الخميس , ديسمبر 26 2024
شام تايمز

Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

تفاصيل لا تعرفونها. ليلة العدوان على دمشق

شام تايمز

تفاصيل لا تعرفونها. ليلة العدوان على دمشق
محمد منصور
بعد انقشاع غبار العدوان الجوي والصاروخي على سوريا فجر أمس السبت، يجب أن نفحص بعناية مقدمات ونتائج هذه الضربة، التي نتج عنها عدة إعتبارات مهمة أكثر أهمية هو “نصر سوري جديد على المستوى العسكري”.
كافة المراقبين للشأن العسكري في المنطقة كانوا ينتظرون وصول التعزيزات البحرية الأميركية إلى منطقة شرق المتوسط، سواء من القواعد البحرية الأميركية، أو من الموانئ الإيطالية والإسبانية، فحتى ساعات من بدء العدوان، لم يكن للبحرية الأميركية في شرقي المتوسط سوى المدمرة “دونالد كوك” من الفئة “Arleigh Burke” المزودة بالصواريخ الموجهة، بجانب الغواصة “جون وارنر” من الفئة “فيرجينيا”.
بقيّة القطع البحرية الأميركية في المتوسط كانت موزعة على موانئ اليونان وإيطاليا وقاعدة الناتو البحرية في ميناء روتا الإسباني، هذه القطع هي 5 مدمرات من الفئة “Arleigh Burke” وهي “روس”، “بورتر”، “كارني” و”لابون”، يضاف إليها 3 سفن إنزال بحري الأولى من الفئة “Wasp” وهي “أيو جيما”، والثانية من الفئة “سان أنطونيو” وهي “نيويورك”، والثالثة هي “بيرل هاربور” من الفئة “Harpers ferry” ، تتمركز هذه القطع بشكل رئيسي في قاعدة روتا البحرية الإسبانية كجزء من منظومة الدفاع الصاروخي لحلف الناتو.
أرسلت البحرية الأميركية لدعم هذه القطع قوة ضاربة مكوّنة من حاملة الطائرات “هاري ترومان” مصحوبة بالطراد الحامل للصواريخ “نورماندي”، والمدمرات الحاملة للصواريخ “آرلي بورك”، و”بالكلي”، و”فوريست شيرمان”، و”فاراغوت”.
على ما يبدو فإن القيادة العسكرية الأميركية فضلّت عدم انتظار وصول هذه القوة، وقررّت البدء في تنفيذ عملية هجومية محدودة جداً تقترب كثيراً في ملامحها من الهجوم الصاروخي على مطار الشعيرات العام الماضي، لكن كانت السمة المميزة في هذه العملية هو مشاركة كل من فرنسا وبريطانيا فيها.
على مدار الأيام السابقة للهجوم، شهدت منطقة شرق المتوسط نشاطاً استطلاعياً مكثفاً شاركت فيه عدة دول، بريطانيا نفذت عن طريق طائرات الاستطلاع من نوع “Sentinel R1” انطلاقاً من قاعدة أكروتيري الجوية في قبرص، عملية لاستطلاع الأهداف التي يحتمل ضربها خلال الهجوم، كذلك نفذّت طائرات الإواكس “Boeing E3” التابعة لحلف الناتو عمليات مراقبة للحدود السورية الشمالية انطلاقاً من قاعدة قونيا الجوية التركية. سلاح الجو الأميركي نفّذ طلعات استطلاعية مكثّفة باتجاه المدن الساحلية السورية بطائرات الاستطلاع “P-8A” و”RC-135V” والطائرات دون طيار “RQ-4” انطلاقاً من قاعدتي سودا في جزيرة كريت وسيغونيلا في جزيرة صقلية.
إسرائيل لم تغب عن هذه العملية، حيث شاركت في عمليات الاستطلاع بطائرات “GulfStream V”.
قسمّت قيادة عملية العدوان الثلاثية محاور الهجوم إلى محورين رئيسيين، المحور الأول هو محور شرق المتوسط، والمحور الثاني هو محور جنوب سوريا. كل محور انقسمت مهام الهجوم فيه إلى ثلاثة أقسام بحرية وجوية وداعمة.
في ما يتعلق بمحور شرق المتوسط، كان الدور الهجومي فيه على المستوى الجوي مقسما بين طائرات سلاحي الجو البريطاني والفرنسي، حيث شاركت من قاعدة أكروتيري البريطانية في قبرص أربع قاذفات من نوع “تورنيدو جي أر 4” أطلقت ما مجموعه ثمانية صواريخ جوالة من نوع “ستورم شادو”، ومن قاعدة سانت ديزيه شمالي شرق فرنسا خمس مقاتلات من نوع “رافال” أطلقت ما مجموعه عشرة صواريخ جوالة من النسخة الفرنسية من صواريخ ستورم شادو “Scalp-EG”.
المستوى البحري في هذا المحور شاركت فيه المدمرة الأميركية من الفئة “Arleigh Burke” دونالد كوك، وأطلقت سبعة صواريخ جوالة من نوع “توماهوك”. كما شاركت الغواصة الأميركية من الفئة “فيرجينيا” المسماة “جون ورانر” بإطلاقها ستة صواريخ توماهوك، والمدمرة الفرنسية المضادة للغواصات “Aquitaine”، التي أطلقت ثلاثة صواريخ جوالة تستخدم للمرة الأولى قتالياً من نوع “MDCN” التي يبلغ مداها 250كم ودخلت للخدمة على متن هذا النوع من المدمرات عام 2015.
أما بالنسبة لمستوى عمليات الدعم في هذا المحور، فقد شاركت فيه بحرياً المدمرة البريطانية “دانكن” من الفئة “Daring”، وغواصة بريطانية من الفئة “Astute”. أما جوّاً فقد تمّت العملية بدعم من أكثر من عشر طائرات تانكر للتزويد بالوقود جواً من نوعي “kC-10A” و”KC-135FR” تمركزت في قاعدة سودا الجوية، وطائرتي أواكس من نوع “Boeing E3″، بجانب تشكيلات للحماية الجوية من احتمالية تدخل المقاتلات الإعتراضية الروسية، تتكون هذه التشكيلات من 7 مقاتلات أف16 و8 مقاتلات أف15 تمركزت في قاعدتي أفيانو الإيطالية وسيغونيلا الصقلية، يضاف إليها 4 مقاتلات من نوع “تايفون” كانت مستعدة في قاعدة أكروتيري الجوية بقبرص، وتشكيل من 5 مقاتلات ميراج2000 تابعة لسلاح الجو الفرنسي.
المحور الهجومي الثاني هو محور جنوبي سوريا، وقد تم تقسيم الدور الهجومي فيه على المستوى البحري بين الطراد الصاروخي التابع للبحرية الأميركية من الفئة “Ticonderoga” المسمى “Monterey” المتمركز في البحر الأحمر، وشارك في الضربة بإطلاق 30 صاروخ توماهوك، وبين المدمرة الأميركية هيجنز من الفئة “Arleigh Burke”، والتي أطلقت من موقع تمركزها في الخليج العربي 23 صاروخ توماهوك.
على المستوى الجوي، كان الدور الجوي الهجومي الوحيد في هذا المحور هو لتشكيل من القاذفات الإستراتيجية الثقيلة “B-1B” أنطلق من قاعدة العيديد الجوية في قطر، وأطلق 19 صاروخاً من نوع “Jassm-ER” وهو نوع محسّن من صواريخ الكروز بعيدة المدى يستخدم للمرة الأولى قتاليا، ويبلغ مداه الأقصى 1000كم ودخل للخدمة عام 2014، ويتميز بخصائص مقاومة للرصد الراداري. على مستوى الدعم، حلقت خلال العملية طائرة “Bombardier E11A” وهي تعد مركز طائر للتحكم في اتصالات ميدان المعركة، وللتنسيق بين الفروع العسكرية المشاركة في الهجوم، كما شاركت أيضاً أعداد من طائرات التانكر “C-135FR”، بجانب تشكيل للحماية الجوية من مقاتلات “F22” انطلاقاً من قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات المتحدة، ومقاتلات أخرى جاهزة للدعم عند الحاجة في قاعدة موفق السلط الأردنية.
نتائج الهجوم العدواني كانت معبّرة مرة أخرى عن الفشل الأميركي في استخدام الصواريخ الجوالة، وإعادة مكبّرة ومضاعفة لنتائج الهجوم الصاروخي على مطار الشعيرات، لكن قبل الخوض في هذه النتائج لابد من الإشارة إلى الإجراءات الاحترازية التي نفذها كل من الجيشين الروسي والسوري قبيل الضربة، حيث أعلنت البحرية الروسية في الحادي عشر من الشهر الحالي عن بدء مناورات بحرية قبالة الساحل السوري، وقامت إثر ذلك بإخراج كافة قطعها البحرية المتواجدة في الموانئ السورية إلى منطقة المناورات عدا غواصة واحدة، وهي 9 قطع قتالية وسفينتي شحن تضم كاسحة ألغام من الفئة آمور، فرقاطة من الفئة “أدميرال جريجوروفيتش” المسماة “الأدميرال أيسين”، غواصتين من الفئة كيلو ، زورقي دورية من الفئة”Grachonok”، سفينة تموين بالوقود من الفئة “Olekma” ، سفينة إنقاذ ودعم من الفئة “Okhtensky” وسفينة إنزال من الفئة “Ropucha”.
على المستوى الجوي نفذّت القوات الجوية الروسية قبل بدء الهجوم عمليات مراقبة للساحل السوري، نفذّها تشكيل من قاذفات السوخوي 34 ومقاتلات سوخوي 30، بجانب مشاركة لطائرات “الأواكس” الروسية”A-50″، هذا التشكيل قام بعدة عمليات عبور فوق المدمرة الأميركية دونالد كوك وفرقاطة الفريم الفرنسية، وقد لوحظ تسلّح هذه الطائرات بتسليح كامل، حيث تسلحت قاذفات السوخوي 34 بصواريخ مضادة للقطع البحرية من نوع”KH-35″، وتسلح مقاتلات السوخوي 30 بصواريخ جو – جو.
كما طلب سلاح الجو الروسي من إيران استخدام قاعدة همدان الجوية للتمركز مؤقت لقاذفاتها بعيدة المدى وطائرات التزوّد بالوقود عند الحاجة، وهو النبأ الذي تم تعزيزه برصد تحرك تشكيل مكوّن من قاذفتين بعيدتي المدى من نوع “تي يو 160″، ترافقهما طائرة تزويد بالوقود من نوع “اليوشن 78 أم” من قاعدة أنجيلس الجوية الروسية باتجاه المنطقة.
بالإضافة إلى عملية إخلاء المناطق المحتمل ضربها خاصة المطارات العسكرية، قام سلاح الجو السوري قبيل بدء الضربة بتنفيذ عدة تدابير لتأمين سلامة الطائرات المهمة في ترسانته من أية أضرار، فقام بعملية إعادة تموضع لقاذفاته من نوع سوخوي 24 من قاعدة التيفور إلى قاعدة كويرس الجوية، كما قام بنفس الشئ في ما يتعلق بطائرات النقل العسكري المتوفرة لديه.
بفحص نتائج الهجوم الصاروخي والجوي على سوريا فجر السبت، نجد أن مجموع ما تم إطلاقه من صواريخ خلال هذا الهجوم الذي أستمر لمدة 50 دقيقة هو 105 صاروخ، تم إطلاقها على 3 دفعات، كان لصواريخ التوماهوك فيها نصيب الأسد بنحو 65 صاروخ. الأهداف كانت عدة قواعد جوية هي مطار بلي العسكري جنوبي شرق دمشق “18 صاروخ”، مطار دمشق “أربعة صواريخ”، مطار الضمير العسكري في القلمون الشرقي “12 صاروخ”، مطار الشعيرات العسكري شرقي حمص “12 صاروخ”، مطار المزة العسكري غرب دمشق “13 صاروخ”، بالإضافة إلى 30 صاروخاً أستهدفت مناطق في العاصمة وريفها وهي مناطق برزة وجمرايا والكسوة وجبل قاسيون، و16 صاروخاً في محيط منطقة الرحيبة غربي مدينة حمص.
كانت نسبة إسقاط الصواريخ في الهجوم على مطار الشعيرات العام الماضي تصل إلى 50 بالمائة من 59 صاروخاً تم إطلاقهم، في هجوم فجر أمس السبت تعدت نسبة الإسقاط 70 بالمائة، حيث تمكنت وسائط الدفاع الجوي السورية بكامل أنواع منظوماتها وفي مقدمتها منظومتي بانتسير القصيرة المدى وبوك أم متوسط المدى، من إسقاط 71 صاروخ، وهو ما يشكّل الجانب الأول من جوانب الفشل الثلاثي لهذا الهجوم.
الجانب الثاني يتعلّق بالأهداف التي تم استهدافها، لم يصل إلى مطارات دمشق والضمير وبلي والشعيرات أية صواريخ على الإطلاق، حيث تم إسقاط كل الصواريخ التي حاولت استهداف هذه المطارات، كما أن وسائط الدفاع الجوي في مطار المزة تمكنت من إسقاط 9 صواريخ حاولت استهداف المطار، ولم يصل إليه سوى 4 صواريخ لم تؤثر على عمليات تشغيله.
كذلك فشلت عملية استهداف مناطق غرب حمص، حيث تم إسقاط 13 صاروخاً من إجمالي 16 تم إطلاقهم في هذا الاتجاه. الثقل الأكبر لعدد الصواريخ المطلقة، وللنوعيات الحديثة منها تم توجيهه نحو مناطق العاصمة دمشق، والتي لم يتم تسجيل أضرار كبيرة فيها سوى في منطقة البحوث العلمية في برزة ومناطق أخرى في جبل قاسيون والكسوة، وفي هذا الاتجاه وصل إلى العاصمة 23 صاروخاً وتم اعتراض سبعة صواريخ. وإجمالاً نستطيع أن نعتبر حجم الأضرار القليل بالمقارنة بحجم الصواريخ والإمكانيات العسكرية التي تم استخدامها، واستمرارية عمل كافة المطارات السوري المستهدفة، أنها الجانب الثاني من جوانب الفشل الثلاثي في هجوم فجر أمس.
الجانب الثالث من جوانب هذا الفشل فتتعلق بتكرار نفس سيناريو هجوم الشعيرات، مع استخدام مكثف ومضاعف للوسائط البحرية والجوية، وهو ما يعني استنزاف موارد مادية كبيرة دون تحقيق أية أهداف إستراتيجية أو ميدانية، في الواقع وصلت القيادة العسكرية الأميركية في الساعات الأخيرة قبل بدء الهجوم إلى قناعة بأن الهدف الوحيد من تنفيذ هذا الهجوم هو تنفيذه في حد ذاته، للحفاظ على صورة الولايات المتحدة التي أعلن رئيسها بوضوح عن قرب عدوان بلاده على دولة مستقلة وذات سيادة، دون أن يدرك أن تنفيذ الهجوم بالشكل الموسع الذي كان مخططاً له سابقاً، يعنى بالضرورة مواجهة مفتوحة من روسيا، وهذا كان السبب الرئيسي في تعجيل الولايات المتحدة لهجومها دون انتظار وصول التحشيد البحري الكبير المرسل إلى المنطقة.
الميادين

شام تايمز
شام تايمز
شام تايمز