الخميس , مارس 28 2024
من يتحكم في سعر الصرف؟

من يتحكم في سعر الصرف؟

تصريحات وبيانات كثيرة أطلّت علينا الصحافة بها خلال اليومين الماضيين عن قرب عملية تدخل سيقوم بها مصرف سورية المركزي في سوق القطع الأجنبي للضرب على أيدي المضاربين والمتلاعبين بقيمة العملة، وهي مبادرة طيبة وجميلة رغم سوابقها التي لم تثمر عن لجم حقيقي للسعر ليس لعدم فعالية التدخل بل لكونه ناقصاً.

شام تايمز

ضبط سعر الصرف عملية تكاملية بين جهات عدة وليست قاصرة على المركزي وحده، أي إنها ملف حكومة بأكملها ولكل دوره الرئيسي فيها بدءاً من وزارة المالية وصولاً إلى وزارة التجارة الداخلية وهيئة المنافسة ومنع الاحتكار، مروراً بالقوى الشرطية وغرف التجارة والصناعة، وبحسب مزاج السوق ومجرياته فالمسألة تبدأ من النهاية، في حين إنها في عمليات التدخل تنتهي في البداية، والبداية من النهاية تكون بضبط الأسعار على أساس التكاليف الحقيقية وليس على أساس مدى توفر المادة، وبالتالي الرضوخ للتاجر ومن خلفه من موزعين وباعة، لأن المواد متوفرة وبشكل كثيف جداً ولا خوف على السوق من الفجوات السلعية مهما كانت درجة الضبط المفروضة على التاجر (والكلمة هنا بالفرض حقيقية لعدم التزام هذه الفئة ومنذ بدية الحرب بتخفيف هامش الربح)، فيكون الأمر والحال كذلك رفض البائع التعامل مع سلعة تجلب له بسعرها المفروض من الموزع مخالفة رادعة تقيه شر نفسه وأذى المواطن، لتنسحب السلسلة إلى الموزع الذي سيرفض الشراء ولو بالأمانة من التاجر على أساس السعر الذي يحدده التاجر والذي سيزيد عليه الموزع بطبيعة الحال لتحقيق ربح لنفسه، وكذا حال البائع، فتكون النتيجة ضبط سعر مبيع المواد والسلع أولاً، والقائمون عليها سيكفون الجهات التنفيذية المعنية شر التعب والإجهاد لضرب المتلاعبين والمضاربين.

شام تايمز

النقطة الأخرى التي تبرز في هذه المسألة هي ضبط من يتاجرون بالعملة الأجنبية، والرواية التقليدية التي يتناقلها الناس حول دورهم في تدهور القيمة الشرائية للعملة الوطنية عبر رفع سعر القطع، انطلاقاً من أن تعامل المتاجرين بالقطع وشراءهم له بكميات يفرز شدة الطلب أمام ضيق العرض وبالتالي يرتفع سعر الصرف، فهؤلاء لهم أقنيتهم الخاصة ولا يتعاملون بمسائل من قبيل دولار الاستيراد، ولم نسمع قبلاً عن مضارب تم ضبطه اعترف أنه كان يمول بعض التجار لشراء أو استيراد مواد أولية للصناعة أو منتجات نهائية لبيعها في السوق، لكونها مواد ممولة من الدولة ولا حاجة لأحد بدولاراتهم لأجلها، ناهيك عن أن التجارة بالعملة سوق مستقل بحد ذاته ويلعب على وتر الاكتناز بانتظار ارتفاع سعر الصرف وليس رفعه، لأن المتاجر يكتنز بالدرجة الأولى وينتظر ارتفاع السعر، ولو كان المضارب قادراً على رفع السعر لما أُصيب الكثير من المضاربين في الفترات الماضية بخسائر وصلت في بعض الحالات إلى المليارية.

لعل المشكلة تكمن بداية في تحديد الهدف، وهو هدف لايمكن تحديده دون توصيف حقيقي للمسألة، والمواطن الذي يعيش على خط الفقر أو دونه تراه متحدثاً بالدولار أكثر من غيره، تبعاً لموجات الغلاء المستمرة التي تضرب الأسواق ومداخيل المواطنين الهزيلة أصلاً، في وقت يمكن فيه إبعاد تفكير الناس واهتمامهم عن الدولار بتأمين الاحتياجات الأساسية بأسعار مقبولة معقولة عبر تضييق ربح التاجر، ولا يغيب عن الذهن في هذا السياق أن لا خوف من فقدان المواد في الأسواق، لأن هم التاجر الأساسي تصريف مخزونه السلعي لتخزين غيره وببيعه تالياً، ما يعني أنه المهتم أكثر من غيره بتوفر المادة ووفرتها.

يمكن تجربة التعامل مع التجار بحزم ولو لمرة واحدة، وليتفرج الجميع بعدها كيف ستتدفق السلع وبأسعارها الحقيقية دون تلكؤ من تاجر أو موزع.

المصدر: الثورة

اقرأ أيضا: احتكار تربوي

شام تايمز
شام تايمز