السبت , أبريل 20 2024

بعد التصريحات التركية… هل تنجح الجهود الدولية في رأب الصدع بين أنقرة ودمشق؟

بعد التصريحات التركية… هل تنجح الجهود الدولية في رأب الصدع بين أنقرة ودمشق؟

شام تايمز

رغم فجوة الخلافات بينهما، لا يزال الحديث قائمًا عن رغبة تركية حقيقية في التقارب مع سوريا، وتذليل العقبات لعودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، في خطوة يرى المراقبون أنها ليست مستحيلة لكنها صعبة.
وقبل أيام، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إن بلاده ليس لديها شروط مسبقة لإجراء حوار مع الحكومة السورية، مشددا على ضرورة أن يكون للمحادثات مع دمشق أهداف، وذلك بعد تصريحات الرئيس رجب أردوغان عن ضرورة الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا.
في المقابل، قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إن دمشق تثمن الجهود التي تبذلها روسيا وإيران بهدف إصلاح ذات البين بين سوريا وتركيا، وأكد أن هناك استحقاقات لابد أن تفي بها أنقرة، منها ضرورة أن تنسحب تركيا من الأراضي السورية وتوقف دعمها للتنظيمات الإرهابية، على حد قوله.
وطرح البعض تساؤلات بشأن إمكانية نجاح الجهود الدولية في ترميم العلاقات التركية السورية، لا سيما في ظل التوترات العسكرية بين البلدين، مع إعلان تركيا رغبتها في استعادة العلاقات مع دمشق.

شام تايمز

ملفات مركبة
اعتبر الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي السوري، أن الظروف الداخلية التركية تبدو ناضجة إلى حد كبير لإنجاز” انزياح هام” في السياسة التركية تجاه الملف السوري.
وأوضح في حديثه لـ “سبوتنيك”، أن الاقتصاد التركي يعاني تحت وطأة التضخم وانهيار قيمة العملة، والرأي العام التركي يغلي نتيجة تردي الحالة الاقتصادية الضاغطة، وازدياد الأعباء الاجتماعية والاقتصادية لسياسات احتواء اللاجئين، دون أن يظهر أي حل ملائم للمسألة في الأفق المنظور.
وبحسب دنورة يدرك أردوغان أن عملية عسكرية لفرض “منطقة آمنة” في سوريا قد تتحول الى تصحيح الأخطاء السابقة بخطأ أكبر، لا سيما إذا تمت في ظل رفض روسي – إيراني واعتراض أمريكي، ولذلك الروس هم الوحيدون المؤهلون لمد خشبة الخلاص لأردوغان، على حد تعبيره.
واعتبر أن حصول تركيا على الغاز والنفط من روسيا بأسعار تفضيلية، وعبر آليات التبادل بالعملات المحلية يحمي الاقتصاد التركي من الآثار الكارثية لارتفاع أسعار النفط والغاز، كما أن الشركات التركية وجدت فرصة سانحة لها لملء الفراغ الذي أحدثه انسحاب الشركات الأوروبية والأمريكية من روسيا، فضلاً عن الاعتماد المتزايد لرجال الأعمال الروس على العمليات التجارية والمالية التي تتم عبر السوق التركية غير الملتزمة بالعقوبات.
وتابع: “من هنا فإن هناك مشهدا متصاعدا لتعاون تركي – روسي يبدو في سياقه تقاطع المصالح ما بين الطرفين في سوريا بمثابة الجزء من الكل، ورغم كل ذلك، ورغم الجهد الروسي الدؤوب والمستمر، فإن تفكيك مشهد التورط التركي في سوريا ليس سهلا ولا تلقائيًا، فالسوري والروسي معه لن يقدّما شيكات على بياض لأردوغان ليستخدمها في تحجيم المعارضة وإفراغ شعاراتها من مضمونها وسحب البساط من تحتها”.

وأوضح دنورة أن “كل المؤشرات والتصريحات تدل على أن المطلوب من تركيا أولاً اتخاذ قرار استراتيجي بالانسحاب التام من المسألة السورية عسكريًا وسياسيًا، دون أن يعني ذلك عدم وجود خارطة طريق ضرورية لتفكيك التورط التركي في دعم المجموعات المسلحة والتواجد الاحتلالي على الأرض السورية، فضلاً عن التفاهم على آليات ملائمة للطرفين تضمن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بصورة طوعية وتدريجية”.
واستطرد: “أما التركي من جانبه فيسعى لإضافة التخلص من عبء اللاجئين إلى إيجاد تفاهمات فعالة تتيح العودة إلى جوهر تفاهم أضنة، ولو بصيغ جديدة أو معدلة، بما يضمن أمن الحدود من الجانبين”.
ويعتقد المحلل السوري أن هذه الملفات المركبة تجعل الطرف السوري بحاجة لأن يرى أفعالاً أكثر مما يسمع من أقوال وتصريحات، وهذه الأفعال المنتظرة ستكون ضرورية وحيوية لاستعادة الحد الأدنى من الثقة المتبادلة بما يسمح بالمضي قدمًا نحو الحل.

دعم دولي
في السياق، اعتبر فريد سعدون، المحلل السياسي السوري، أن التقارب بين تركيا وسوريا ممكن، ولكن ليس بهذه السهولة، فالقضايا الخلافية الحساسة بين الطرفين تحتاج إلى جهود ودعم ورعاية دولية حتى يتم تجاوزها أو تذليلها ومن ثم حلها.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، فإن بعض هذه القضايا مصيرية بالنسبة للحكومة السورية ومنها استعادة السيطرة على المناطق التي تحتلها تركيا، ومسألة الـ 4 ملايين لاجئ، ومياه الفرات، وغيرها من الملفات، أما بالنسبة لتركيا فإن المسألة الكردية وقوات قسد (قوات سوريا الديمقراطية) هي أهم معضلة ستجعل حلها شرطا لتحقيق أي تقارب.
ويعتقد المحلل السياسي السوري، أن الرئيس التركي بحاجة ملحة إلى تحقيق بعض المكاسب ولو جزئيًا لتخدمه في الانتخابات القادمة، ومن أجل هذا الهدف سيضطر لتقديم تنازلات ومنها التضحية بالمعارضة السورية.
وقال أردوغان في تصريحات نقلتها وكالة “الأناضول” الرسمية، الأسبوع الماضي: “الولايات المتحدة وقوات التحالف هم المغذّون للإرهاب في سوريا في المقام الأول، لقد قاموا بذلك دون هوادة ولا يزالون يواصلون ذلك”.
وأضاف: “يتوجب علينا الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا، يمكننا من خلالها إفساد العديد من المخططات في هذه المنطقة من العالم الإسلامي. هدفنا ليس الفوز على نظام الأسد بل مكافحة الإرهاب في شمال سوريا وشرق الفرات”.

شام تايمز
شام تايمز