الخميس , أبريل 10 2025
شام تايمز

Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

فقط في سورية.. الموظف الحكومي يدفع ضريبة أكبر بكثير من التاجر ؟!

شام تايمز

فقط في سورية.. الموظف الحكومي يدفع ضريبة أكبر بكثير من التاجر ؟!
تُدفع في الدول المتطورة الضرائب “الباهظة”، بلا إكراه وبإرادة ووعي أيضاً، لأن الخدمات المُقدمة هناك تُقنع الناس وتدلهم إلى أين تذهب أموالهم، وتتحول الأسئلة والاستفسارات إلى ثقافة وعي، أما عندما لا يجدون الخدمات “محرزة” فلن يكونوا مقتنعين بما دفعوه أو بما سيدفعونه من ضرائب! وبعيداً عن السؤال المتكرر، هل أصحاب الشركات الضخمة والاستثمارات الكبيرة يلاحقون ضريبياً؟.
بحسب مبادئ فرض الضريبة فإن كل دخل يتحقق من أي نشاط كان، ومهما كان حجمه يجب أن يخضع للضريبة، وكل دخل أو جزء لا يخضع للضريبة يُعتبر تهرّباً.
التهرب الضريبي موضوع قديم وحديث في الوقت ذاته، حيث تعاني سوريا منذ عقود من التهرب الضريبي لأسباب عديدة، والمقصود بالتهرب الضريبي حسب القانون 25 الصادر في 2003 بأنه “التخلص من الضريبة كلياً أو جزئياً باستخدام أساليب قانونية أو غير قانونية أحياناً”، وعندما يكون التهرب بواسطة المرور من ثغرات القانون فإن البعض يسميه بـ”التهرب الضريبي المشروع”.
ويندرج التهرب الضريبي تحت مسمى “الفساد الضريبي”، بحيث يتهرب الأشخاص المكلفون بدفع الضريبة، ولا يقومون بواجباتهم تجاه الدولة، ولأن أصل وجود الضريبة عبر التاريخ مرتبط بوجود الدولة، لذلك نجد أنه من أهم رموز المواطنة هو سداد الضريبة.
ووفقاً للقانون رقم 25 للاستعلام ومكافحة التهرب الضريبي، الذي نص على أن “يعاقَب المخالف في حالات التهرب الضريبي المنصوص عليها بالحبس والغرامة المالية بمقدار 200% من الضريبة، والرسم السنوي عن سنة واحدة من التكليف أو جزء من التكليف محل التهريب، لتتضاعف العقوبة في حال التكرار”، وقد وزع القانون تلك الغرامات المحصّلة على النحو التالي: “نسبة 70% للخزينة، ونسبة 10% للأشخاص الذين يكتشفون المطارح الضريبية المخفاة، ونسبة 10% للمصادرين، ونسبة 10% للعاملين في وزارة المالية”، أي أن القانون قد أعطى حوافز مالية لمكتشفي التهرب قد تدرّ عليهم أموالاً طائلة وبشكل قانوني أيضاً.
وتشير التقديرات الاقتصادية في سورية إلى أن قيمة التهرب الضريبي، تجاوزت سقف 400 مليار ليرة قبل بداية الأزمة، وقد تناسبت قيمة التهرب الضريبي تلك بالتوازي مع فقدان الرغبة والإرادة لدى وزارة المالية، في العمل على تحصيل تلك المبالغ المهدورة، وأيضاً في قدرتها على محاربة ذلك التهرب، أو محاسبة المتهربين منه، والذي بات يشكّل أحد أكبر مشكلات الاقتصاد السوري، على الرغم من المطالبات العديدة من اقتصاديين وعاملين في الشأن المالي، بضرورة إصلاح الإدارة الضريبية والنظام الضريبي معاً.
يقول الدكتور إبراهيم العدي أستاذ المحاسبة الضريبية في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق: إن الموظف الحكومي يدفع ضريبة أكبر بكثير من التاجر، ويرى أن النسبة الأكبر من الضرائب محصلة محلياً من ذوي الدخل المحدود، مضيفاً أن أسباب التهرب الضريبي أخلاقية بالدرجة الأولى وهو ما يسميه بـ “الأخلاق الضريبية”، أي أن هناك ميل لدى الناس لعدم دفع الضريبة، ولديها روح مخالفة ومعارضة القوانين والأنظمة، التي يعتبرها بعض الأشخاص شطارة، كما أن هناك أسباباً تشريعية مثل المرسوم التشريعي رقم 85 لعام 1949، الذي ما هو إلا ترجمة للقانون الفرنسي المطبق عام 1932 (حوالي 70 عاماً)، ويسمى “نظام الضرائب النوعية” وهو أحد مراسيم الرئيس حسني الزعيم الذي حكم سوريا 137 يوماً، وأصدر فيها 150 مرسوماً، وهذا النظام من الضرائب تخلت عنه كل دول العالم إلا سوريا وليبيريا.
ببساطة، قوانين الضرائب هي أكثر القوانين التي يجب أن تتغير وتتبدل، مع تطور الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. إن كبار التجار لهم “سطوة” يستطيعون من خلالها التأثير على القوانين والتشريعات، بحيث إما أن يعمدوا على إبقاء القوانين متخلفة بدون تعديل ليستفيدوا من ضعفها، أو يعملوا على استصدار تشريعات “على مقاسهم” وبما يتناسب مع عملهم.
ويتابع الدكتور العدي قائلاً: كذلك لم تستطع الحكومات المتعاقبة من عام 1949 حتى اليوم، تغيير أي مادة في القانون (قمة الفساد أن تترك القوانين العصملية)، وأحدث البديل عام 1961 فاستبدل نظام الضرائب النوعية في فترة الوحدة مع مصر بقانون “الإيراد العام”، حيث تفرض الضريبة على مجمل دخل المكلف وليس على كل نوع من الدخل، لكن بحدوث الانفصال بقي القانون حبراً على ورق ولم يتم العمل به.
مما لا شك فيه، أن التهرب الضريبي يؤدي إلى تمركز الأموال بأيدي فئة قليلة من الناس، بحيث تستطيع هذه الفئة استثمار أموالها، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار عن طريق البذخ أو الهدر أو الإنفاق “التفاخري”، كذلك فإن التهرب الضريبي يدفع الحكومة إلى العمل على زيادة الضرائب.
وكي نكون أكثر وضوحاً ودقة، نقول: كيف لموظف أن يدفع ضريبة تصل إلى 22% من دخله في حين أن الشركات تدفع 14% فقط؟! هذا لا مثيل له في العالم، أي حلّ يجب ألا يخرج عن المقولة التالية “قص صوف الأكباش أفضل بكثير من سلخ جلد الحملان”، يجب أن نفتّش في المرحلة الحالية عن أثرياء الأزمة الذين حققوا الأرباح “الأسطورية” بطرق مشروعة أو غير مشروعة وأن نخضعهم للضريبة.
نهاية نقول: حتى الآن لم يدخل أي تاجر إلى السجن بسبب التهرب الضريبي، الذي يقره القانون السوري على أنه “جريمة موصوفة” يحاسب عليها القانون، ليبقى المثل الشعبي محط اهتمام “المال الداشر بيعلم الناس عالسرقة”.
المصدر: أنطوان بصمه جي – صحيفة الأيام السورية

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز

اترك تعليقاً