ابنة “بيكاسو” السورية تشعل معارض هامبورغ بصرخات الحرب !
حينما نتحدث عن قصة حب .. قد تبدأ منذ أول نظرة .. منذ اول لقاء .. لكن الحال يختلف مع هبة، فقصة حبها ابتدأت بالفطرة منذ المهد .. فكانت أول شعلة لهذا الحب في التاسعة عشر من عمرها حينما التقت بالريشة لأول مرة وشعرت أن رابطاً روحي يجمعها بتلك الريشة وما تملكه من قُدرات سحرية على تحقيق أحلامها بحركات بسيطة بيدها .. فخضعت لها وبدأت بسرد أحلامها حلم يليه حُلم آخر وكانت الريشة عاشق مخلص ساندها ووقف بجانبها وأخذ يحول خيالها المستحيل إلى حقيقة !
نشأت هبة حيو في مدينة اللاذقية، كان تفوقها في المدرسة واضحاً ولكنها تزوجت في سن مبكر ولم يساعدها الوقت للالتفات إلى موهبتها، حينما بدأت الحرب عادت موهبة هبة للظهور فكانت الحرب وآثارها محفزاً قوياً أعاد إليها موهبتها ولكن بصورة خلاقة وبإبداع أكثر، فدخلت كلية الفنون الجميلة ولم تستطع ان تكمل تعليمها بسبب تفاقم ظروف الحرب والقذائف العشوائية التي كانت تتساقط على مدينتها والتي دفعتها للسفر خارجا خوفا على عائلتها وللبحث عن جامعة تستطيع ان تكمل فيها مشوارها الأكاديمي، فكان المقصد العاصمة الألمانية “برلين”.
وصلت هبة إلى برلين وانضمت إلى شركة Restart حيث قدمت لها الدعم النفسي والمعنوي لتستمر في الرسم وترويج لوحاتها الفنية، ثم التقت بأصدقائها الذين جعلوا من الإستسلام خيارا محرّما بالنسبة لها على حد وصفها.
ابنة بيكاسو او خليفته .. هكذا ترى هبة نفسها من خلال دراستها للفن التشكيلي الخاص بلوحات الفنان الإسباني بابلو بيكاسو، والذي اتخذته قُدوة لها في مسيرتها الفنية نحو تحقيق ما تصبو إليه كفنانة تشكيلية سورية تسعى لنقل مشاعرها، ألمها وغضبها من الحرب التي طالت بلادها على لوحات بطريقة فنّية مبهرة لفتت إليها العديد من معارض هامبورغ، حيث أقيم معرض “ميلانيتور غاليري” في أغسطس الماضي والذي شاركت فيه هبة بلوحة بعنوان “سيلفي من بقايا الحرب” ، مما جعل من اللوحة فريسة تكاتف عليها الجميع ليتم بيعها من خلال الصورة التي كانت موجودة على بروشور المعرض وقبيل افتتاحه وعرضها.
وكذلك استطاعت اللوحة جذب أنظار كتاب يوتوبيكا الألماني الذي تحدث عنها كفنانة سورية وعن تميز لوحتها والذي دفع العديد من الفنانين العرب وغير العرب إلى الشهادة بعظمة وقدرة فنانة سورية عاشت ظروف الحرب ومازال لديها القدرة على الإبداع بالرغم من كل ما مرت به، أما القائم على شركة Restart فشيد بجمال لوحات هبة وماتملكه من موهبة بالرغم من أنها ليست فنانة فحسب بل أم لثلاثة أطفال أيضا.
بعد انتهاء مشاركتها الأولى في معرض “ميلانيتور غاليري”، عرضت عليها شركة ألمانية بهامبورغ للتعاقد معها في المساعدة بتعليم اللوحات للأطفال اللاجئين، فبدأت عملها في المركز وبعدها تابعت هبة مشوارها في المشاركة بالمعارض، حيث شاركت بمعرضين آخرين في هامبورغ أحدهم في غرفة التجارة والآخر برعاية بنك Hasba الألماني، مما جعل الصحيفة الكُوريّة الرسمية تتساءل عن الفنانة التي أحدثت تلك الضجة في الفن التشكيلي في هامبورغ فكان لتجربة هبة نصيبا من إشغال مساحة في الجريدة الكورية الرسمية وللتحدث عنها كإحدى أهم المواهب التي صادفتها في معارض هامبورغ، والأن تنتظر هبة مشاركتها المحتملة في معرض سيقام في جامعة هامبورغ الألمانية التي هي بدورها متحمسة جدا لها وتتحضر لها وكأنها مشاركتها الأولى حسب تعبيرها.
، وتقول هبة: ” كنت قد بدأت بهذا الطريق من خلال رسم أَخواتي الفتيات بينما يتحدثون او يمازحون بعضهُن او يُتابعون فيلم ما، وكانت تستغرق رسمتي 4 ساعات للإنتهاء منها، ولم يخطر في بالي أن هذا اليوم الذي أعيشه الآن بينما الجميع هنا يتحدث عن أعمالي أنه قد يأتي أبدا!”
لا يوجد نهاية لعدد المواهب السورية التي تضيء واحدة تلو الأخرى في جميع بقاع الأرض، ولكن لهبة دور مميّز حيث استطاعت خلال سنة ونصف فقط من وجودها في ألمانيا ومن خلال عشقها لأسلوب بيكاسو في الرسم ان تثبت للجميع أن الحرب والألم الذي دمر بلادها وأودى بحياة مئات الآلاف وتهجير الملايين لم يوقعها أرضا ولم يُحملها على الاستسلام بل زاد منها قُوة وصلابة ودفع بإرادتها عاليا حتى جعل منها ليست فنانة فحسب بل خليفة ل”بيكاسو”.
لجين البوطي | خاص _ يوميات قذيفة هاون في دمشق