سباق بين آدم سميث وكارل ماركس في سورية؟!
تواجه أي منظومة اقتصادية أياً كانت إيديولوجيتها ضرورة الإجابة عن /4/ أسئلة أساسية في مجال التسويق والإنتاج وإعادة الإنتاج وهي: «ماذا وكيف ولمن ومتى أنتج أو أسوق؟!», وينطبق هذا على آلية عمل الفعاليات الاقتصادية سواء كانت خاصة أو حكومية أو مشتركة, وكثير من الاقتصاديين السوريين من أنصار الرأسمالية ومن ثم الليبرالية يتبنون نظرية الليبرالية الاقتصادية خاصة رؤية العالم الاقتصادي الإنكليزي (آدم سميث) عندما أكد في عام 1776 أنه يجب إبعاد الحكومة وفعالياتها عن التدخل في الإنتاج والتسويق لأن الحكومة رب عمل فاشل وهي بتدخلها تشوه منظومة عمل السوق والإنتاج ويجب اعتماد اقتصاد السوق, بل يجب ترك الأمور للقطاع الخاص, وإن الأسواق تنظم نفسها بنفسها من خلال اليد الخفية الناظمة لها, وبالوقت نفسه يوجد أيضاً اقتصاديون سوريون يتبنون الفكر الماركسي (كارل ماركس) في القرن التاسع عشر وموقفه المناقض للرأسمالية وأن الرأسمالية تحفر قبرها بيدها!, وتالياً فإنهم يدعون لتفعيل العمل الحكومي وتقليل الاعتماد على القطاع الذي يعمل وفقاً لمؤشر الربح والربحية فقط من دون مراعاة الجانب الاجتماعي التنموي, ومع احترامي للرأيين إلا أنني لا أتفق معهما بشكل مطلق بل أتفق معهما بشكل نسبي, وإننا لإعادة الإعمار بحاجة إلى عمل كل من القطاعين الحكومي والخاص وحتى المشترك, بل وأعول على دور التشاركية في إعادة الإعمار والبناء السورية, ونعتمد في رأينا هذا من خلال أن الهدف من أي إنتاج هو السوق والمستهلك, وأن السوق حسب مؤيدي اقتصاد السوق هو المؤسسة التي تجمع كلاً من البائعين والشارين أو المنتجين والمستهلكين لتبادل السلع والخدمات, وأيضاً قال كارل ماركس (إن السلع تدخل السوق عارية كما ولدتها أمها, وفي السوق يتحدد سعرها من خلال تفاعل قوى العرض والطلب), وهنا نلاحظ التلاقي غير المباشر بين الرأيين لغاية واحدة, وتالياً فإن السوق يمثل (ميزان حرارة المجتمع أو ترمومتر المجتمع السعرية وحتى الاقتصادية) , فلماذا لا يكون هدفنا أياً كان توجهنا الإيديولوجي هو الوصول إلى توازن السوق السورية ؟!!, وأن تكون الأسواق هي الهدف الأساس لكل من الفعاليات الحكومية والخاصة ؟!, وهذا يتطلب تعزيز التنافسية بين القطاعين, وعندها تتحقق مصلحة الوطن والمواطن من خلال تحسين المنتج النهائي من السلع والخدمات وتنخفض الأسعار وتزداد الكفاءة الاقتصادية… إلخ.
وهذا يؤكد أن المستهلك أياً كان (فردياً أم اعتبارياً) هو الحكم الأول والأخير على السلعة, وهدف الإنتاج هو إشباع حاجة ما عن طريق الاستهلاك ومن ثم إعادة الإنتاج, وأن الإنتاج من أجل الإنتاج يرتب مخاطر كبيرة على العمل الإنتاجي, لأن المنتجات إذا تراكمت في المستودعات تتعرض لكثير من المخاطر (تجميد رأس المال و العطب والبطلان وتغير ذوق المستهلك وزيادة التكلفة التخزينية… إلخ), ولذلك فإن المبالغة في تفضيل أحد القطاعين على الآخر لأسباب إيديولوجية تؤدي إلى زيادة (إخفاقات السوق) ويمكن لكل من القطاعين وحتى المشترك أن يدخل السوق على أساس المنافسة, والحكومة هنا يمكن أن تمنع الاحتكار مثلاً بتعزيز التنافسية التي ستؤدي إلى تقديم السلعة الأفضل بالسعر الأقل والنوعية الأحسن, وتالياً نحن في أمس الحاجة للقطاعين, وأن ترتمي السوق في أحضان الأقوى والأفضل ومن يدللها ويهتم بها أكثر.
أ.د: حيان احمد سلمان
المصدر:تشرين