الأربعاء , أبريل 24 2024
المعاقل الكردية تحت النار

المعاقل الكردية تحت النار: «قسد» تُناور… في انتظار واشنطن

يكاد لا يمرّ يوم واحد على مدن الشريط الحدودي السوري مع تركيا وبلداته، من دون أن تتعرّض لقصف مدفعي أو صاروخي أو مسيّر تركي، أو من فصائل «الجيش الوطني» التابع لأنقرة، في محاولة لاستنزاف «قسد»، وإجبارها على سحب قوّاتها بعمق 30 كلم عن الحدود. وتعمّد الجيش التركي، أخيراً، استهداف القوات الكردية في معاقلها في كلّ من عامودا والدرباسية والقامشلي في الحسكة، وعين العرب في ريف حلب، لإثبات جدّية مطالبه في إخلاء كامل الشريط الحدودي، وليس فقط تل رفعت ومنبج، اللتين يُعتقد أنهما ستكون هدفاً أوّل لأيّ عملية عسكرية جديدة. وتريد تركيا، من وراء هذا التصعيد أيضاً، التأكيد أن وجود مناطق مشتركة بين «قسد» والجيش السوري أمر مرفوض، لأنه سيبقي الخطر على حدودها، وهو ما أشار إليه صراحة وزير الخارجية، مولود تشاويش أوغلو، في تصريحات سابقة، بالقول إن «الاحتماء بعلَم النظام أو ارتداء لباسه، لن يضلّل تركيا في استهداف الإرهابيين». وتَركّز القصف الأخير على مدن لم تطلْها المعارك منذ بداية الحرب على سوريا، كعامودا والدرباسية والقحطانية والقامشلي في الحسكة، بالإضافة إلى عين العرب. واستهدفت الطائرات والمدفعية التركية، أوّل من أمس، مركز مدينة عين العرب، وعشر قرى وبلدات في أريافها، بالإضافة إلى قرية سنجق سعدون في ريف عامودا شمال الحسكة، ما أدّى إلى مقتل خمسة من عناصر «قسد»، ومدنيَين اثنَين وإصابة آخرين.

وجاء هذا التطوّر بعد وقت قصير من تصريحات لتشاويش أوغلو، تحدّث فيها عن لقاء سريع جمعه مع نظيره السوري، فيصل المقداد، مشدّداً على «ضرورة إيجاد آلية للمصالحة بين النظام والمعارضة وتوحيد الجهود ضدّ الإرهابيين»، في إشارة إلى «قسد». كما أتى بعد تداول وسائل إعلام تركية معلومات عن عزم رئيس «حزب الوطن» التركي، الحليف لإردوغان من خارج الحكومة، دوغو بيرينتشيك، ورجل الأعمال إيتهام سانجاك، وآخرين، زيارة سوريا خلال الأيام المقبلة، حيث سيلتقون الرئيس بشار الأسد وشخصيات رفيعة المستوى. وأمام ذلك، ربّما رأت «قسد» أنه من الضروري التشويش على أيّ محاولات تقارب بين الجانبَين السوري والتركي، وتقويض الجهود الروسية – الإيرانية في هذا السياق، من خلال اللجوء إلى استهداف مخفر حدودي تركي من داخل قرية تل جارغلي في ريف عين العرب الغربي، بعدّة قذائف صاروخية، ما أدّى إلى مقتل جندي تركي وإصابة 4 آخرين، وفق إعلان والي أورفة. وسارعت «قسد» إلى نَفي ضلوعها في العملية، على رغم تأكيد مصادر أهلية وميدانية أن القصف تمّ من منصّة صواريخ نصبتها «قسد» لوقت قصير في قرية تل جارغلي المقابلة للمخفر المستهدَف، قبل أن يغادر عناصرها المكان. وفي المقابل، اعتبرت أنقرة أن الاستهداف فرصة لتوجيه ضربة لـ«قسد»، وإيصال رسائل إلى الجيش السوري، وفي الوقت نفسه استرضاء الفصائل المسلّحة الموالية لها، وامتصاص الغضب الذي اشتعل ضدّها في مدن الشمال، بعد تصريحات تشاويش أوغلو.

ترشح معلومات عن عزم شخصيات سياسية تركية غير حكومية زيارة سوريا خلال الأيام المقبلة

ومع تزايد حدّة التصعيد الميداني التركي، أكّد القائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، في تصريح إلى قناة «الحرة»، أن «هناك إجماعاً على رفض العملية العسكرية التركية شمال سوريا (…) ونحن على تواصل مستمرّ مع الولايات المتحدة الأميركية والتحالف الدولي بشأن التهديدات التركية»، مضيفاً أن الموقف «أقوى من العامَين 2018 و2019، وهو موقف إيجابي». وتابع أن «كامل المؤسّسات الأميركية أبدت معارضتها للعملية العسكرية التركية (…) وقيل لنا إنه في الاجتماع الأخير بين الرئيس جو بايدن والرئيس التركي الذي عقد في مدريد، هناك أيضاً أبدت أميركا موقفاً واضحاً من العملية»، مستدركاً بأن هذا «ليس على مستوى تطلّعاتهم، لأن التهديدات مستمرّة». ويشي كلام عبدي بأن «قسد»، وعلى رغم كلّ الحديث عن التقارب مع موسكو ودمشق، لا تزال تعوّل على المدَد الأميركي، مع أن واشنطن أبلغتها رسمياً أن غالبية المناطق المهدَّدة بالاجتياح التركي، تقع ضمن مناطق النفوذ الروسية. كما لم يُسجّل الأميركيون أيّ موقف تجاه سقوط قذيفة في محيط قاعدة لـ«التحالف الدولي» منذ عدّة أيام في محيط بلدة القحطانية في ريف الحسكة الشمالي، في ظلّ شكوك متزايدة بتزويد واشنطن، أنقرة، بإحداثيات عن تحركات «قسد» ومواقعها في المنطقة. وفي خضمّ ذلك، توحي المعطيات الميدانية بأن التصعيد التركي سيتواصل إلى حين قبول «قسد» بإخلاء مواقعها على الشريط الحدودي، وبعمق 30 كلم. وبهذا، تضيق خيارات «الإدارة الذاتية» في ظلّ غياب أيّ تحرّك لصالحها من الأميركيين، وإصرار الروس على مقترحهم بتسليمها الشريط الحدودي وجنوبه بعمق 30 كلم إلى الجيش السوري، أو مواجهة الهجوم التركي وحيدة.

الأخبار – ايهم مرعي

اقرأ أيضا: “قسد”: الجيش التركي سينقل قسرا عددا كبيرا من اللاجئين إلى سوريا خلال الساعات القادمة