إتهام إسرائيل لإيران بقصفها.. يكشف عن ورقة ذهبية بيد الاسد
في ضوء التطورات السريعة في المنطقة، وخصوصا في سوريا، وجد كثيرون أن الأمور أصبحت ملتبسة للغاية، والمشاهد السياسية غامضة مشفرة تحتاج إلى فك رموزها لفهمها بشكل صحيح. فبين الاشتباك السوري مع الإرهاب، والتداخل الإسرائيلي في الأزمة، الذي يفسره البعض كدعم للإرهاب، ويعتبره أخرون عداء للدولة السورية فحسب، كانت هناك حاجة إلى فهم الأمور وتوضيحها وتبسيطها.
“سبوتنيك” أجرت حوارا مع المحلل السياسي نضال سعيد السبع، الخبير في الشأن السوري، لفك رموز المشهد الحالي، ورفع الغموض عنه، فإلى نص الحوار:
سبوتنيك: هل تعتقد أن القصف المتبادل الأخير على الأراضي السورية قد يتحول لحرب مفتوحة هناك؟ أم مجرد هجمات محدودة؟
في البداية، لا بد من التنويه أن الصواريخ سورية وليست إيرانية، منذ انطلاق الصواريخ السورية خرجت علينا إسرائيل باتهام قوات الحرس الثوري الإيراني بأنه يقف خلف القصف.
وذلك لأنها تدرك أن اتهام الجيش العربي السوري باستهدف الجولان لن يلقى تعاطفا من المجتمع الدولي، خاصة أنها أرض سورية احتلتها إسرائيل عام 1967، وأن المجتمع الدولي يعطي سوريا كل المشروعية لتحرير أرضها، بينما إذا كانت إيران خلف إطلاق الصواريخ، فالأمر يتحول إلى صراع بين إيران وإسرائيل على أرض الجولان.
ثانيا، الرد السوري على اعتداءات إسرائيل المتكررة على الأراضي والأجواء السورية وتدخلها في الشأن السوري عبر دعم مجموعات مسلحة سورية، كان بمثابة تحذير شديد اللهجة لم يحدث منذ حرب 1973، والكرة الآن في ملعب الإسرائيليين.
فإذا استمروا بهذا النهج، فإن سوريا سترد ومن الممكن أن تنزلق الأمور إلى حرب مفتوحة مباشرة، أو على أقل تقدير أن تدخل المنطقة في حرب استنزاف، وفي حال انكفأت إسرائيل عن الملف السوري، فإن مشروعها سيسقط، عبر تصفية عملائها في الداخل السوري كما حدث عام 2000 في لبنان، عندما انهار جيش لبنان الجنوبي أو ما يطلق عليه جيش انطوان لحد.
سبوتنيك: في رأيك.. ما هي تداعيات القصف المتبادل على الوضع السوري؟
لا شك أننا دخلنا في مرحلة جديدة من الصراع مع إسرائيل، عنوانه العين بالعين والطلقة بالطلقة والصاروخ بالصاروخ، وهذا مؤشر مهم جدا على أن هناك قرار سوري بالمواجهة مهما كلف الثمن، لأن تجربة السنوات السبع الماضية أثبتت أن حرب الداخل أخطر على سوريا من الحرب مع إسرائيل.
الأمر الآخر هو أن سقوط الوكيل في الغوطة ودوما والانهيار في حلب والأرياف، دفع الوكيل أي إسرائيل للتدخل بشكل علني وواضح، في محاولة منها لرفع المعنويات وتعديل موازين القوى على الأرض، فكان الرد السوري حاسما جازما عبر إسقاط الطائرة الإسرائيلية قبل 3 أشهر، وعبر استهداف 10 مواقع إسرائيلية عسكرية في الجولان.
سبوتنيك: هل يمكن الربط بين ما يحدث في سوريا الآن وانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي مع إيران؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سبق وأن تعهد خلال حملته الانتخابية بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني، وهذا الأمر ليس بجديد. فهذا التعهد يحقق الأمن لإسرائيل ولا يفيد الولايات المتحدة بأي حال من الأحوال، ما يريده ترامب ومن خلفه إسرائيل هو إجراء تعديلات على الاتفاق النووي الإيراني عبر إدخال الصواريخ الباليستية ضمن الاتفاق، ووضع المنشآت الإيرانية تحت الرقابة، من هنا علينا فهم هذا الضغط الأمريكي والإسرائيلي.
سبوتنيك: عارضت أوروبا انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي.. كيف تقرأ الآن مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا؟
المعارضة الأوروبية لإلغاء الاتفاق النووي الإيراني، سببها أن الأوروبيين حصلوا على عقود مالية ضخمة من إيران، بالتالي لا مصلحة لهم بإلغاء الاتفاق، ولكن بنفس الوقت علينا أن لا نتوقع أي انفصال أو تباين وانشقاق بالمواقف بين الأوروبيين والولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة أنهم على تعاون وتنسيق أمني وسياسي وعسكري، وهذا كان واضحا خلال العدوان الثلاثي على سوريا قبل شهر، عندما نفذت الولايات المتحدة ضربات ضد أهداف سورية بمشاركة فرنسا وبريطانيا.
سبوتنيك: هل يؤثر إلغاء الاتفاق النووي على الأوضاع في المنطقة؟
لا شك أن المنطقة دخلت نفقا كبيرا وخطيرا بعد إلغاء الاتفاق النووي، والأمور مرشحة نحو التصعيد العسكري ضد الوجود الإيراني في سوريا، لأن مصلحة إسرائيل تقتضي إبعاد إيران عن سوريا، وقطع خطوط الإمداد من إيران عبر العراق لسوريا وحزب الله في لبنان.
أضف لذلك قرار الإسرائيليين ومعهم الإدارة الأمريكية، بإيجاد “كيان كردي انفصالي” في الشمال السوري وآخر في جنوب سوريا عند درعا، يوفر الأمن لإسرائيل ويدفع بالكيان السوري لمذبحة التقسيم على أسس دينية وعرقية، تلبية لمشروع إسرائيل بيهودية الدولة، لأن لا شيء يبرر يهودية الدولة إلا كردية الدولة وسنية الدولة وعلوية الدولة في سوريا.
ولكن أعتقد جازما أن هذا المشروع لن يمر، وان هناك قرارا سوريا بمواجهة إسرائيل عسكريا وتقويض كل المشاريع التقسيمية داخليا، والخيار الأخير يحظى بدعم إيراني تركي روسي.
أجرى الحوار: أحمد بدر – سبوتنيك