الصين تحذّر أميركا
جورج حداد
بنتيجة الهزيمة التامة لعصابات الارهابيين التكفيريين في غوطة دمشق، واضطرار بقاياهم للنفاذ بجلودهم هم وعائلاتهم، جن جنون أسيادهم، وأسرع ولي العهد السعودي للقيام بزيارة بريطانيا واميركا وفرنسا، حيث دفع مئات مليارات جديدة من الدولارات، فصدحت معزوفة هائلة من النباح الهستيري ضد روسيا وسوريا وايران، بتهمة استخدام الاسلحة الكيماوية، وطبعا انضم كيان العدو الاسرائيلي الى “اوركسترا النباحين”. وقد تمخضت هذه الحملة الاعلامية المسعورة أخيراً عن الضربة الصاروخية الفاشلة، الأميركية ـ الفرنسية ـ البريطانية ضد مواقع الأسلحة الكيماوية المزعومة في سوريا.
وعلى هذه الخلفية انبرى رئيس الـ”سي آي ايه” ووزير الخارجية الجديد لدونالد ترامب مايك بومبيو أمام الكونغرس الأميركي ليقدم عرضاً للخطوط العريضة للسياسة الخارجية التي سينتهجها. وفي رأس مهمات السياسة الخارجية الأميركية كما يراها بومبيو معاداة روسيا والصين وكوريا الشمالية وايران وسوريا.
تقابل روسيا حملة “النباح الاميركي ـ الناتوي” ضدها ببرودة أعصاب عجيبة. وكل أنواع الاستفزازات لا تخرجها عن طورها واتزانها، ولن تغير قيد شعرة في عقيدتها العسكرية التي تقول: “لن نكون معتدين… ولكننا لن ننتظر الضربة الأولى كما جرى في الحرب العالمية الثانية… الضربة الاولى ستكون لنا… وهي حتما ستكون الضربة الاخيرة… لانها ستكون ضربة نووية: عماد الاستراتيجية الروسية”.
ونشير هنا الى أن روسيا أعدت لأميركا “هدايا” خاصة، يكفي أن نذكر منها فقط اثنتين:
الاولى ـ الغواصات النووية التي تحمل كل منها أكثر من عشرة صواريخ نووية من طراز “بولافا” (وهو نسخة معدلة عن صاروخ توبول ـ M الذي يزن 100 طن. اما بولافا فيزن 30 طنا. وهذه الغواصات تربض على مدار الساعة 365 يوما في السنة قرب المياه الاقليمية الاميركية في جميع المحيطات المحيطة بأميركا.
الثانية ـ صاروخ سارمات الذي وضعته روسيا مؤخراً في الخدمة، وهو نسخة مطورة عن صاروخ توبول ـ M، ويزن سارمات 200 طنّاً ويحمل شحنات نووية قوتها التفجيرية تبلغ 20.000 ضعف القوة التفجيرية لقنبلة هيروشيما.
أما كوريا الشمالية فإن صواريخها الباليستية حاملة القنابل النووية جاهزة للانطلاق في كل لحظة ضد الاراضي الاميركية ذاتها. واذا لم تتخل أميركا ومن لف لفها عن سياسة الحصار وتضييق الخناق ضد كوريا، فلا شيء ينقذ اميركا من القبضة الصاروخية ـ النووية الكورية الشمالية سوى الوساطة الصينية والروسية.
أما بالنسبة لسوريا (ومعها حلفاؤها) فإنها لن تتراجع البتة عن متابعة تطهير الارض السورية من جميع العصابات الارهابية التكفيرية والجيوش الاجنبية المحتلة واستعادة السيادة على كافة الاراضي السورية.
واما بالنسبة لايران والمقاومة الوطنية الاسلامية بقيادة حزب الله في لبنان والمقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني البطل، فليس من قوة تجعلها تخضع للاملاءات والقرارات الاميركية ـ الناتوية ـ السعودية ـ الاسرائيلية. وكل القبب الحديدية وجدران العزل لن تحمي اسرائيل من مصيرها الاسود المحتوم.
يبقى أن نتوقف عند الصين التي تنتهج سياسة معتدلة لا يفهمها الكثيرون.
الا ان وزير الخارجية الاميركية الجديد بومبيو يعتبر الصين عدوا رئيسيا للولايات المتحدة الاميركية، تجب محاربته.
ولكن الصين، التي تحرص على السلم العالمي، وتشفق على الولايات المتحدة الاميركية فيما لو اندلعت الحرب العالمية النووية، من ان تغرق اميركا في قاع المحيط، فإنها ـ اي الصين ـ ترد بحزم على السياسة العدائية الاميركية، ولكن بهدوء وبدون جعجعة “ترامبية”. وهي تنصح اميركا والا تكون نهايتها. ونكتفي بأن نسجل الوقائع التالية:
1- كتبت الجريدة الحكومية الصينية التي تصدر بالانكليزية Global Times: ان جمهورية الصين الشعبية لن تتغاضى ابدا عن السياسة الاميركية المتعالية تجاه بكين.
2- في الشهر الماضي قام الرئيس الكوري الشمالي يرافقه وفد كبير بزيارة رسمية الى بكين. واستقبل بحفاوة بالغة من قبل القيادة الصينية، وجرت مباحثات سرية وعلنية مطولة بين الطرفين.
3- ردا على المناورات البحرية الاميركية، قرب المياه الاقليمية الكورية الشمالية والصينية، والتي شاركت فيها ثلاث حاملات طائرات اميركية، بدأت الصين في 5 نيسان الجاري مناورات بحرية لا سابق لها من حيث الحجم، شاركت فيها اكثر من 40 سفينة حربية صينية.
4- كشفت الصين عن انها وضعت في الخدمة القاذفة الصينية الجديدة العملاقة N-20، التي تحمل اكثر من 10 اطنان من الاسلحة، وهي طائرة شبحية STELT، عصية على الرادارات.
5- من اجل الاسراع في صناعة الاسلحة المتطورة الجديدة، عقدت روسيا والصين عدة اتفاقات لبناء مصانع مشتركة لاسلحة جديدة، حيث تقدم روسيا “الاوراق” (التصاميم) الخاصة بتلك الاسلحة ويتم التمويل بشكل مشترك.
6- في الشهر الماضي قام وزير الدفاع الصيني برفقة وفد عسكري كبير بزيارة موسكو واجتمع مع نظيره الروسي ومع القيادة العسكرية الروسية واعلن الوزيران ان ما بين روسيا والصين هو حلف استراتيجي كامل.
7- في مطلع الشهر الجاري قام وزير الخارجية الكوري الشمالي بزيارة موسكو لابلاغ الجانب الروسي نتائج مباحثات الزعيم الكوري الشمالي في الصين، وللتنسيق مع موسكو.
8- كتبت الصحافة الروسية ان جميع انواع الاسلحة السوفياتية القديمة التي يخرجها الجيش الروسي من الخدمة بسبب تقادم عهدها واحلال اسلحة حديثة مكانها، لا تتم اعادة تخزينها، بل يتم تسليمها الى الصين بموجب اتفاقات خاصة، بحيث يتم “بعث” الجيش الاحمر السوفياتي في الصين. ويعد هذا الجيش ملايين المقاتلين. وهو يقوم بتغطية العمق الصيني. بحيث تتحول الصين الى صخرة صوان لا تكسر ولا تعصر.
ـ9ـ بعد فرض ضرائب جمركية جديدة على لائحة سلع صينية تدخل اميركا، حذرت الصين اميركا ان احتمال قيام حرب تجارية بين البلدين سينعكس بشكل كارثي على اميركا ذاتها وعلى الاقتصاد العالمي برمته.
العهد
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73