مخيّم اليرموك.. قاب قبلتين أو أكثر
كثيرة هي الذّكريات الّتي تربط المواطن السّوريّ والفلسطيني بذلك الحيّ الجنوبيّ من مدينة دمشق، ذلك الحيّ الّذي لا ينام بأسواقه ومحلّاته وحركته الدّائمة وقاطنيه الّذين لجؤوا إليه سكناً وعملاً هرباً من الأسعار المرتفعة للعقارات والإيجارات وبحثاً عن فرص عملٍ إضافيّةٍ تسدّ الرّمق وتسند صاحب العيال في تأمين قوت عياله.
مخيّمي اليرموك و فلسطين الشّقيقين التّوأمين وما يحيط بهما من أحياﺀ أقلّ شهرةً كالتّضامن ودفّ الشّوك والعروبة وجارهما الأكبر “الحجر الأسود” أحد أكبر مناطق التّجمّع السّكني والبشري جنوب العاصمة وسوق سيّاراته المستعملة الشّهير كانوا جميعاً يشكّلون نسيجاً مجتمعيّاً واحداً وخليطاً عجيباً من جميع الطّوائف و المذاهب الّتي كانت تشكّل علامةً فارقةً ونموذجاً مصغّراً عن الحالة السّوريّة والفلسطينيّة الفريدة من نوعها.
يتذكّر المواطن السّوريّ ذو الدّخل المحدود أنّ أسواق المخيّمين كانت تؤمّن له حاجاته ومتطلّباته بأسعارٍ تناسب دخله البسيط، و يتذكّر جيّداً أنّ شارع لوبيا الواصل بين المخيّمَين و الّذي كان يعجّ بمحلّات الألبسة والأحذية والبسطات والأدوات المنزليّة كان يشكّل له ملاذاً آمناً ومكان تسوّقٍ مريح مقارنةً بأسواقٍ أخرى جرت العادة أن يرتادها عَليّةُ القوم من النّاس الميسورين مادّيّاً لا يجرؤ هو على مجرّد التّفكير بالذّهاب إليها، لذلك كنّا نشهد فيه اكتظاظاً يشبه إلى حدٍّ كبير الاكتظاظ في سوق الحميديّة الشّهير و خاصّةً في فترة الأعياد كعيديي الفطر و الأضحى وكان لقرب تلك المنطقة من مدينة دمشق دوراً هامّاً في ارتيادها إذ كان من السّهولة بمكان الذّهاب إليها دون الحاجة إلى وسائط نقل في تقليد يشبه الرّياضة البسيطة أو كما يسمّيها السّوريّين ” تمشاية”، فيتبضّعون و يزوروون طبيباًً شاطراً لا يتقاضى أجراً عالياً على كشفيّته أو يداومون على محلّات “البالة” علّهم يحظون بقطعة ثياب “لقطة” من حيث السّعر والجودة أو حتّى لمجرّد التّسلية والتّرفيه عن النّفس دون أن يكون هناك نيّة لشراﺀ شيﺀ ما.
سبع سنوات و الإرهاب يعيث فيه فساداً، و اليوم بات حلم تحريره قريباً والجيش العربيّ السّوريّ على أبوابه، مصمّماً على نفض غبار التّطرّف عنه و اجتثاث شأفة العصابات الإرهابيّة الّتي اتّخذت منه قاعدة انطلاقٍ لجرائمها ومن أهله دروعاً بشريّةً تختبئ وراﺀها و تتاجر بدمائهم وسلامتهم لتضمن بقاﺀها لأطول فترة ممكنة.
حجم الدّمار كبيرٌ ولا شكّ، و لكن تبقى إرادة السّورييّن هي الأكبر بإعادة إعمار كلّ ما تهدّم و بثّ الحياة من جديد في كلّ منطقة يحرّرها الجيش العربيّ السّوريّ البطل.
المصدر: دمشق الآن – بشار كاسر يوسف
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73