عن إعادة الإعمار في سورية.. والدور الإيرانيّ المبدئيّ
على هامش الحرب في سورية، يدور الحديث عن إعادة الإعمار وفق مقوّماتٍ عدّة بدأت الدولة السوريّة ترسم ملامحها منذ نحو عامين، لفسح المجال أمام الراغبين من داخل البلاد وخارجها بخوض العمليّة الاقتصاديّة والمشاركة في إزالة آثار الدمار ومحو مخلّفات الحرب وبنائها من جديد.
وإعادة الإعمار مصطلحٌ بدأ تداوله قبل نحو عامين حينما اتّخذت الأطراف الدوليّة منحى جدياً لإنهاء الأزمة الدائرة في سورية منذ نحو سبع سنوات، بهدف إعادة رسم ملامح البلاد الاقتصاديّة وتحديد خارطة عملٍ تشاركيّة للنهوض من تحت الرماد بمساعدةٍ محلّيّةٍ وخارجيّة.
ومن هذا المنطلق، بدأت الفعاليات الاقتصاديّة سواء الممثلة عبر أشخاص منهم رجال أعمال ومستثمرين، أو عبر الدول التي تعدّها دمشق صديقةً للدولة السوريّة، وعلى رأسها روسيا والصين وإيران، والأخيرة بدأت في الفترة الماضية الحديث بشكلٍ رئيسي عن دورها الاقتصاديّ في مرحلة ما بعد الحرب على سورية.
والدور الإيراني لن يقتصر على التعاون العسكريّ بعد أنْ باتت الحرب على قيد الرصاصة الأخيرة، وإنّما -دون شكّ- سيتحوّل عنوانه العريض إلى الشراكة في إعادة إعمار البلد الصديق بعدما تشاركوا ساحة المعركة، بحسب ما يرى مصدرٌ سوري.
المصدر وفي حديثه لـ”وكالة أنباء آسيا”، أكّد أنّ لإيران دوراً كبيراً في صمود الاقتصاد السوريّ خلال سنوات الحرب، ما يجعلها في قائمة الدول التي ستتصدّر المشهد الاقتصاديّ خلال الفترة القادمة، وخاصّةً في مجالات الطاقة والسياحة والاتّصالات والزراعة.
ورأى المصدر أنَّ الاتّفاقات المبدئيّة في دمشق تقضي برسم خارطة طريق إعادة الإعمار عبر مراحل وخطوات لكلّ المشاركين؛ لإعادة البلاد إلى ما كنت عليه وتحسين الممكن لتُضاهي المرحلة المتطوّرة على كافّة الأصعدة.
وعلى هامش زيارته لمحافظة اللاذقية، أكّد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجيّة في مجلس الشورى الإسلاميّ الإيرانيّ علاء الدين بروجردي لـ”آسيا”، أنَّ طهران سيكون لها دورٌ كبيرٌ في إعادة إعمار سوريّة، مُبيّناً أنّها تتطلّع لدورٍ نَشطٍ وفعّالٍ خلال هذه المرحلة، والانطلاق بالجانب العمليّ في مجال الاستثمار.
وبعد زيارته عددٍ من المعامل في المنطقة الصناعيّة ومنها إلى رأس البسيط وكسب، لفت بروجردي إلى أنّه وخلال الفترة القريبة سيتمّ إقامة علاقات مشتركة بين إيران وسورية فيما يخصّ المنطقة الصناعيّة.
وفي مجال الطاقة، كانت قد أعلنت وزارة الكهرباء السوريّة مؤخّراً عن توقيع اتّفاقيّاتٍ بين دمشق وطهران لتطوير قطاع الكهرباء عبر تأسيس عقود ونقل خبراتٍ في مجال إنتاج الطاقة الكهربائيّة ومستلزماتها.
كما تمّ نهاية العام الماضي توقيع اتّفاقية مع الجانب الإيرانيّ على إنشاء محطّة توليد في مدينة اللاذقيّة بقدرة 540 ميغاواط، إلى جانب إنشاء خمس مجموعات توليد تعمل بالغاز في مدينة بانياس بقدرة 125 ميغاواط.
وتشمل الاتّفاقية إجراء تقييمٍ للأضرار في المحطّة الحراريّة في حلب، وإعادة تأهيل المجموعة الأُولى والخامسة في حلب، وإعادة تأهيل وتفعيل مركز التحكّم الرئيسيّ للمنظومة الكهربائيّة السوريّة بنظام “اسكادا” في دمشق، إلى جانب إعادة تأهيل محطّة توليد التيم في دير الزور بقدرة 90 ميغاواط وإعادة تأهيل وتحسين أداء محطّة توليد جندر في حمص.
لتبدأ في سورية عمليّة إعادة القطاعات الحيويّة إلى العمل بشكلٍ متوازٍ مع بدء العدِّ التنازليّ لنهاية الحرب، ما يتطلّب حلّ جميع المشاكل والمعوقات التي قد تعترض العمل الاقتصاديّ وخاصّةً في مجال الطاقة مع ضرورة “تذليل جميع الصعوبات التي تعيق عمل الشركات الإيرانيّة في سورية من أجل التوصّل إلى حلولٍ مناسبة وبما يعزّز التعاون بين البلدين”، بحسب ما تقول طهران.
آسيا _ عبير محمود