الخميس , أبريل 25 2024

بريطانيا تشن حملة ضد روسيا بالنيابة عن اميركا:القصة الكاملة

بريطانيا تشن حملة ضد روسيا بالنيابة عن اميركا:القصة الكاملة
جورج حداد
(بريطانيا “العظمى” تنحطّ الى مستوى دمية بيد اميركا)..
هذه هي خلاصة الحملة الافترائية المصطنعة التي شنتها بريطانيا مؤخرا ضد روسيا بتهمة محاولة اغتيال عميل روسي قديم للمخابرات البريطانية.
ففي 12 اذار الجاري ألقت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي كلمة في مجلس العموم البريطاني اتهمت فيها روسيا بمحاولة اغتيال ضابط المخابرات الروسية السابق وعميل المخابرات البريطانية سكريبال وابنته بواسطة السم. وقد استندت تريزا ماي في اتهامها لروسيا الى حجج تتراوح ـ حسب تعبيرها ـ بين “ربما” و”القدرة”. وقالت تريزا ماي ان السم المستخدم يسمى “نوفيشوك” وهو من انتاج روسيا. ووصفت تريزا ماي هذا العمل بأنه اعتداء بالاسلحة الكيماوية المحظورة ضد السيادة البريطانية. وردا على هذا “العدوان الروسي” المزعوم، طلبت تريزا ماي قطع العلاقات الدبلوماسية مع روسيا واعلنت لائحة لابعاد 23 دبلوماسيا روسيا من لندن، وطلبت وضع لائحة عقوبات مشددة ضد روسيا على الطريقة الاميركية. وخلافا لكل عرف او قانون طلبت رئيسة الوزراء البريطانية من روسيا ان تبرهن انها لم تقم بشن هذا الهجوم.
وطلب الروس ان تقدم لهم عينة من اثار السم المستخدم، وإشراكهم في التحقيق، او تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة، ولكن لندن تجاهلت كل هذه الطلبات الروسية.
وقد وصفت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الاتهامات البريطانية بأنها “عرض سيركوي في البرلمان” البريطاني.
ولوحظ ان غالبية الصحف البريطانية قد شاركت في هذا “العرض” ودبجت الافتتاحيات فيها وكأنها مكتوبة سلفا وصادرة عن مصدر واحد.
وقد شنت تريزا ماي حملتها المعادية لروسيا “على الشبهة” وقبل ان يبدأ التحقيق في الحادث. وكان ناطق باسم قسم مكافحة الارهاب في الجهاز الامني الشهير سكوتلانديارد قد صرح بأن التحقيق لا يزال بعيدا عن الانتهاء. كما صرحت المسؤولة في وزارة الداخلية البريطانية إمبر راد ان دائرة المشبوهين لم تحدد بعد، وانه تم جمع 240 عينة مادية وتحديد 200 شاهد لاستجوابهم وجمع عدد كبير من كاميرات المراقبة في جميع الامكنة التي وجد فيها او مر بها المعتدى عليه وانه ينبغي استبعاد اي استغلال اعلامي وترك الشرطة تقوم بعملها.
ونلخص فيما يلي الردود الروسية على هذا الاستفزاز:
ـ ان جهاز المخابرات البريطانية MI-6 هو الذي قام بهذا الاعتداء من اجل تقديم اساس ملموس لتيريزا ماي كي تشن حملتها الاميركية ضد روسيا.
ـ ان بريطانيا تواصل انتاج الاسلحة الكيماوية بما فيها المادة السامة التي استخدمت ضد المعتدى عليه.
ـ ان احداثا سابقة من الاغتيالات لعملاء روس سابقين لبريطانيا كانت تجري بمجرد ان العميل كان يبدي التوبة والرغبة في العودة الى روسيا. والمعتدى عليه سكريبال لم يعد لديه ما يقوله للانكليز واصبح غير نافع لهم. وهذا سبب كاف لمحاولة التخلص منه.
ـ ان هذه الحملة مبنية على الافتراءات، وهي استفزاز مبيت ضد روسيا عشية الانتخابات الرئاسية الروسية الاخيرة.
ـ ان لغة الانذار والتهديد والابتزاز والعقوبات “لا تمشي” مع روسيا.
ـ ان روسيا لا تخشى شيئا او احدا.
ـ ان روسيا سترد بالمثل على جميع الاجراءات ضدها. وبريطانيا وحلفاؤها هم الذين سيخسرون.
ومن المفيد ان نذكر ان رئيس الوزراء الفرنسي الاسبق جان بيير رافارين صرح لوكالة ريا نوفوستي الروسية “ان تيريزا ماي ذهبت بعيدا في ردة فعلها قبل ان تنتظر العناصر المحددة الخاصة التي تسمح بتوجيه الاتهام” وانهم في روسيا ينظرون الى هذا الاتهام بوصفه “عامل عنف وعدوان من العالم الغربي ضد روسيا”.
وفي رأينا المتواضع انه هذا هو بيت القصيد.
فلتأكيد اتهامها الجزافي لم تنس تريزا ماي ان “تستشهد!” بأن النظام السوري قام باستخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين المعارضين له في سوريا، وأن روسيا قامت بالتغطية على هذه “الجرائم!” المزعومة للنظام السوري ودافعت عنه في مجلس الامن الدولي. وانها ـ اي روسيا ـ تحمي النظام السوري عسكريا في سوريا.
ان هذا الربط الواضح بين محاولة اغتيال ضابط سابق في المخابرات الروسية وعميل للمخابرات البريطانية مقيم منذ 2010 على الاراضي البريطانية وبين ملابسات المعركة الجارية في سوريا يدل تماما على الانخراط المباشر لبريطانيا في المعركة الدائرة في سوريا والشرق الاوسط كله. ويكفي ان نذكر ما يلي:
ـ1ـ في مطلع اذار الجاري، وعشية زيارته المرتقبة لاميركا، قام ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان بزيارة الى بريطانيا وقد احيط بحفاوة مميزة واستقبلته الملكة اليزابيث شخصيا. وجرت مفاوضات موسعة تم في ختامها توقيع عقود تجارية وتسليحية بعشرات مليارات الجنيهات البريطانية، واهمها عقد بيع بريطانيا للسعودية اكثر من 40 طائرة قتالية من طراز “تايفون”. والهدف من هذه الصفقة هو، اولا، التخفيف من عقدة الرعب السعودي من “نوايا العدوان” الإيراني، وثانيا، تشجيع السعودية على مواصلة الحرب الظالمة لابادة المدنيين والانتقام من الشعب اليمني المظلوم الذي يرفض الخضوع لعملاء السعودية.
ـ2ـ ان اميركا وكتلتها الغربية والعربية طار صوابها من النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه لتحرير الغوطة الشرقية قرب دمشق من العصابات الارهابية والتكفيرية. ولتغطية هذا الفشل للمخططات الغربية ـ الارهابية ضد الشعب السوري، اخذت الجوقة الاميركية ـ الغربية ـ العربية تشيع ان النظام السوري “سوف!” يستخدم الاسلحة الكيماوية ضد المدنيين في الغوطة. وتمت محاولات فاشلة، تصدت لها روسيا، للدعوة لعقد جلسة لمجلس الامن الدولي بناء على هذه “السوف!”. وهذا يدل على انه كانت توجد نية لاخراج مسرحية استخدام للاسلحة الكيماوية من قبل الارهابيين يتهم بها النظام السوري، ولكن هذه المحاولة فشلت.
ـ3ـ اكدت المخابرات السورية والروسية في سوريا وجود ضباط اميركيين وانكليز الى جانب الارهابيين في الغوطة الشرقية.
ـ4ـ لم يكد الامير محمد بن سلمان يضع رجله على سلم الطائرة عائدا، حتى فجرت رئيسة الوزراء البريطانية “مفرقعتها”، بعد ان كانت قبضت الثمن مسبقا.
كل ذلك يدل على وجود تنسيق مسبق اميركي ـ بريطاني ـ سعودي.
ولكن “يا جبل ما يهزك ريح!”
والغوطة الشرقية الان تشهد، كما يشهد صاروخ “سارمات” النووي الذي حضّرته روسيا لاميركا ووزنه فقط 200 طن وقوته التفجيرية بقوة الفي قنبلة كقنبلة هيروشيما فقط.
كما يشهد صمود الثوار اليمنيين واختراقهم الدفاعات السعودية بالاسلحة الخفيفة وبالصواريخ الباليستية. والآتي أعظم!
ويبدو ان تريزا ماي مشتاقة لأن ترى بأم عينيها “ميني ـ سارمات” خاص ببريطانيا وكل من يشد على يدها ويدفع لها.
العهد

اترك تعليقاً