الثلاثاء , أبريل 23 2024
درعا.. وأصلُ الحريق!!..

درعا.. وأصلُ الحريق!!..

درعا.. وأصلُ الحريق!!..

-ما يحصل في درعا، ومنذ الأيام الأولى للأحداث فيها، لم يتغيّر، فقد وُضِعتْ المحافظة على سكّة الاستهداف، وأضحى كلّ ما فيها مستباحاً، وهو استهدافٌ خطيرٌ جدّاً، مرّ بمراحل متنوعة ومتعدّدة، وكثيرون من أبناء المحافظة لم يسلموا منه!!..

-في الحروب الحديثة تتعدّد أساليب وأدوات الصّراع والمواجهة، والشعوب عادةً لا تستطيع استدراك ذلك، كونها لا تمتلك تمريناً كافياً ينقذها من الوقوع في أفخاخ مثل هكذا استهداف، وهو ما كنّا نحذّر منه، منذ الساعات الأولى لهذا الاستهداف!!..

-لم يتبدّل أو يتغيّر شيءٌ على الإطلاق، كلّ ما في الأمر أنّ مؤسّسات الدولة تخوض معركتها، بطريقةٍ قد تبدو للبعض منّا غير واضحة وغير صحيحة، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ جدّاً، كون أنّ مؤسّسات الدولة، وتحديداً المؤسّسة الأمنيّة، تخوض معركتها بطريقتها وبأدواتها التي لا تبدو مفهومة للبعض الآخر منّا!!..

-لقد مرّت المواجهة، لا بل العدوان على المحافظة وأبنائها، بمراحل عديدة ومختلفة، وهو ما لم يسلم منه كثيرٌ من الأخوة والأبناء في تلك المحافظة، كما أنّ آخرين أيضاً لن يسلموا منه، خلال المرحلة التالية لهذه المواجهة، أو ذلك العدوان!!..

-إنّ القدرة على المحاكمة، عند بعض الأخوة والأبناء، لم تُسعغهم على الربط بين مرحلةٍ وأخرى، أو بين مراحل المواجهة والعدوان، أو لم تُسعفهم في فهم طبيعة العدوان وأصله، ومنذ لحظاته الأولى!!..

-إنّ القوى التي مهّدت لحَراك الفوضى، ومنذ ساعاته الأولى، هي ذاتها القوى التي تدفع المحافظة كي تبقى محكومة بالفوضى وعدم الاستقرار، وإن تبدّل المشهد أو تناقض بين ساعاته الأولى، وبين ما يحصل في هذه الساعات!!..
-البعض منّا يعتبر أنّ فوضى المحافظة المستمر، جاء نتيجة أخطاء ارتكبتها المؤسّسات المختصّة، في عمليات التسويات والمصالحات، ويتّهم بعضنا هذه المؤسسات، بأنّها كانت تسوياتٍ ومصالحاتٍ ناقصةً، أو غير ناضجةٍ، ويعتبر أن فوضى هذه الساعات ناتج تلك التسويات والمصالحات التي كانت غير مكتملة، أو غير صحيحة!!..

-علماً أنّ مصالحاتٍ أخرى، ليست بعيدة عن الجنوب، في ريف دمشق وأطراف العاصمة، تمّت وأُنجِزتْ على أكمل وجه، في الزبداني وفي داريا وفي دوما وفي حرستا وفي كثيرٍ من بلدات الغوطة، الغربيّة والشرقيّة!!..

-وهنا السؤال، هل تسويات ومصالحات مدن وبلدات ريف دمشق، كانت صحيحةً ودقيقةً، وتسويات ومصالحات مدن وبلدات الجنوب لم تكن كذلك؟!!..

طبعاً الجواب على هذا السؤال حكماً سيكون لا!!..

-إنّ تسوياتِ ومصالحاتِ، مدن وبلدات ريف دمشق، حَسَمَتْ الصراع في جزئيّةٍ هامّةٍ منه، في حين أن تسوياتِ ومصالحاتِ، مدن وبلدات الجنوب، لم تحسم الصراع في جزئيّةٍ أخرى منه!!..

-وهنا سؤال آخر:

لماذا حَسَمَتْ تسوياتُ ومصالحاتُ، مدن وبلدات ريف دمشق، الصراع في جزئيّةٍ هامّةٍ منه، في حين أنّها لم تكن كذلك

في الجنوب؟!!..

طبعاً.. الجواب واضحٌ جدّاً، وهو يتلخّص في أنّ المواجهة انتهت في مدن وبلدات ريف دمشق، لكنّها لم تنتهِ في مدن وبلدات الجنوب السوريّ، وتحديداً في بعض مدن وبلدات محافظات درعا والقنيطرة والسويداء!!..

-وبما أنّ المواجهة انتهت على أكتاف دمشق، ولم تنتهِ باتّجاه الجنوب، وتحديداً مع الحدود السوريّة – الفلسطينيّة، والحدود السوريّة – الأردنيّة، فهذا الأمر يفيد في تحديد جذر أصل الصّراع والعدوان!!..

-لو كان الحَراك في محافظة درعا، ومنذ ساعاته الأولى، يتعلّق بالسوريّين فقط، وبمطالب السّوريّين فقط، سياسيّاً أو اقتصاديّاً، أو حتّى اجتماعيّاً أو روحيّاً، أو حتّى بحيثيات “ثورتهم”، لكان على هذه “المطالب” وتلك “الثّورة” أن تستمرّ في مدن وبلدات ريف دمشق، أو لكان على هذه “المطالب” وتلك “الثّورة” أن تنتهيَ في مدن وبلدات الجنوب!!!..

-أمّا وأن ينكمش الصراع، كي ينحسر في الجنوب، وعلى خطوط حدوديّة متوازية مع الحدود السوريّة، فهذا يعني أنّ الصراع ينحسر وينكمش لتحديد هُويّته الرئيسيّة والأساسيّة، ونعني به بالضبط، الصراع الأساس مع كيان الاحتلال الغاصب!!..

-لن يدرك بعض الأخوة والأبناء في الجنوب ما نقوله لهم الآن، تماماً مثلما لم يدرك بعض الأخوة والأبناء الآخرين، ما كنّا نقوله لهم منذ ساعات العدوان الأولى!!..

-المواجهة في الجنوب، في محافظات درعا وأجزاء من القنيطرة والسويداء، هي مواجهةٌ صرفةٌ مع كيان الاحتلال، وهي معركة مفتوحةٌ وحديثةٌ جدّاً، تُستعمل فيها وسائلُ وأدوات وسيناريوهات ليس بمقدور الشعوب إدراكها تماماً، ويمكن للبعض منّا أن يتحوّل إلى مادة استعمالٍ غنيّةٍ في هذه المواجهة!!..

-تماماً مثلما استُعملَ كثيرٌ من أخواننا وأبنائنا، في مطلع العدوان علينا، وتحوّلوا إلى حطب حريق كبير جدّاً، أتى على الأخضر واليابس، ولم يُبقِ حجراً على حجرٍ، في كثيرٍ من مدننا وبلداتنا، وفي كثيرٍ من تفاصيل أرواحنا!!..

خالد العبّود..

اقرأ ايضاً:غارات روسية – سورية على ريف حلب الشمالي