خروج الإرهابيين من ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي..مكاسب بالجملة
محمد عيد
يتوالى خروج الإرهابيين مع عائلاتهم من ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي على دفعات إلى الشمال السوري ويتضمن الإتفاق كذلك خروج إرهابيي جبهة “النصرة” مع عوائلهم من ريف السلمية الغربي إلى إدلب وجرابلس في مشهد يبشر بوصل ما انقطع من شرايين الحياة بين أكبر مدينتين في المنطقة الوسطى المتصلة تلقائيا بالساحل والشمال السوري ويصل بمسلسل الرعب اليومي والطويل الذي عاشته مدينة سلمية وريفها جراء القذائف اليومية المتساقطة من الجوار الموشك على لفظ الإرهاب نهائيا إلى حلقته الأخيرة.
ممرات جديدة للخائبين
كان لدينا المتسع الكافي من الوقت لتوثيق مشهد خروج الإرهابيين مع عائلاتهم من ريف حمص الشمالي وجنوب حماة عبر معبر الرستن الواقع شمال المدينة، فالدفعات كانت عديدة وكبيرة وتمت على مراحل برعاية روسية وإشراف الهلال الأحمر العربي السوري. الجيش السوري اعتاد مشاهد كهذه فغابت عن وجوه رجاله أية نظرات استفزاز، انسحب الأمر كذلك على المسلحين الذين توعد قسم منهم قبل أيام بأنه لن يلقي السلاح أبداً، قبل أن يصطف في تهذيب لافت أملته الخيبة والهزيمة ليخرجوا صاغرين من مناطق حملوا فيها السلاح لسنوات. عند موعد خروج الدفعة الرابعة للإرهابيين وعائلاتهم وصلنا، كانت الحافلات قد دخلت لتوها من طريق حمص – تلبيسة إلى مدينة الرستن لإخراج الإرهابيين غير الراغبين بالتسوية. تزامن ذلك مع دخول أكثر من 30 حافلة أخرى لنقل إرهابيي قرى الدار الكبيرة وتير معلة والغنطو بريف حمص الشمالي وخروجهم باتجاه جسر الرستن تمهيدا لنقلهم إلى الشمال السوري. مصدر أمني سوري أفاد موقع “العهد” الإخباري أنه وبهدف تسريع وتيرة خروج الإرهابيين وعائلاتهم من مناطق القنطرة والريف الجنوبي الغربي لسلمية، فقد تم افتتاح ممر ثان عبر قرية الرملية التي دخلت 125 حافلة عبر معبرها الجديد تزامنا مع دخول عدد من الحافلات الآخرى عبر ممر الكافات ووصولها إلى قرى عز الدين والسطحيات حيث جهزت الحافلات بعد خضوعها لتفتيش دقيق للغاية بغية منع الإرهابيين من إخراج أي أحد من الأهالي معهم بالإكراه والتهديد وهو الأمر الذي انعكس لاحقا وبشكل إيجابي على مواطنين أبدوا الرغبة مجددا في البقاء وتسوية أوضاعهم بعدما كانوا قد أزمعوا سابقا على الرحيل إلى الشمال.
عمليات اجتثاث الإرهاب من هذه المنطقة ستستمر خلال الأيام القليلة القادمة حتى خروج آخر إرهابي تنفيذاً للإتفاق الذي أعلن التوصل إليه مطلع الشهر الجاري والقاضي بإخراج الإرهابيين غير الراغبين بالتسوية مع عائلاتهم بعد تسليم السلاح الثقيل والمتوسط وتسوية أوضاع من يرغب بالتسوية منهم ودخول الجيش وعودة جميع مؤسسات ودوائر الدولة إلى المنطقة.
مصدر في وزارة الداخلية السورية أكد لموقع “العهد” أن قيادة الشرطة في محافظة حمص وجهت وحدات حفظ الأمن والنظام والمهام الخاصة من أجل الإستعداد للدخول إلى منطقتي الرستن وتلدو وناحية تلبيسة لإعادة فرض القانون والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة في الوقت الذي عمد الإرهابيون فيه إلى إحراق مقراتهم هناك بغية إخفاء ما يمكن أن تشي بهم الملفات الموجودة فيها من ارتباطات مع بقية الإرهابيين في الإقليم.
نتاج التسوية: مكاسب لا تحصى
الواقع الذي ستتراخى إليه بنود هذه التسويات سيفرز انجازات ومكاسب بالجملة سرعان ما ستنعكس على طبيعة الحياة في هذه المنطقة الحيوية والهامة والتي تشكل عقدة مواصلات هامة ستربط كل نواحي الجغرافيا السورية. أهم هذه الإنجازات سيكون إعادة فتح طريق حمص حماة الإستراتيجي الهام والواصل بين أكبر مدينتين في المنطقة الوسطى وهو شريان حياة هام للغاية وستسهم استعادته مع بقية الطرق الفرعية الواصلة ما بين المناطق المحررة حديثا ومناطق سيطرة الحكومة السورية في تفعيل الحياة على مختلف النواحي الإجتماعية والإقتصادية والخدمية والأهم من ذلك أنها ستختصر طرق وإمكانية دعم قطع الجيش السوري التي دخلت منذ اشهر إلى الحدود الإدارية لمحافظة إدلب ما يسهم إلى حد بعيد في دفع معركة تحرير هذه المدينة بعيدا إلى الأمام عبر اختزال المجهود العسكري وتطويعه بالشكل المطلوب في الميدان.
ينسحب الأمر كذلك على عملية إعادة فتح طريق حمص مصياف الهام والحيوي والذي يعتبر كذلك ممرا طبيعيا للقادمين من دمشق إلى بلدة مصياف وكل هؤلاء كانوا مضطرين لسلوك طريق آخر هو طريق القبو الطويل والصعب والذي لا يخلو من المخاطر جراء سيطرة الإرهابيين على بلدات الحولة وتلدو في منتصف الطريق بين حمص ومصياف، وقيامهم من هناك باستهداف بلدة مريمين التي يمر منها المسافرون على طريق القبو بعد أن كانوا قد دشنوا إرهابهم في بداية الأزمة باحتجاز باص ركاب كان يمر في بلدة الحولة باتجاه مصياف وإحراق من فيه من الركاب بعد إطلاق قذائف صاروخية عليهم.
أما خروج الإرهابيين المرتقب من منطقة السطحيات بريف السلمية الغربي فسيحيد مدينة سلمية والقرى المحيطة بها غربا والنقاط العسكرية التابعة للجيش السوري والقوات الرديفة المتمركزة في مختلف المحاور الغربية من كل استهداف إرهابي بقي لسنوات يعكر صفو الحياة في هذه المنطقة التي ارتقى فيها عديد الشهداء جراء الإعتداءات المتكررة لإرهابيي السطحيات عليهم، انسحب الأمر كذلك على قرى تلدرة والكافات وقبة الكردي وغيرها من البلدات والمزارع التي لن تشهد بعد اليوم أي اعتداء إرهابي على أبنائها أو أي قطع متعمد لمياه شربهم من محطة القنطرة أو الخط الرئيسي المار من الرستن وتلبيسة أماكن سكنهم.
العهد