لماذا كَشَفَ نصر الله عن عَددِ الصَّواريخ التي قَصَفَت أهدافًا إسرائيليّةً في الجُولان المحتل ؟
كَشَفَ السيِّد حسن نصر الله زعيم “حزب الله” في خِطابٍ ألقاه مَساء اليوم في ذِكرى استشهاد السيد مصطفى بدر الدين، وتَكريمًا لشُهَداء المُقاومةِ الآخَرين، أنّ القَصف الصَّاروخيّ الذي انطلًق من سورية واستهَدَف مواقِع عَسكريّة إسرائيليّة في هَضبة الجُولان المُحتَل تَضمَّن 55 صاروخًا، بَعضها من الحَجم الكَبير، دُون أن يُعطِي مَعلوماتٍ إضافيّةٍ، سِواء عمّا إذا كانَت هذهِ الصَّواريخ سوريّة أو إيرانيّة، وإن كُنّا لا نعتقد أنّ هذا الأمر مُهِم لأنّ الطَّرفين يَقِفان في خَندقٍ واحِدٍ، ومُؤكِّدًا أنّ هذا القَصف، إضافةً إلى إسقاط طائِرةٍ إسرائيليّة من طِراز “إف 16″، أثبت عدم جاهِزيّة دَولة الاحتلال الإسرائيليّ للحَرب.
هذهِ الأرقام التي ذَكرها السيِّد نصر الله تُكذِّب الرِّواية الرسميّة الإسرائيليّة التي وَردت على لسان إفيغدور ليبرمان، وزير الدِّفاع، وقالت أنّ 20 صاروخًا أصابَت هَضبة الجُولان جَرى إسقاط عَددٍ كبَيرٍ مِنها بينما لم تُصِب الأُخرى أهدافَها، ولن نستغرب أن نَطَّلِع على مَعلوماتٍ إضافيّة قريبًا، تَكشِف عن إصابة هذهِ الصَّواريخ أهدافَها، مِثلما باتَ واضِحًا، ومن خِلال تصريحات ليبرمان، أنٍ القُبّة الحَديديّة الإسرائيليّة فَشِلت في اعتراضِ عَددٍ كبيرٍ من هذهِ الصَّواريخ، وهذهِ نَكسةٌ كُبرَى لها، وتُؤَكِّد إخفاقاتِها العَمليّة.
نَتَّفِق مع السيِّد نصر الله في قَولِه أنّ إسرائيل هي الأكثر خَوفًا من الحَرب، ولهذا يَعلو صَوتُها، ويَرتَفِع صُراخها، وتتعاظَم تَهديداتُها، لسُورية وإيران، ودَليلُنا على ذلك أنّها تَوقَّفت عن إطلاقِ هذهِ التَّهديدات في الأيّامِ الأخيرة، مِثلما تَوقَّفَت عن شَن أيِّ غاراتٍ صاروخيّة على أهدافٍ سُوريّة أو إيرانيّة في العُمق السُّوريّ، والسَّبب بسيط، يعود إلى إداركها بأنّ أيَّ هُجومٍ صاروخيٍّ جديد لن يَتِم اعتراضه وإسقاط مُعظَم صواريخه فقط، وإنّما الرَّد عليه فورًا بالمِثل، وفي عُمق فِلسطين المُحتلَّة.
الصَّواريخ الإسرائيليّة في هُجوم فَجر الخميس الماضي استهدَف قواعِد عسكريّة، وجاءَ الرَّد باستهدافِ قواعِد إسرائيليّة مُماثِلة في هَضبة الجُولان، ولكن أي هُجوم إسرائيليّ يستهدِف مدنيين سوريين أو لبنانيين قد يَتِم الرَّد عليه بالمِثل، وقَصف مُدن إسرائيليّة سَواء في هَضبة الجُولان أو السَّاحِل الفِلسطينيّ المُحتَل مِثل يافا وحيفا وعكّا وتَل أبيب.
لا نَستغرِب أن يعود هذا الانخفاض في حَجم التَّهديدات الإسرائيليّة بِضَرب أهدافٍ سوريّةٍ وإيرانيّةٍ إلى “تفاهماتٍ” جَرى التَّوصُّل إليها أثناء زِيارة بنيامين نتنياهو، رئيس الوُزراء الإسرائيليّ، إلى موسكو يوم الأربعاء الماضي، ونَتكهَّن بأنّ القِيادة الرُّوسيّة تَعهَّدت بعدم تزويد سورية بصَواريخ من طِراز “إس 300” المُضادَّة للصَّواريخ والطَّائِرات في حالِ أوقَفت إسرائيل هَجماتِها الصَّاروخيّة هذه، ونَتوقَّع أن يأتِي الاختراق مِن الجانِب الإسرائيليّ.
مِحوَر المُقاومة يتَعزَّز مَعنويًّا وعَسكريًّا، وباتَ في وَضعٍ أفضل من أيِّ وَقتٍ مَضى، وفي حالةِ جُهوزيّةٍ قِتاليّةٍ عالِية، وهذا التَّحدِّي الفِلسطينيّ غَير المَسبوق للاحتلال من أبناءِ قِطاع غزّة، والشُّهداء الذين سَقطوا اليوم، إلا مُؤشَّر على ارتفاعِ المَعنويّات، وزِيادة مَنسوب الشَّجاعة والرُّجولة والرَّغبة في التَّضحيةِ مَهما كان الثَّمَن.
المَطلوب هو الصُّمود، والتَّمسُّك بالثَّوابِت، والإيمان بالقُدرات الذَّاتيّة، وحَتميّة الانتصار، ولا يُخامِرنا شَك بأنّ الإسرائيليين هُم الأكثَر هَلعًا ورُعبًا، وأنّهم الذين سيَصرُخون أوَّلاً في سِباقِ عَض الأصابِع الحاليّ.
“رأي اليوم”