الخميس , مارس 28 2024

واشنطن تُوسّع حضورها شمال سوريا: تَحفّز سياسي – ميداني لتعطيل الحلول

واشنطن تُوسّع حضورها شمال سوريا: تَحفّز سياسي – ميداني لتعطيل الحلول

شام تايمز

علاء حلبي

شام تايمز

بالتوازي مع نشاطها السياسي الهادف إلى إحباط «مسار أستانا» للحلّ في سوريا، والمدعوم من روسيا، تُظهر عملية تتبّع لتحرّكات واشنطن على الأرض ارتفاعاً متزايداً فيها، بعد فترة سُكون نسبية، سواءً على صعيد إعادة التمدُّد في بعض المناطق، أو حتى تقديم مزيد من الدعم لـ«قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، فضلاً عن إعادة تنشيط مسار الحوار الكردي – الكردي. وفي هذا السياق، أفادت مصادر ميدانية، «الأخبار»، بأن الولايات المتحدة أعادت تنظيم انتشار قوّاتها في بعض المناطق، وأبرزها محيط القامشلي، حيث جدّدت تفعيل قاعدة كانت قد انسحبت منها في وقت سابق في قرية نقارة، جنوب غربي القامشلي، كما استقدمت تعزيزات عسكرية ولوجستية إلى قاعدتَين قريبتَين، ليصبح التوزّع الجديد للقوّات الأميركية شاملاً ثلاث قواعد في تلك المنطقة. وإلى جانب هذا الانتشار، نفّذت واشنطن، في ما يُعدّ سابقة، تدريبات مشتركة بالرصاص الحيّ مع «قسد»، قرب المثلّث الحدودي مع تركيا والعراق، تحت مظلّة «تعزيز التنسيق لمحاربة داعش»، في وقت تَكرّرت فيه التحذيرات الأميركية من أيّ تقدُّم تركي ضدّ مناطق «الإدارة الذاتية»، باعتبار ذلك تهديداً لعملية محاربة «الإرهاب».

واللافت في التصريحات الأميركية المتزايدة خلال الفترة الماضية حول «محاربة الإرهاب»، أنها جاءت متزامنة مع إعلان «داعش» تصعيد عملياته، إذ تحدّثت مجلّة «النبأ» التابعة له عن أن عدد هجماته بلغ 50، بينها 14 ضدّ الجيش السوري و«قسد» في الأيام الأولى من شهر أيلول الحالي، في الرقة والحسكة ودير الزور. وإذ شكّكت مصادر ميدانية تحدّثت إلى «الأخبار» في صحّة تلك الإحصاءات، فهي أشارت إلى أن التصعيد الذي يروّج له التنظيم يأتي متناغماً مع المواقف الأخيرة الصادرة عن واشنطن، خصوصاً بعد إطلاق حملة أمنية في مخيم الهول، الذي يمثّل أكبر تجمّع بشري لعائلات مقاتلي «داعش»، حيث أظهرت العملية التي قادتها الولايات المتحدة، ونفّذتها قوات «الأسايش» (جهاز الأمن الداخلي في قسد) نتائج غريبة، من بينها ضبط 28 نفقاً وكمّيات كبيرة من الأسلحة. وتثير المعلومات التي تضمّنها بيان رسمي صادر عن «قسد» بهذا الخصوص، تساؤلات عديدة؛ فإن كانت هذه الإحصاءات حقيقية، فكيف دخلت الأسلحة إلى المخيّم؟ وكيف حُفرت الأنفاق في منطقة تُعتبر شديدة الحراسة، ومتابَعة بشكل دقيق من قِبَل الأميركيين، ولا سيما أن «الهول» يمثّل ورقة تفاوضية تستعملها كلّ من الولايات المتحدة و«قسد» بين وقت وآخر. وإلى جانب تشكيكها في الأرقام المذكورة، لفتت المصادر إلى الاستثمار الأميركي الواضح في العملية الأمنية الأخيرة، وهو ما يفسّر المبالغة في الحديث عن نتائجها، بهدف إضفاء مصداقية على التحذيرات من عودة «داعش»، وخلْق مبرّرات لتمتين حضور واشنطن في سوريا، وبالتالي إيجاد مسارات جديدة مناوئة للمسار الروسي.

تزامنت التصريحات الأميركية التي ركّزت على «محاربة الإرهاب» مع إعلان «داعش» تصعيد عملياته

بالتوازي مع ذلك، منحت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لـ«المجلس الوطني الكردي» لعقْد مؤتمره الرابع في مدينة القامشلي السورية، وذلك بعد أن تَعثّر عقْد هذا المؤتمر طيلة الفترة الماضية، بسبب موقف حزب «الاتحاد الديموقراطي» الرافض لنشاط المجلس المرتبط بتركيا. وتَعتبر مصادر كردية هذا التحوُّل بمثابة مؤشّر إلى نيّة واشنطن فتْح المزيد من الأبواب المغلقة بين المكوّنات الكردية، وتقديم دفعة كبيرة للحوار الكردي – الكردي الذي تُعوّل عليه كحلّ يمكن أن يمنع أنقرة من الانخراط في علاقات مع دمشق، خصوصاً أنه سيكون مشفوعاً بمغريات اقتصادية واستثمارية لكلّ من «قسد» وتركيا. وتَرسم هذه التحرّكات الأميركية المتصاعدة معالم معادَلة يبدو أن واشنطن تحاول ترسيخها، على نحْو تُشكّل فيه «الحرب على داعش» مدخلاً ظاهرياً لإعادة ترتيب المشهد الميداني، ومنْع أيّ تغيير يمكن أن تفرزه مسارات الحلّ المدعومة روسياً، فضلاً عن التصدّي للضغوط المتزايدة على القواعد الأميركية، التي تتعرّض بشكل متواتر لهجمات صاروخية وبالطائرات المسيّرة. ويعني ما تَقدّم تمسّكاً أميركياً بالوجود في سوريا من جهة، وضمان استمرار «قسد» و«الإدارة الذاتية» من جهة أخرى، بالإضافة إلى محاولة ثنْي تركيا عن ميْلها الواضح نحو «الحلّ الروسي»، ونقلها من «منافس في الحرب على الإرهاب»، حيث تستثمر أنقرة «داعش» أيضاً في تسويق جزء من نشاطها العسكري في سوريا، إلى «شريك».

وأمام هذه الأوضاع، يبدو أن التحذيرات الأميركية من تصعيد «داعش» هجماته في سوريا، قد تتحوّل إلى واقع على الأرض خلال الفترة المقبلة، خصوصاً إن استمرّت الضغوط على الوجود الأميركي العسكري، ولم تثمر التحرّكات الحالية تغييرات فعلية تأْملها واشنطن، ما قد يفتح الباب بدوره أمام مشهد دموي جديد.

الأخبار

شام تايمز
شام تايمز