشركائها من جهة وبين “قسد” من جهة ثانية، لذلك طرحت واشنطن مبادرة لتوسيع “مجلس سوريا الديمقراطية- مسد” بهدف تبديد مخاوف أنقرة من إنشاء كيان كردي يهدد أمنها القومي.

ووفق الرؤية الأمريكية، يرى إدريس أنّ “المطلوب من قسد القبول بشركاء جدد معها لإدارة مناطق سيطرتها، وهم المجلس الوطني الكردي وذراعه العسكري (بيشمركة روج آفا) التي تم تدريبها شمالي العراق، إلى جانب المكونات الأخرى ولا سيما المكون العربي الذي يشكل غالبية سكان الجزيرة بحيث يكون التمثيل واقعياً لا صورياً”، ولكن وبحسب إدريس فإن “هذه الرؤية اصطدمت بشروط المجلس الوطني الكردي المتمثلة في الطلب من قسد فك ارتباطها بحزب العمال الكردستاني التركي، وإعادة هيكلة الإدارة الذاتية مدنياً وعسكرياً وأمنياً بما يضمن للمجلس فاعلية ميدانية وإلغاء التجنيد الإجباري، وكلها شروط ترى فيها قسد تهديداً وجودياً لها ولمشروعها المستند إلى تغليب منطق الاستفراد الذي لا يقبل حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) التنازل عنه”.

الولايات المتحدة تتجه إلى مشروع الفيدراليتين لتحقيق أهدافها:

مع إدراك الإدارة الأمريكية أنّ توسيع “مسد” غير ممكن ومرفوض من قبل حلفائها في “الإدارة الذاتية”، اتجهت إلى طرح مشروع الفيدراليتين، وذلك ضمن الاجتماع الذي عقد في العاصمة السويدية ستوكهولم في (9 / 10 نيسان الجاري)، ويتضمن المشروع تأسيس فيدرالية شمالية غربية تشمل إدلب وريف حلب الشمالي وتكون بإدارة “الائتلاف المعارض” وفصائل أنقرة، وفيدرالية شمالية شرقية تضم الحسكة ودير الزور والرقة وتكون بإدارة “قسد” وذراعها السياسي “مسد” على أن تنفتح الفيدراليتان على بعضهما اقتصادياً لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الاستثناءات التي تعد واشنطن بمنحها لهذه المناطق من قانون قيصر، حيث علّق الدكتور إدريس على هذا المشروع الأمريكي بقوله: “إن الهدف الأساسي للإدارة الأمريكية من ذلك هو توحيد جهود الفيدراليتين عسكرياً لفتح جبهة ضد روسيا لإرباكها وإلحاق الهزيمة بها في سوريا”.

وحول الموقف التركي من مشروع “الفيدراليتين” الأمريكي يعتقد إدريس أن “تركيا ليست في وارد الدخول في أي صفقة تشرعن وجود قسد على حدودها، لذلك فإن مشروع الفيدراليتين سيبقى مجرد كلام في الهواء، لأن تركيا لا تقبل بأقل من إزالة الممر الكردي المتمثل بالإدارة الذاتية وأطروحتها الانفصالية، ومن هنا نرجح ألا تقبل تركيا بأقل من رأس قسد في أي مشروع للتقارب معها، وهو ما يمكن أن تقبل به أمريكا في نهاية المطاف لأن بقاء تركيا خارج دائرة التنسيق مع أمريكا يشكل نقطة ضعف كبيرة في حلف الناتو الذي تعد تركيا فيه قوة مركزية عسكرياً وجيوسياسياً في أي صراع مع القطب الروسي الناهض كالصراع القائم في أوكرانيا”.

وفي الوقت ذاته أشار إدريس إلى أن “تركيا عملت على ترتيب أوراقها مع الائتلاف السوري المعارض، وذلك لتوجيه ضربة استباقية لأي مشروع يهدف لشرعنة قسد، لأن ممانعة تركيا لتمثيل الأخيرة في اللجنة الدستورية والاكتفاء بتمثيل المجلس الوطني الكردي الذي لا يستطيع بأي شكل تمرير أي مشروع انفصالي كونه يدار بيدها، إلى جانب إصرار الائتلاف برمته وكذلك الدولة السورية على رفض أي صيغة انفصالية، كل ذلك يشكل عناصر قوة بيد تركيا، ولذا جاءت إعادة هيكلة الائتلاف بطريقة تخدم النظام التركي، الذي بدأ يغير سياسته في سوريا نتيجة جملة من المتغيرات العربية والدولية الضاغطة”.

“قسد” ورقة أمريكية مرفوضة.. ما مصيرها؟

يعتقد إدريس أنّ “أمريكا ضيّقت على نفسها مجال المناورة السياسية بتبنيها لـ “قسد” المرفوضة سورياً على مستوى الموالاة والمعارضة، وتركياً على المستوى الاستراتيجي، فليس بإمكانها اللعب بهذه الورقة مع الطرف التركي إلا بطريقة الحرق والتضحية بها”، أمّا من جهة المساومة الأمريكية على الورقة مع روسيا، قال: “هذا غير ممكن، لأن روسيا ليست وحدها على ساحة الجزيرة السورية، فإلى جانبها الجيش السوري وإيران وحزب الله والقوى العشائرية والقبلية التي تتعرض لانتهاكات جسيمة وعمليات قمع وتجويع وحصار مستمرة باتت تشكل حافزاً لها لتصعيد المقاومة الشعبية التي يمكن أن توظفها روسيا وحلفاؤها بقوة للإجهاز على ما تخطط له أمريكا في الجزيرة السورية عبر توظيف قسد التي ستدفع ثمناً باهظاً لقاء تحالفها مع أمريكا، وتجاهلها للقوى الفاعلة على الأرض، وعدم قراءة المتغيرات بعين مستقبلية”.

وحول مصير “قسد” في ظل المؤشرات الحالية والمستقبلية العربية والإقليمية ختم إدريس بالقول: “إنّ التقارب الخليجي مع تركيا من جهة ومع سوريا من جهة أخرى، وتأجيل موعد القمة العربية في الجزائر لتهيئة ظروف عودة العواصم الخليجية إلى دمشق، وما يمكن أن ينتجه نسيج هذا التقارب من حرمان قسد من الدعم الخليجي الذي كان يجري لإزعاج تركيا والدولة السورية معاً، مع احتمال بعث اتفاقية أضنة بدفع (روسي- عربي)، كل هذا وذاك من شأنه الإطاحة بقسد وبمشروعها الانفصالي وربما بمباركة أمريكية بعد إخفاقها في استثمار الورقة القسدية وفق أجندتها”.

قصي المـحمد – اثر برس

اقرأ أيضا: “الدلافين” العسكرية الروسية تظهر في قاعدة سيفاستوبول..ما دورها؟

شام تايمز
شام تايمز