الأربعاء , أبريل 24 2024
شبان يعملون في تنظيف البيوت بعضهم طلاب جامعة

سوريا: شبان يعملون في تنظيف البيوت بعضهم طلاب جامعة

«العمل مهما يكن نوعه أفضل مليون مرة من مد اليد للناس»، هذا ما قاله «أحمد» الشاب الأربعيني الذي وقف أمام محل في مدينة سلمية، وراح يكنسه ويجمع مخلفات المارة من علب السجائر الفارغة وعلب الكولا وأكياس الشيبس، مقابل ما يجود به صاحب المحل عليه من قطع نقدية.

وبيَّنَ أحمد أنه كل يوم يحمل مكنسته ذات العصا الطويلة، ويجوب شارعي حماة والبريد الرئيسيين بالمدينة، ويكنس أمام المحال التي يعطيه أصحابها، ما يكفيه لإعالة أسرته المكونة من ثلاثة أولاد وأمهم.

وأوضح أن هذا العمل الحر الذي اختاره بملء إرادته، لا يحتاج إلى رأسمال ولا إلى أدوات ومستلزمات غير المكنسة، وهو أفضل بكثير من الوظيفة العامة وراتبها الشهري!.

وأوضح أن ما يجنيه منه يكفيه لتوفير مستلزمات أسرته وتسديد أجرة المنزل الذي يقطنه، ويكفيه ذل السؤال ومد يده للناس. وأشار إلى أن العمل الشريف مهما يكن نوعه فهو ستر ويحمي من الفقر. وقد حظي بقبول أصحاب المحال التي ينظف أمامها يومياً، وتشجيع الناس الذين يكبرون فيه المثابرة على هذا العمل الشريف.

أما خالد فهو شاب ثلاثيني، يطرق منازل الأهالي ويعرض عليهم شطف أدراجها مقابل أي مبلغ يدفعونه له. وبيَّنَ أنه يشطف الدرج بالتعاون مع الأهالي، حيث يمده سكان كل شقة بالمياه والقشاطة، وينجز هو عملية شطف الدرج.

وأوضح أنه يرضى بأي مبلغ من كل أصحاب الشقق، فبعضهم يعطيه 1000 ليرة وبعضهم 5000 ليرة. ولفت إلى أنه صار يشطف أدراج بعض الأبنية أسبوعياً، بناء على رغبة أصحابها الذين اتفقوا معه على ذلك.

وذكر أنه صار يصطحب معه صديقاً له ليعمل ويعيش مثله بالحلال، معتمدين على ذاتيهما لتأمين ما يحتاجانه من مال، ينفقان منه على نفسيهما ويساعدان به أسرتيهما.

أما مازن الطالب الجامعي، فبيَّنَ أنه شكل ورشة لتنظيف البيوت من أصدقائه، وأسس صفحة لها على «الفيسبوك». وأوضح أن عمل الورشة نال استحساناً كبيراً خلال فترة قصيرة، نظراً لمهارتها في التنظيف وسرعتها بإنجاز ما تطلبه منها ربات البيوت.

ولفت إلى أن أجرة «تلييف» الشقة حسب مساحتها وعدد غرفها، وهي بين 35 ألف ليرة للشقة الصغيرة و70 ألف ليرة للكبيرة. وأشار إلى أن هذا العمل يدر للورشة دخلاً جيداً، ويمكن جميع عناصرها وهم 6 شبان من متابعة دراستهم ومساعدة أسرهم أيضاً.

وحول هذه الأعمال التي يقدم عليها الشباب بينت الباحثة الاجتماعية ناريمان موسى باشا أن الظروف المادية الصعبة، وانعدام فرص العمل الجيدة، وتنامي البطالة في المجتمع السوري، كل ذلك دفع بالشباب المتعطلين عن العمل، أو الباحثين عن فرصة عمل لدى القطاع العام ولا يجدونها، لإيجاد فرص عمل حرة تناسب إمكاناتهم وتحقق لهم مردوداً يكفل لهم حياة كريمة، بغض النظر عن نظرة المجتمع لتلك الفرص أو الأعمال.

وأوضحت أن الخيارات الحكومية محدودة أو صعبة، أمام شبابنا الذين ظلوا في البلد ولم تغرهم الهجرة أو لم يستطيعوا إليها سبيلاً، والذين هم بحاجة إلى أي فرصة عمل تمكنهم من إعالة أنفسهم أو الإنفاق على أسرهم.

لذلك اتجهوا إلى أعمال أصبحت مألوفة في مجتمعنا وقد ولد بعضها خلال سنوات الحرب، ومنها: لجوء الأسر الفقيرة أو ربات بيوت، لـ«حفر» المحاشي أو تيبيس الملوخية أو سلق باذنجان المكدوس، أو طهي الطعام في المنازل، لربات البيوت العاملات بدوائر الدولة، أو جليسات أطفال أو عجائز.

وقد اضطر الشباب ومنهم جامعيون للعمل بمهن التنظيفات أو الدهان أو البيع على بسطات، أو بقطاف المحاصيل كالزيتون والكرمة والخضار وغير ذلك، لتأمين نفقات الحياة الصعبة. ولفتت إلى أن لهذه الظاهرة آثاراً سلبية كثيرة أيضاً، منها أن معظم هذه الأعمال موسمية، وهو ما يعني انقطاع مصدر دخلها غير الثابت، وأن مزاوليها بحالة بحث دائم عم عمل آخر في الشتاء مثلاً.. ورأت أنها مؤشر على تفشي البطالة وعدم قدرة الحكومة على إيجاد فرص عمل للشباب المتعطلين عن العمل، لمواجهة الغلاء الفاحش والظروف الاقتصادية الصعبة.

وتقترح الباحثة إدماج الشباب – من الجنسين – بخطط الحكومة التنموية في تنفيذ مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر ومدرة للدخل. وتقديم تسهيلات وامتيازات للمبادرات الشابة تمكنها من تنفيذ مشروعاتها، ورعاية الحكومة للمعيلات من مطلقات وأرامل، بتقديم مساعدات لتأسيس ورشات منزلية وتسويق منتجاتهن عبر السورية للتجارة، وتفعيل دور الجمعيات الأهلية في هذا المجال.

المصدر: الوطن

اقرأ أيضا: التعليم العالي: كافة جامعات التعليم عن بعد غير معترف بها.. ما عدا الافتراضية السورية