بعد الشائعات حقيقة تسوية دوما..الرانج العسكري في المدينة و”جيش الإسلام” إلى الشمال هرول
علي مخلوف
دوما باتت أشبه بجزيرة صغيرة معزولة وسط تسونامي عسكري، جزيرة ضمن محيط يشكل العسكر السوري أمواجه العاتية، تحررت كل بلدات الغوطة الشرقية بعضها بالقتال والخسارة وبعضها الآخر بالإذعان والاستسلام قبل إطلاق رصاصة خوفاً من حجز تذاكر الذهاب للجحيم بواسطة مقصلة ملاك الموت.
شائعات كثيرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بعضها بقصد ولمآرب غير بريئة وبعضها الآخر من قبل مؤيدي الدولة الغاضبين من إمكانية أن يكون هناك شيء صحيح من تلك الشائعات التي تقول بأن التسوية لدوما ستقضي ببقاء ميليشيا جيش الإسلام بعد تسليم سلاحه الثقيل مقابل عدم دخول الجيش إلى المدينة، على أن يتحول عناصر عصابة جيش الإسلام إلى شرطة مدنية محلية لحفظ الأمن فيها، وتشكيل مجلس إدارة للمدينة يتكون أيضاً من مسلحين سابقين ومعارضين.
بعض ممن وصلتهم معلومات حول التسوية ونقلوها دون تصرف منهم قالوا أيضاً بأن روسيا قد تلجأ إلى تطبيق التجربة الشيشانية في دوما، وهناك آخرون توقعوا باعتماد مسلحي دوما ومعارضيها لإدارة المدينة دون دخول الجيش والأجهزة الأمني السورية إليها، مقابل أن تحيد نفسها عن أي صراع أو تعلن اعتزالها للعب دور الخاصرة الرخوة لدمشق.
كل تلك الشائعات لم تكن منطقيةً أبداً إذ أن دوما بقيت البقعة الوحيدة في الغوطة وتحريرها عسكرياً بات أسهل بكثير بعد تحرير كامل الغوطة، فالعملية العسكرية كانت مستمرة بقوة لتحرير كامل الغوطة وما تسليم البلدات التي سلمت إلا لأن هؤلاء عرفوا بأن النصر الكامل هو لجيش أصحاب القداسة فكيف يمكن أن يقبل الجيش باتفاقية مع دوما كالتي يُحكى عنها وهو كان قادراً على تحريرها بشكل أسهل من قبل؟!
إن معيار القوة والميدان ورجحان كفة الجيش في الغوطة الشرقية لا يمكن أن يقبل بتسوية مع دوما كما لو أن الأخيرة عصية على التحرير أو أنها تمتلك أوراق قوة، ثم من يضمن ميليشيا جيش الاسلام وان لا تنقض على الاتفاق لو كان صحيحاً في أية حالة اضطراب سياسي اقليمي ودولي ، ما الذي يضمن أن لا تستغل بعض الجهات جيش الاسلام لاحقاً في محاولة احداث خضة امنية او عسكرية على الجبهة الجنوبية؟ والأهم من ذلك كيف سيتم مخاطبة الجموع الكبيرة من أهالي الشهداء والجرحى عند معرفتهم بأن إرهابيي دوما قد تحولوا إلى شرطة مدنية تحفظ أمن مدينتهم بعيداً عن سلطة الدولة.
أخيراً جاء الرد الرسمي الروسي عل تلك الشائعات فقد أعلنت هيئة الأركان العامة الروسية أن مسلحي تنظيم جيش الإسلام أعربوا عن جاهزيتهم لتسليم أسلحتهم الثقيلة والخروج من غوطة دمشق الشرقية، ومن المتوقع أن ينظم انسحابهم قريباً، وما التأخير إلا بسبب إنجاز وترتيب الحافلات التي ستنقلهم إلى الشمال.
كل ما تم الحديث عنه كان شائعات ، ليبقى نصر الجيش العربي السوري هو الحقيقة الأكثر جمالاً وواقعية من أجل أن نعيشه ونستمر في ذلك.
دوما ستكون قريباً محررة بالكامل وسيدخل الرنج العسكري إلى وسط المدينة لينظم الأمن فيها ريثما تُعاد مؤسسات الدولة وخدماتها هناك، أما مسلحو جيش الإسلام فسينصاعون لأمر المنتصر في الميدان وينفذوه دون تردد .. إلى الشمال هرول.
عاجل