نهاية أشرف ريفي
كثيرة هي المفاجآت التي أفرزتها الانتخابات النيابية على صعيد لبنان عامة، وطرابلس خاصة، حيث خالفت الصناديق الكثير من التوقعات والاحصاءات وجاءت بمفاجآت أبرزها خسارة الوزير السابق أشرف ريفي، حتى أن أشد المعارضين لريفي كانوا يتوقعون أن يفوز ولو وحيداً، بأحد المقاعد في طرابس.
لا شك أنها الخسارة الأبرز والأقوى، تلك التي مُني بها أشرف ريفي، وبالطبع سيكون لهذه الخسارة المدوية، ارتدادات واسعة على الصعيد الطرابلسي، خصوصاً بعدما حاول ريفي طوال العامين الماضيين إظهار نفسه أنه من أبرز الأقطاب السياسية في المدينة، والحاكم بأمره، مطلقاً المواقف التصعيدية والطائفية والمذهبية، التي لم تلق أذانًا صاغية لدى الطرابلسيين، بعدما أثبتت المدينة أنها لم تعد بحاجة الى هكذا خطاب مذهبي وطائفي تجييشي يعيدها الى سابق عهدها من جولات عنف واقتتال بين أبنائها وعائلاتها.
في العودة الى ما قبل الانتخابات، كانت كل المؤشرات الصادرة عن استطلاعات الرأي تؤكد أن الوزير ريفي، سينجح في تأمين حاصل انتخابي له، لا بل يحاول جدياً البحث عن حاصل ثانٍ يمكن أحد أعضاء لائحته من الفوز ايضاً، وبذلك يكون قد نجح في إثبات حضوره النيابي والشعبوي، إلا ان الحقيقة خالفت كل التوقعات، ودفعت بريفي الى العودة لحجمه الحقيقي داخل المدينة.
لهذه الأسباب خسر ريفي
في قراءة سريعة لنتائج الانتخابات النيابية في طرابلس، يتبين الحجم الحقيقي لكل فريق، وهو ما أعاد إظهار العديد من القوى السياسية التي كانت غائبة أو مغيبة، بفعل القانون الأكثري، عن الحضور طوال السنوات الماضية، وأبرز هؤلاء الوزير فيصل كرامي، الذي أثبت أنه رقم لا يستهان به في المدينة واستطاع تأمين حاصلين مع حليفه جهاد الصمد، وكان قاب قوسين أو أدنى للحصول على حاصل ثالث لمرشح جمعية المشاريع الإسلامية، الحاج طه ناجي، والذي تمكن من تأمين قرابة 4000 صوت تفضيلي، وهو ليس بالرقم السهل في طرابلس.
في المقابل حاول تيار “المستقبل” الحفاظ على أكبر قدر ممكن من حضوره السياسي في طرابلس، وعمل جاهداً وبكل الوسائل لتحقيق غايته، وهو نجح فعلاً واستطاع الخروج بثلاثة نواب سنة، مقابل خسارته الحضور لدى نواب الأقليات في المدينة والتي فازت بها لائحة الرئيس ميقاتي.
العودة القوية لـ”المستقبل” وكرامي وميقاتي، كانت السبب الأول في اعادة ريفي الى حجمه الأصلي، فيما ساهمت أسباب عديدة في استكمال القضاء عليه، أبرزها كان “الفشل في إدارة بلدية طرابلس”، بعدما نجح في تحقيق فوز لافت للائحته التي دعمها في انتخابات 2016 وحصد بموجبها غالبية أعضاء المجلس البلدي على حساب باقي الحلفاء ممن تحالفوا ضده، الا أنه لم ينجح في إدارة هذا المرفق العام وتحول نجاحه في بلدية طرابلس من نعمة له، الى نقمة شعبية عليه.
كذلك، أدى الاستمرار في انتهاجه خطاب طائفي ومذهبي الى ابتعاد معظم الطرابلسيين من حوله وهو اعتقد لفترة طويلة، أنه هكذا خطاب ما زال يصلح لاستمالة الجزء الأكبر من أبناء المدينة، خصوصاً أبناء الأحياء الفقيرة في باب التبانة والزاهرية والقبة، وهو أكد أكثر من مرة في غير خطاب انه لن يغير من سياسته ونهجه، عله بذلك، يستطيع إبعاد “المستقبل” عن المدينة، ويرث هو الجمهور الأزرق والحضور الشعبي.
بالاضافة الى كل ذلك اعتقد ريفي أن محاولات التمدد على معظم الأراضي اللبنانية ستؤدي الى فوزه بكتلة نيابية كبيرة، وهو تلقى هزيمة كبرى في عكار، إذ استطاع تيار “المستقبل” الانقضاض عليه، وحاول سريعاً اعادة استيعاب النائب السابق خالد الضاهر، الذي أعلن انسحابه من المعركة لصالح “المستقبل”، وهو ما قسم ظهر ريفي وحول لائحته الى اللائحة الأضعف في عكار.
لا شك أن انتخابات 2018 أعلنت نهاية وزير سابق حاول التمرد، معتقداً ان باستطاعته وبسهولة أن يستحوذ على شعبية المدينة، الا ان حسابات الحقل لم تطابق حسابات البيدر، وخسر أشرف ريفي.
محمد ملص / العهد