ما هو سرّ الحروب الأميركية – الصهيونية على سورية وبلاد الشام ؟
يروي الرئيس إميل لحود في كتابي “إميل لحود يتذكر”، أن مخابرات الجيش أعلمته أن مركباً حربياً فرنسياًموجود في المياه الإقليمية اللبنانية خلافاً للقوانين الدولية، فاستدعى السفير الذي حضرمع طاقم المركب، وعلى التوّ طرح على الطاولة خرائط، مشيراً إلى أن قبطان المركب سيشرح لك الأمر، وهنا يقاطعه الرئيس لحود أسألك:وبأي حق أنتم في مياهنا الإقليمية؟ فيردّ السفير أن المركب يكتشف قاع البحر بغية معرفة اذا كان سيحصل زلزال، وحين عرض الخرائط يجد الرئيس لحود علامات تدلّ على وجود غاز، فسأل عن معنى هذه العلامات: فهل يوجد غاز في بحرنا؟ فكان الجواب بالإيجاب، ويتم التأكيد أن الكميات الموجودة هى بكميات كبرى، ويكتشف أن الامر تم الاتفاق عليه بالسرّ بين الرئيس الراحل رفيق الحريري والرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، دون العودة إلى مجلس الوزراء ودون أي قرار منه لتحدث بعد هذه الواقعة كل التطورات الخطيرة التي شهدها لبنان من اغتيال الرئيس الحريري إلى حرب تموز 2006 إلى سلسلة الحلقات من المؤامرات الخطيرة التي مر بها لبنان، وانتصر فيها البلد بفضل المقاومة والثالوث الذهبي “جيش وشعب ومقاومة”.
نسوّق هذه الواقعة لنشير إلى أنه ثمة صراع خفي بدأت تطل ملامحه منذ العام 1966؛ حينما اكتشفت سفينة أبحاث بريطانية حقولاً للغاز في البحر المتوسط، وما بين أعوام 1977 و2003 أكدت الولايات المتحدة وروسيا عن وجود الغاز تحت مياه البحر في شرقي المتوسط من شواطئ اللاذقية إلى شمالي دمياط بنحو 180 كلم.
ومنذ العام 1997 بدأ الكيان الصهيوني عمليات البحث؛ حينما نشر مجسات إلكترونية بذريعة اكتشاف أي هجوم صاروخي من إيران ضد الدولة العبرية، ليتبن أن هدفه البحث عن الغاز والنفط.
ووفق دراسات في هذا المجال، فقد أعلن في 17 آب 2010، بعد مسح جيولوجي عبر السفينة الأميركية نوتيلس، وبمساعدة تركية، أنّ واحدة من أكبر حقول احتياطي الغاز في العالم تقع شرقي المتوسط، وهو حقل “لفيتان” العملاق للغاز، باحتياطي قدره 23 ترليون قدم مكعب!
ورغم أنّ تل أبيب سطت على مياه من لبنان ومصر، لكن بقي نصيب سورية ولبنان ومصر أكبر من نصيبها، أما تركيا فخرجت من “المولد بلا حمّص”، لأنشواطئها ومياهها خالية من قطرة بترول أو غاز واحدة.
هنا بدأت تُرسم الطرق إلى أكذوبة “الربيع العربي”، الذي خطوا له بعناية فائقة بإشراف الإدارة الأميركية عبر مبدأ “الفوضى الخلاقة” الذي رفعته كونداليزارايس، وإسقاط كل المحرمات عن رجب طيب أردوغان، وتكريسه زعيماً لحزب “العدالة والتنمية” ومن ثم فرضه رئيساً مطلق الصلاحية على تركيا، وتكليف باعة الكاز العربي في الخليج، خصوصاً السعودية وقطر والإمارات، بمهمة تحويل وتنظيم كل أشكال الإرهاب تحت عناوين مختلفة.
منذ نهاية العقد الأول للألفية الثالثة بدأ مشروع نشر الفوضى الخلاقة، وتنفيذ الخطط اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.
ووفق التقرير الذي حصلنا عليه فإنه في 3 تشرين الأول 2012، وقّعت الشركة الأسترالية “وود سايد” عقداً بقيمة 696 مليون دولار مع تل أبيب، لاستثمار 30% من الغاز السائل في حقل ليفياثان، وطوّرت “إسرائيل” درعاً صاروخياً سمّته”مقلاع داوود الصاروخي”، لصدّ أي هجوم من حزب الله تحديداً، لأنها تقوم في الحقيقة بسرقة غاز لبنان وغزة.
ووفق المعلومات يتركـز الاحتياطي السّـوري مـن الغــاز والبتــرول في الباديــة الســورية والسـاحل بواقـع 83%، بينمــا يوجــد في الجزيــرة الســورية فقــط 12%، خلافـاً لمـا هــو معــروف ومتــداول.
وحسب الدراسات تبـدأ آبــار الجزيــرة السورية بالنضــوب اعتباراً مـن عــام 2022، بينمـا بـاقي الحقــول في الباديــة والساحل، إن بــدأ اسـتغلالها عام 2018، ستبقى حتى عام 2051 على الأقل.
وكان ترتيب سورية لعام 2008 في احتياطي الغاز في المرتبة 43 عالمياً، بواقع 240,700,000,000 متر مكعب، حسب List of countries by natural gas proven reserves. بينما كانت بالمرتبة 31 باحتياطي البترول.
ببساطة فإن اكتشاف هذه الثروات الوطنية والقومية الكبرى في سورية ولبنان، ناهيك عن امتدادها نحو العراق، سيجعل من هذه المنطقة التي تتميز بحيوية شعوبها وطاقاتها العلمية وإرثها الحضاري قوة كبرى، وتجعل الاستغناء عن الفتات الخليجي أمراً محتوماً، ناهيك عن الاستغناء عن أنابيب غاز قطرية تمتد إلى البحر المتوسط لتصديرها إلى أوروبا، في ظل الطاقات التجارية الكبرى المتواترة في حوض بلاد الشام.
وهنا كانت الحروب الكبرى تحت أسماء ومسميات مختلفة، خصوصاً إسلامية، وغايتها الحقيقية تفتيت هذه المنطقة وقلبها سورية..
والآن، وبعد أن بدأت سورية، رغم مرور 7 سنوات ونيف على هذه الحرب، تحقق الانتصارات الكبرى، مُلحقة أكبر هزيمة بالمنظمات الإرهابية، وحماتها، فيدخل الأصيل مباشرة في هذه الحرب، فها هو العدو “الإسرائيلي” يمارس علناً دعمه للجماعات الإرهابية التي تلفظ أنفاسها، وها هو الأميركي على نفس الخط الإرهابي الذي توجه بالتراجع عن الاتفاق النووي… وللبحث صلة.
أحمد زين الدين – الثبات