الأسد المنتصر
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي اللبناني هاني قاسم، أن السياسة الأمريكية لم تتغير لجهة التعاطي الضاغط مع الأزمة السورية في عهدي الرئيس السابق باراك أوباما والرئيس الحالي دونالد ترامب.
وأشار قاسم في مقاله الذي نشرته صحيفة “الثبات
” اللبنانية إلى أن عدم التغيير هذا جاء نظرا إلى أهمية سوريا من الناحية الاستراتيجية، كونها تمثّل نقطة ارتكاز في القضية الفلسطينية، فهي التي حضنت فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها “حماس
” والجهاد الإسلامي، المصنفتان كحركتين إرهابيتين، ووقفت إلى جانب “حزب الله” في حرب تموز عام 2006، لافتا إلى أن سوريا دعمت “حزب الله” بأسلحة متطورة ساهمت في انتصار الحزب وهزيمة إسرائيل، على حد وصف الكاتب.
أهمية الجغرافية السورية
ونوه قاسم في مقاله التحليلي إلى موقع سوريا من الناحية الجيوسياسية، فهي همزة الوصل بين العراق الذي أصبح في محور الممانعة، بعد إرغام الجيش الأمريكي على الانسحاب منه في العام 2011 وهزيمة “داعش” الإرهابي — المحظور في روسيا — في العام 2017، وبين لبنان المقاوم، وتواصل هذا المحور مع إيران رافعة شعار الموت لأمريكا، وكذلك لثروتها النفطية. بحسب وصف الكاتب قاسم.
وأضاف الكاتب اللبناني: فشلت أمريكا في تقسيم سوريا بذريعة “الربيع العربي” وانطلاق الثورة السورية التي رفعت شعارات “الحرية” والمطالب الاجتماعية، ومن ثم حوّلت وجهتها بين ليلة وضحاها إلى شعارت إسقاط النظام، وتحولت إلى مجموعات مسلحة وتكفيرية راهنت عليها لإسقاط النظام في مهلة أقصاها أشهر بحسب وعود كل من قطر والسعودية، لكنها فشلت بفضل تضحيات جيشها الباسل وصمود شعبها وقوة وشجاعة رئيسها بشار الأسد، ودخول “حزب الله” على معادلة الحرب في سوريا، وكذلك دور إيران في نصرة سوريا، وهذا ما لم يكن في حساب أمريكا ولا الدول العربية، وكذلك دخول الروس في المعركة، وهو ما لم تكن تتوقعه أمريكا، لنكون أمام معادلة الثالوث الذهبي في سورية “المقاومة والجيش والحلفاء (روسيا وإيران)” الذي أسقط مشروع تقسيمها وهزم تنظيم “داعش” والتكفيريين فيها، واستعاد معظم الأراضي السورية التي كانت تحت سيطرة المحور المعادي لسوريا.
وذّكر قاسم بسيطرة أمريكا على مدينة الرقة السورية من خلال دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
7 قواعد عسكرية أمريكية
مشيرا إلى أن أمريكا أكدت أنها ستحافظ على وجودها العسكري في سوريا، على خلفية ما قاله وزير خارجيتها تيلرسون في كلمة ألقاها في جامعة ستانفورد حول “استراتيجية بلاده مساعدة سوريا لإنهاء الحرب الدائرة فيها منذ سبع سنوات”، وأن مهمة الجيش الأمريكي هي دحر تنظيم “داعش” — المحظور في روسيا — ومنع عودته مرة أخرى، وأن “بقاء الجيش الأمريكي في سوريا يمنح استقرارا كافيا يمكن السوريين من الإطاحة بالأسد من منصبه ورفض النفوذ الإيراني”، ويقدّر عدد جنودها حاليا بحدود 2000 جندي، أما قواعدها العسكرية فهي تزيد عن السبعة متوزعة على النحو التالي: قاعدة “مطار رميلان” في مدينة شرق القامشلي الحدودية، القاعدة في قرية “المبروكة” في غرب مدينة القامشلي، والقاعدة بالقرب من قرية “خراب عشق” غرب مدينة عين عيسى، حيث يتم فيها بناء مركز لتدريب المقاتلين ومكان آخر لهبوط طائرات الهليكوبتر.
إضافة إلى قاعدة عين عيسى التي تعد من كبرى قواعد الجيش الأمريكي شمالي سوريا.
وكذلك قاعدة كوباني شمالي سوريا، التي تضم أكثر من 300 جندي أمريكي.
وقاعدة “تل بيدر” في شمال محافظة الحسكة والقامشلي، وهي بلدة حدودية وفيها مدرج لهبوط المروحيات العسكرية، حيث يتم تدريب القوات غير العسكرية في هذه المنطقة، فضلا عن تجهيز أماكن أخرى لبناء قواعد للمروحيات الأمريكية.
وأخيرا، قاعدة تل أبيض التي تعتبر من أكبر القواعد الأمريكية في الشمال السوري.
وأكد الكاتب هاني قاسم أن أمريكا حاولت أن تجبر خسارتها في فشل مشروعها في إعادة رسم معالم سوريا الجديدة والمطبعة مع إسرائيل، وأن تثبت حضورها العسكري، ولو متأخرا، بعد أن سبقتها روسيا بدخولها العسكري المباشر، وبغطاء شرعي من الدولة السورية، وأصبحت لاعبا رئيسا يصعب تجاوزه في الأزمة السورية.
وختم الكاتب قاسم مقاله بالقول: نحن أمام أزمة شارفت على نهايتها، وأمريكا تحاول عرقلة التسوية فيها، والتي قد تستمر أكثر من عام، وسيكون الرابح الرئيس فيها هو الرئيس بشار الأسد، الذي ما زال رئيسا لسوريا ومفاوضا رئيسيا عنها.