إعلاميون أمريكيون: حرب الجولان وشيكة.. و تحذير من مثلث برمودا السوري-الأردني-الإسرائيلي
تتحدث مصادر إعلامية وبحثية عليا مقربة من الادارة الاميركية هنا في العاصمة واشنطن عن قلق متزايد من التوتر المتوقع في الاسابيع القادمة على الحدود السورية الاردنية اللبنانية مع اسرائيل. هم يتحدثون بلسان حال من بات متأكدا من ان حربا ضروسا ستنطلق شرارتها. فعلى الرغم من تفوق القوات الاسرائيلية المجهزة باحدث الاسلحة إلا أنهم يخشون من انفلات الامور على جبهة الجولان والجنوب اللبناني باتجاه سهول الجليل وشمال فلسطين لأن الحرب لا يحسمها سلاح جو ولا سلاح مدفعية بل جنود المشاة وخير مثال على ذلك الحرب ضد الارهاب في سوريا والعراق وغيرها من الدول. تلك الحرب، وفق رأي بعضهم، قد تعيد رسم خارطة الشرق الاوسط من جديد وصياغة حلف سياسي واقتصادي لم يكن متوقعا من قبل يضم ولأول مرة دولا غير عربية.
إن في ذلك إشارة الى أن الجيش الاسرائيلي قد يهزم، وهنا، وحسب تقديراتهم، فإن احتمالية انتصار سوريا في حربها ضد اسرائيل تشكل 50 بالمائة مثلما هي بالنسبة للجيش الاسرائيلي. ولكن الاخطر هو أنه إذا ما تمكن الجيش السوري من استعادة الجولان مع سيطرة حزب الله على شمال فلسطين، فما هو رد فعل الشارع العربي؟ وما هو المتوقع منه تجاه حكوماته؟ هذا هو ما بات هاجسا للكثير من السياسيين في الولايات المتحدة وغيرها من الدول. وهل سيسهم ذلك في انطلاق شرارة ربيع عربي جديد بنسخة منقحة؟
لن يستطيع أحد توقع ما سيحدث في المنطقة المتاخمة للحدود الاردنية السورية الاسرائيلية في القادم من الايام وخصوصا مع نقل الولايات المتحدة سفارتها من تل ابيب الى القدس. لكن يمكن التنبؤ بأن هناك خطة روسية في جنوب شرق سوريا انطلاقا من قاعدة التنف لاعادتها الى حضن الوطن.
في الايام الماضية، تابع الاردنيون كما هو حال باقي العرب المتاخمين للحدود مع سوريا تطورات معركة الصواريخ بين سوريا واسرائيل. ويبدو أن روسيا تريد الضغط على الولايات المتحدة واسرائيل وباقي الاطراف بالتلويح بالترسانة التي تعترض أية صواريخ معادية تنطلق من اسرائيل أو من غيرها مع الاحتفاظ بورقة قاعدة التنف المرعبة التي تريد موسكو الاستعجال في حسمها قبل نهاية يونيو لأن السيطرة على المنطقة المحاذية للاردن والعراق يعني القضاء على حلم اقامة دولة في الجنوب السوري (في حوران) والتي كان من المخطط لها ان تشمل درعا والسويداء والقنيطرة.
في الاسبوع الماضي، باتت الرغبة الروسية واضحة للضغط نحو تحرير مثلث الموت المتاخم للتنف من أي تواجد لقوات غير سورية او لحلفاء سوريا. الخطة الروسية بدأت بالزحف نحو الحدود الاردنية والاسرائيلية في آن معا للضغط على الاردن الذي بدوره يرفض وجود قوات طائفية على حدوده. لذلك كانت الاشارة الروسية للقوات الايرانية والسورية بالبدء بالمحورين معا لأن في محيط التنف قاعدة امريكية. فالقضاء على الوجود العسكري الامريكي فيها يعني تلقائيا القضاء على حلم اقامة دولة جنوبية في سوريا لأن دولة الجنوب في حال تشكلها يعني أن أسرائيل قد باتت على حدود دمشق.
اية مواجهة في الشريط الممتد من العراق الى الاردن وسوريا ولبنان وهو شريط عرضه 50 كلم تعني انفلات زمام الامور بالتزامن مع التهديد الايراني والاسرائيلي لبعضهمها البعض. وهذا ما دعا وزير الخارجية الاردنية للسفر الى موسكو مؤخرا لأن عمًان رأت بأن واشنطن عازمة على تشكيل جيب حدودي في الجنوبي السوري يفصل العراق عن سوريا وتشكيل كيان كردي وفصل سوريا عن الاردن واسرائيل وتشكيل دولة تسمى دولة حوران وهو ما ترفضه موسكو وطهران ودمشق.
لا يبدو أن التركيز في المرحلة القادمة سيكون على الجنوب الغربي من سوريا وهي منطقة الجولان بل سيكون على منطقة التنف اولا ومن ثم ستتجه القوات الى الجولان وما جاوره وهذا ما دفع اسرائيل الى اعلان حالة الطوارئ والتأهب لأن باب الحرب المفتوحة بات مفتوحا على مصراعيه وخصوصا بعد اعادة العقوبات على ايران وانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
ليلة 9 و10 مايو سهر الاردنيون وهم ينتظرون معركة الصواريخ التي قد تذكرههم بتلك التي أطلقها العراق قبل عدة عقود على اسرائيل. ويبدو أن بعض الدول تريد اشعال جنوب غرب سوريا وفق ما تريده اسرائيل في حرب استباقية لأنها تعلم أن جنوب شرق سوريا حيث قاعدة التنف في حال سقوطه بايدي القوات السورية يعني انتهاء مخطط تقسيم سوريا. فمثلث التنف الحدودي بين سوريا والعراق والاردن هو أخطر منطقة في الجنوب السوري تليها منطقة الجولان.
قد يكون من صالح عدد من الدول اندلاع الحرب على الحدود مع الاردن لكن ذلك ليس من صالح الاردن اطلاقا لأنه يعني ببساطة موجة نزوح ولجوء جديدة الى الاراضي الاردنية. فرغم أن الاردن شارك بشكل رمزي في التحالف الامريكي ضد الارهاب في سوريا الا أن هذا الدور كان من باب حماية حدود الاردن وذلك بالاستعانة بتنظيمات عشائرية على الحدود العراقية والسورية والاردنية ضد الهجمات الارهابية ومن هنا جاءت فكرة مناطق خفض التصعيد.
يبدو أننا اليوم امام مشهدين مُركبين في الجنوب السوري مع الاردن والآخر في محيط التنف. في كلا الحالتين فإن اشتعال الحرب في إحدى الجبهتين كفيل باشعال حرب ولو محدودة لجس النبض على الرغم من ان اسرائيل تدق طبول الحرب لتغيير سياسة الدول الداعمة لسوريا ومنها روسيا. وما الضربات السورية الأخيرة لعشر قواعد اسرائيلية في الجولان والتي جاءت اثناء زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنايمين نتنياهو لموسكو الا مؤشر على أن روسيا أوعزت بتلك الضربات لارسال رسائل سياسية لواشنطن وتل ابيب بأن اللعب بالنار قد بدأ وان للصبر حدود وأن روسيا وحلفاءها لن يسمحوا بتفتيت وتقسيم سوريا مهما تطلب الامر. فالجيش السوري والروسي لم يضحيا بأرواح جنودهما عبثا.
إن الحرب في التنف تعني ادخال العرب الى سوريا وفق ما يريده ترامب أما الحرب في الجنوب الغربي لسوريا فيعني تشكيل دولة قوامها 5 مليون نسمة. ولذلك فإن تلك الحرب في الجنوب الغربي لسوريا إن حدثت فإن الاردن سيجد نفسه مضطرا للدخول فيها مع احتمالية كبيرة لتدفق اللاجئين ما يفاقم الوضع الاقتصادي والامني للأردن لتسلل الارهابيين الى الداخل الاردني. هذا كله سيشكل ضغطا كبيرا سياسيا على الاردن الذي يحاول اليوم جس النبض لدرء تلك المخاطر قبل وقوع المحظور. وفي حال نجاح مؤامرة تشكيل دويلة حوران في الجنوب الغربي فإن الهدف منها سيكون حماية اسرائيل ما يعني حصارا للأردن من الجهة الشمالية وقتلا للاقتصاد الاردني الذي يمر اليوم في اصعب ظرف.
د. شهاب المكاحله – راي اليوم