جودة منخفضة وأسعار “واو”…وأهل الكار يلقون الكرة بملعب المواطن!
أثناء اجتماع رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس مع الصناعيين مؤخرا وبحثه قضايا ومشاكل القطاع الصناعي لوضع حلول لها، طالب أحد الصناعيين بإيقاف استيراد السيراميك، ليدعو رئيس مجلس الوزراء أصحاب معامل السيراميك إلى البحث عن أسباب عدم قدرة السيراميك المصنع محليا على منافسة المستورد. أي أن المهندس خميس (وضع يده على الجرح) كما يقال بالعامية، فالأمر لا يتوقف على إنتاج السيراميك وعدم قدرته على منافسة المستورد، بل إن الأمر يمتد ويتسع ليشمل الكثير من السلع والخدمات التي يقدمها القطاع الخاص وحتى العام، فالجودة للأسف باتت بأدنى مستوياتها في الكثير من السلع المصنعة محلياً، طبعا لا يمكن التعميم، حيث أن هناك بعض الشركات لا تزال تحافظ على مستوى جودة منتجاتها وبالتالي على أسمها في الأسواق السورية والخارجية.
معادلة غير مفهومة
ما يثر العجب، أن الكثير من السلع رديئة في اسواقنا وهي بنفس الوقت مرتفعة الثمن، أي أن هناك معادلة غير مفهومة..فالسلع مرتفعة الثمن يجب أن تكون ذو جودة عالية، وليس العكس، وهنا نجد أن الخلل الأساسي هو ضعف القدرة الشرائية لمعظم المواطنين ما دفع بالكثير من الصناعيين والمنتجين لتخفيض كلف إنتاجهم وتخفيض جودة بعض سلعهم لتناسب القدرة الشرائية للمواطنين، حيث بين بعض الصناعيين أنهم مضطرون لفعل ذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج من المواد الأساسية وأجور العمالة والنقل والشحن وحتى الكهرباء، ما أدى إلى زيادة مضطردة في تكلفة الإنتاج، والتي انعكست على أسعار السلعة النهائية وبالتالي على المستهلك نتيجة هوامش الربح التي تضاف أيضا بين الحلقات التجارية، رغم تخفيض جودة المنتج. وهذا من شأنه الأضرار باسم الصناعة الوطنية والأضرار أيضا بالمستهلك النهائي الذي يشتري هذه السلعة، ورغم التخفيضات في كلف إنتاج السلع المحلية لتناسب دخل المواطن، إلا أن ذلك لم يتحقق وبقيت هذه السلع بعيدة عن متناول الكثير من المستهلكين، فمثلا: أسعار الألبسة رغم رداءة الكثير من أنواعها في أسواقنا لا تزال خارج نطاق القدرة المادية للمواطن السوري، فهل يعقل أن يبلغ سعر بنطال 12 الف ليرة، وسعر طقم بناتي أكثر من 18 ألف ليرة وسعر الحذاء بعد التخفيضات 15 ألف ليرة!!.. أي أن هذه الأسعار تمثل أكثر من ثلث راتب الموظف وربما تشكل راتبا كاملا لبعض الموظفين من الفئات الأخرى..
أمثلة من الأسواق
للأسف بعض الشركات الصناعية باتت لا تعرف الرحمة اتجاه المستهلك، وخاصة الغذائية منها، فالتلاعب واضح بالشكل والمضمون، رغم أنها قامت برفع أسعار منتجاتها لأضعاف مضاعفة مقارنة مع أسعار قبل الأزمة وفروق ذلك تذهب إلى جيوبهم. فنجد مثلا، بعض أنواع الحلاوة في أسواقنا وذو علامة تجارية مشهورة، تقوم بتقليص عبوتها من الأسفل، لتقل كمية الحلاوة الموجودة ضمن العبوة، رغم أن هذه المادة تعتمد على الوزن وليس على العبوة، إلا أنه يتم التلاعب بشكل العبوة لتحوي كمية أقل من الكمية التي يجب أن تكون ضمنها، وأيضا تقوم بتسميك العبوة على حساب الوزن، وأيضا نجد أن هذه السلعة فقدت الزيت وباتت عبارة عن سكر فقط دون وجود للطحينة إلا بنسب ضئيلة جدا… أيضا يمكن طرح مثال آخر، عبوات اللبن واللبنة رغم أن الوزن يجب أن يكون دقيقا فيها، إلا أن العبوات لا تمثل الوزن الحقيقي للمادة، فالعبوات تتسع لـ900 غرام في حين أن الوزن الحقيقي يجب أن يكون كيلو وليس أقل من ذلك، رغم رفع أسعار مشتقات الحليب بالمجمل، أيضا سلعة أخرى مثل البسكويت، فأحجام البسكويت بشكل عام تقلص ونقص عددها وتضاعف سعرها وانخفضت جودة المنتج أيضا، وحتى أكياس (الشيبس) التي تنتجها بعض الشركات فهي ممتلئة بالهواء أكثر من كونها ممتلئة بالبطاطا، حتى البيض يتم التلاعب بوزنه فنجد أن صحن البيض يحوي صحنين من الكرتون في الأسفل بدلا من الصحن الواحد، وذلك لزيادة وزن الصحن على حساب وزن البيض.. والأمثلة كثيرة بالنسبة للسلع الغذائية التي بات مجملها يتم التلاعب بشكلها ووزنها وجودتها رغم تضاعف أسعارها عدة مرات.
ناهيك عن السلع والأدوات الكهربائية التي باتت جودتها دون الصفر، فهي مرتفعة الثمن كثيرا ولكن عمرها الافتراضي لا يتعدى الشهر أو الشهرين من الاستهلاك.
المنافسة تحتم الجودة
أي يمكن القول بأن أسواقنا تفتقد الجودة ومستهلكنا هو الضحية، فهو يتعرض للغبن مرتين في السعر والجودة، وليس ذنبه بأن يكون دخله ضعيف بل الذنب هنا جشع بعض المنتجين والمستوردين والصناعيين الذين أهمتهم جيوبهم فقط، وأيضا لا يمكن إنكار تعملق الأسعار والتضخم الذي حصل نتيجة الحرب القذرة التي تشن على سورية، والفجوة الكبيرة بين دخل المواطن وبين الأسعار والتي تحتاج إلى ترميم سريع عبر زيادة الأجور، ليس للموظفين فقط بل لجميع العاملين في القطاع العام والخاص لأن ذلك سينعكس على الأسواق بانتعاش الحركة والمبيعات وبالتالي بزيادة الإنتاج، وزيادة التنافسية بين المنتجين والذي من شأنه أن يحتم على الصناعي أن يرفع من جودة منتجه، كون إلى الآن يوجد احتكار في الأسواق فرضته الأزمة، فنجد أن صناعي أو صناعيين فقط يقومون بإنتاج مادة واحدة في الأسواق نتيجة خروج بقية المعامل عن الإنتاج لتعرضها للتخريب او الهدم بفعل الأزمة.. ومع عودة المصانع إلى العمل بات محتما على بعض الصناعيين رفع مستوى إنتاجهم والابتعاد عن التلاعب بمواصفات وأوزان منتجاتهم، لانهم لن يكونوا الوحيدين في الأسواق، بل أصبح هناك منافسين، وعليهم أن يحافظوا على أسم سلعتهم.
يشار إلى أن رئيس غرفة تجارة دمشق محمد غسان القلاع ذكر في العديد من تصريحاته، أن إيجاد جو من التنافسية بين جميع الأطراف سواء أكانت مؤسسات عامة أم شركات أهلية أمر مهم وضروري يساهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني إلى الأمام, ولكن يجب ألا تقتصر المنافسة على عامل الصنف وتوافره في الأسواق فقط بل يجب أن تشمل الجودة والأسعار أيضا، كما ذكر في تصريح له أن توريد المنتجات ذات الجودة المتدنية مرتبط بالقدرة الشرائية للمواطن، وبضعف القدرة الشرائية للتجار الذين يقومون باستيرادها، مؤكدا أن المنتجات التي تتميز بالمواصفات والجودة العالية مرتبطة بالبلدان القادرة على دفع تكاليف تلك المنتجات، كما بين أن الشركات المحلية لم تصل بعد إلى مرحلة دمج الجودة بالإنتاج وهذا أمر خطأ، مبيناً أنه في حال أردنا التقيد بإنتاج صناعي وحراك تجاري علينا أن نقرن الجودة بالإنتاج.
سينسيريا
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73