عقل اردوغان الصغير والوسواس القهري
ايفين دوبا
يحتاج مقياساً خاصاً جداً وبالنانو ميتر لتحديد مساحة تفكير الرئيس التركي الذي يظهر في كل مرة، وعند كل استحقاق بروتوكولي بحالة من البلاهة والتدخل في الجزئيات والصغائر، وكأن الدولة التركية لا تحتوي غير من المسؤولين عن الأمور الأخرى لتنظيمها، أو أن هذا الرجل مصاب بشكل بالغ بوسواس قهري سياسي يجبره دائما على التصرف بطريقة مثيرة للسخرية.
المسألة الحقيقية ليست فيما يعانيه رجب طيب اردوغان نفسياً، فتلك هي مشكلته هو والنظام التركي، وهذا شأن داخلي تركي، لكن المشكلة الأساس أن سياسات أنقرة الخارجية تأتي بناء على التوجهات التي يقترحها عقل اردوغان الصغير والذي لا يعي خطورة الموقف، فيدخل في أنفاق ومتاهات لا يمكن الخروج منها إلا بعد إثارة الأزمات جوانب عدة، فقبل أيام لبس الرئيس التركي بزة عسكرية وتنقل في هاتاي على الحدود التركية السورية، فيما فهم منه أنه استعراض للقوة لأن لا رسالة أخرى كانت تريد أنقرة إيصالها أكثر من ذلك.
حسنا، إنه استعراض للقوة، لكنه جاء على طريقة القبائل البدائية التي يشعر زعيمها بمقدار كبير من فقدان الثقة، فيعمد إلى هذا النوع من الظهور وربما الصراخ بصوت ثخين كي يضرب عصفورين بحجر، دفع الأرواح الشريرة التي يمكن أن تنحس توجهاته، وهذه هي إحدى طرق تفكير الرئيس التركي الحالي، وجعل الخصوم ينتبهون إلى أن هنالك زعيم قبيلة بدائية أخذت منه الشيخوخة والهزال الكثير وهو يشعر بالغضب، وفي هذه الحالة فعلى الآخرين أن يحذروا، لأنه بات لدى زعيم القبيلة بزة عسكرية، وهذا من شأنه أن ينثر الفوضى في كل مكان.
بهذه البساطة لبس الرئيس التركي بزة عسكرية ومشى أمام جنوده المنهكين في معارك عفرين، التي دخلت بالقوات التركية والتنظيمات المتشددة المتحالفة معها مرحلة جديدة قيد المجهول، وركضت لخطوات واسعة في العتمة التي لا يمكن خلالها التنبؤ بما سيظهر في أي لحظة وكم ستكون الخسائر، صحيح أن النظام التركي يستخدم تنظيمات مسلحة لاستطلاع الأرض قبل مسير قوات أنقرة والركض لمسافات لجلب الفرائس المحتملة، لكن ذلك لا يعني أنها بمنأى عن الخطر، بل هي تستدرج بطريقة سهلة إلى حيث ستصبح هي أيضا في مرمى الصيد، في وقت حينها لن يفيد معه أي غطاء دولي لأنقرة.
ما زال اردوغان مصرا على أن يمارس الدراما على خريطة الشرق الأوسط المعقدة، فقد نجوميته سريعا بعد تهليل وتصفيق مكثف من جماعة الأخوان المتشددة على أنه خليفة المسلمين المنشود، تصارع مع السعودي وفقد البركة الأميركية ووجد نفسه مع قطر وحيدا في زاوية بعيدة ضمن الحرملك الأميركي، حاول أن يعقد صفقات أخرى من خلف ظهر واشنطن فعرفت الأخيرة، لكنه مصر لأن لا خيار بديل لديه، فهو يريد أن يبقى على الكرسي لذلك يداوم البحث عن غصن آخر ليقفز عليه، ومع ذلك فهو متسمك بتلك الطريقة السمجة، عن أنه مشروع سلطان، وما زال الجميع يسخر منه في عقر داره.
عاجل
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73