لغة الصواريخ
حين نقف، بالعكازات الخشبية، على آخر الضفاف، آخر ضفاف… الأمل !
أن يقول صاحب السمو لدونالد ترامب، ولايمانويل ماكرون، ولتيريزا ماي، انه جاهز لتغطية كل تكلفة الغارات على دمشق، وأنه مستعد للمشاركة في الغارات.
هذه أمة افتراضية لا مكان لها سوى في أقبية العدم. أدونيس استغرب كيف أن العرب الذين حملوا اللآلئ الى طشقند وغرناطة بقوا أربعة قرون في سراويل سلاطين بني عثمان.
هؤلاء الذين أعطوا ابن رشد، الأب الروحي لديكارت، والذين أعطوا أبا العلاء المعري، الأب الروحي للكوميديا الالهية، قال فيهم محمد الماغوط «الأحذية البشرية على رقعة الشطرنج»…
هنا الزمن الذي يعود الى الوراء. من هو ايمانويل ماكرون وما هي مآثره، وقد أتى من عالم آل روتشيلد؟ ومن هي تيريزا ماي، وما هي تجلياتها حين تبحث عن الفتات في الطبق الأميركي؟
لا داعي لكي يتذرعوا بقصة الكلور. تذكرون قصة أسلحة الدمار الشامل التي أدت الى غزو العراق. ها هو ممزق ارباً ارباً، بالرغم من دونكيشوتيات حيدر العبادي. السيناريو يتكرر. لا مجال أمام هذه المنطقة والدخول في القرن.
المسألة تتعدى سوريا. لاحظتم الضغط الكارثي على العملة الايرانية. هنا «كعب أخيل». التسلل من الثقب الاقتصادي لتقويض نظام آيات الله الذي لا يعنينا كنظام. يعنينا كموقف قي لبنان، وقد دحرنا الاحتلال، ويعنينا في فلسطين التي تبقى جرحنا الأبدي، ويعنينا في سوريا التي أبت أن تتحول الى ضاحية عثمانية.
ضاحية عثمانية فقط؟ دنيس روس وضع خارطة أخرى للمنطقة. وكان يباهي بأن الاسرائيليين سيصلون بالدراجات الهوائية، لا بالدبابات، الى دمشق.
يفترض بحسن روحاني ومحمد جواد ظريف، وهما الوجهان الأكثر تفاعلاً معا المسار البراغماتي للعلاقات بين الدول، أن يستقيلا لأنهما وقّعا الاتفاق النووي. ولي العهد السعودي اذ وصف آية الله خميني بـ «هتلر القرن»، مع أنه رأى في ايران «نمراً من ورق»، تماهى مع البيت الأبيض والاليزيه و10 داوننغ ستريت في أن الاتفاق أشبه ما يكون بمؤتمر (ميونيخ 1938) الذي شق الطريق أمام الفوهرر في اتجاه باريس وموسكو.
لا أحد هناك سوى أميركا التي تقول بعض الدوريات المتخصصة انها على وشك الوصول الى تلك التكنولوجيا التي تصيب دولاً بأكملها بالعمى الالكتروني . هذه مسألة معقدة . الدوريات اياها تشير الى أن الربع الثاني من القرن سيشهد تحولاً دراماتيكياً في العلاقات الدولية كما في نقاط الاستقطاب.
الصحافي والسياسي الفرنسي الراحل جان ـ جاك سرفان ـ شرايبر وضع في عام 1967كتابه الشهير «التحدي الأميركي». دعا القارة العجوز، وكانت أسنانها الأمبراطورية تسقط الواحدة تلو الأخرى، الى التبعية الكاملة لـ«الكنيسة الأميركية» «لأننا في آخر المطاف قد نجد السيد المسيح في انتظارنا».
لاحظ أنه من أصل 500 شركة عملاقة في أوروبا 340 شركة أميركية. وفي مقابلة أجريتها معه لدى صدور كتابه الآخر «التحدي العالمي»، قال لي أنه منذ أن أطلقت واشنطن مشروع مارشال غداة الحرب العالمية الثانية «تحولنا الى خراف أميركية».
هنري كيسنجر وصف فلاديمير بوتين بـ«آية الله الروسي». القيصر بذل جهوداً هائلة لارساء قواعد على الأرض ترغم الولايات المتحدة على الاقرار بالاستقطاب الثنائي وحتى الثلاثي (بصعود الصين). في هذه الحال لا بد من اعادة الدب القطبي الى ما وراء الثلوج.
ليسلي غليب، الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية، رأى في بوتين الحلقة الفولاذية التي يستحيل كسرها. قال ان ترامب هدد بالصواريخ الذكية التي لا تتمكن المنظومات الروسية المتطورة من التصدي لها. يفترض به أن يكون أكثر ذكاء من الصواريخ اذا كان هذا ممكناً. بوتين يعتبر أن الصواريخ موجهة اليه شخصياً ولأسباب لا علاقة لها بالغازات السامة. هنا السؤال… كيف سيتعامل مع الصواريخ اذا أخفقت المستشارة أنغيلا ميركل في الحد من الجنون الأميركي؟
ما يستشف من معلقين روس قريبين من الكرملين أن الرئيس الأميركي الذي لاحظ كيف أن باراك أوباما تمكن من تفكيك الترسانة الكيميائية السورية، يراهن، بهلوانياً، على دفع الأمور في اتجاه تفكيك الترسانة النووية الروسية.
مثلما هي ساعات الاختبار الكبير هي ساعات الحقيقة الكبرى. الصواريخ لا تفقه سوى لغة الصواريخ…
نبيه البرجي- الديار
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73