دائماً ما يشدّد الأطباء على أهمية وفوائد مضادات الأكسدة للجسم، فما هي هذه المضادات، ولماذا هي مهمة؟ وما هي الفوائد التي يجنيها الجسم من مضادات الأكسدة؟
تعريف مضادات الأكسدة؟
بحسب تقرير نشره موقع “صحة أونلاين”، فإنّ مصطلح مضادات الأكسدة يطلق على مركبات تنتج في الجسم وموجودة بنسبة كبيرة في بعض أنواع الأطعمة والمكملات الغذائية، وهي مهمة جداً في الدفاع عن الخلايا من التلف الذي تسبّبه جزيئات ضارة موجودة في الجسم تسمّى “الجذور الحرة”، وهي ذرّات نَفَرَتْ منها إلكترونات كانت جزءًا منها.
ويشير الموقع إلى أنّه في بعض الأحيان وأثناء التفاعلات الكيميائية، فإنّ إلكتروناً سوف ينفر بعيداً عن بقية الجزيْء أو الذرة تاركاً شقاً أو جذراً. ويحاول الجذر الحر البحث عن إلكترون آخر بديلٍ عن الإلكترون المفقود ليكون زوجاً من الإلكترونات المستقرة داخل الجزيء أو الذرة.
وخلال عملية بحث الجذر الحر عن إلكترون بديل قد يسهم الجذر الحر في تخريب الجزيئات عندما يسحب إلكتروناً من مكونات جزيئات الخلية الطبيعية للجسم، وإذا تلاقى جذران حران، فبإمكان إلكتروناتهما غير المتزاوجة الاتحاد لتكوين رابطة تساهمية، والناتج يكون جزيئاً غير جذري.
وعندما تتراكم هذه الجزيئات الضارة في الجسم فإنّها تتلف الحمض النووي أو DNA لخلايا في الجسم، إذ تسبّب حالة تسمّى “الإجهاد التأكسدي” الذي يمكنه أن يسبب أمراضاً مزمنة وقاتلة، مثل القلب، والسكري من النوع الثاني، والسرطان.
أما عندما يتفاعل الجذر مع غير الجذر، فإنّ جذراً جديداً ينتج، وقد يحدث تفاعلاً تسلسلياً نتيجة لذلك. ونظراً لأن معظم الجزيئات البيولوجية تكون غير جذرية، فإنّ نشوء الجذور الحرة الفاعلة داخل الكائن الحي عادة ما يكون ناتجاً من تفاعلات تسلسلية. وتعمل الجذور الحرة على تخريب مكونات الخلايا. فإذا هاجمت جدار الخلايا فقد تحدث خللاً في وظائف الخلايا، وإن هاجمت دواخل الخلايا فقد تهاجم الحمض النووي المسؤول عن نقل الصفات الوراثية محدثة تسرطناً للخلايا.
ما هي مصادر الجذور الحرة؟
أما عن مصادر الجذور الحرّة، فإنّ بعض العادات والسلوكيات الخاطئة التي يقوم بها الإنسان قد تسبّب ظهورها، ومنها بحسب التقرير:
– تدخين السجائر.
– الأطعمة الغنية بالدهون.
– التمرينات الرياضية العنيفة.
– الإشعاع والمواد المشعة.
– التلوث البيئي.
– الالتهابات.
– الأوزون.
– الأشعة فوق البنفسجية.
– بعض المبيدات الحشرية والمذيبات العضوية.
– الضغوط النفسية والاجتماعية.
لماذا تعتبر الجذور الحرة خطيرة؟
يتعرض الإنسان باستمرار إلى إشعاعات من البيئة، وهذه الإشعاعات إما أن تكون طبيعية مثل غاز الرادون والأشعة الكونية، أو من مصادر صناعية مثل الأشعة السينية. وتقوم هذه الإشعاعات بتغيرات داخلية في جسم الإنسان، فعلى سبيل المثال، تقوم الأشعة الكهرومغناطيسية ذات الأطوال الموجية المنخفضة (مثل أشعة غاما) بشطر جزيء الماء في الجسم لتوليد جذر الهيدروكسيل. أما الأشعة فوق البنفسجية الواردة من أشعة الشمس فليست لديها الطاقة الكافية لشطر الماء، ولكن بإمكانها تكسير الرابطة التساهمية في جزيء بيروكسيد الهيدروجين لتعطي جذر الهيدروكسيل. وهذا الجذر النشط، بمجرد تكونه، فإنه يهاجم الجزيئات المحيطة، بمعنى أنّه يتفاعل في موقع تكونه. لذلك، فإنّه من الصعوبة تطوير أو تصميم مزيل فاعل يعمل على إزالة كل الجذور الناتجة داخل الجسم.
كما أن الكثير من المركبات في الجسم يمكن أن تتفاعل مع الأكسجين لإنتاج “جذر فوق الأوكسجين”. ومن أمثلة هذه المركبات الادرينالين والدوبامين، وبعض مكونات الميتوكوندريا. إضافة إلى ذلك، فإن بعضاً من “جذر فوق الأكسجين” ينتج بطريقة تعمدية، فمثلاً بعض خلايا الدم البيضاء أثناء دفاعها ضد الأجسام الغريبة في الجسم تولد كميات كبيرة من جذر فوق الأوكسجين كجزء من آلية القضاء عليها. وقد ينتج من ذلك الكثير من الأمراض، مثل التهاب المفاصل الروماتيزمية ومرض التهاب المثانة اللذين يكونان مصاحبين للنشاط المفرط لهذه الخلايا البيضاء، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أصناف الأوكسجين والنيتروجين النشط ما يؤدي إلى تحطيم الأنسجة.
وهناك جذر حرّ فيزيولوجي آخر هو جذر أوكسيد النيتريك، الذي له الكثير من الوظائف المفيدة، مثل تنظيم ضغط الدم، لكن الزيادة منه تمثل خطورة، حيث إنه يلعب دورا في آلية تحطيم الأنسجة في حالات الالتهابات المزمنة والسكتة الدماغية. وقد تكون بعض أصناف الأوكسجين أو النيتروجين النشط على شكل جذور حرة، بينما البعض الآخر لا يكون على شكل جذور حرة.
مقاومة الجذور الحرة
الجسم مزوّد بآليات دفاعية لمنع الأكسدة ولتحطيم الجذور الحرة والمركبات الفاعلة الأخرى قبل أن تقوم بإفساد جزيئات الخلية، إلا أنّه رغم ذلك فإنّ وجود الجذور الحرة والمواد المؤكسدة بكمية كبيرة يمكنها أن تؤدّي إلى حدوث التحطم التأكسدي.
فاستمرار الحياة على الأرض يعتمد بشكل كلي على استخدام الأوكسجين، الذي تتلخّص بعض فوائده في المساعدة على إنتاج الطاقة عن طريق أكسدة المغذيات الكبرى (الدهون، البروتينات، والكربوهيدرات) للقيام بالوظائف المهمة للجسم، وإزالة السمية من بعض المواد الغريبة عن الجسم.
ومن الطبيعي أن يتحد الأوكسجين مع الهيدروجين بعد هذه العمليات إلى حالة أكثر ثباتاً واستقراراً وهي الماء. ومع ذلك، فإنّ اختزال وتحول الأوكسجين عادة ما يكون غير كامل، حتّى في الظروف الطبيعية، وغالباً ما تنشأ مجموعة وسطية من المواد الكيميائية النشطة التي يطلق عليها الأوكسجين النشط. كما أنّ التفاعلات الكيميائية الأخرى في داخل جسم الإنسان تؤدي أيضاً إلى ظهور “جذور حرة Free Radicals” أخرى ذات أصناف كيميائية مختلفة. وقد تكون الجذور الحرّة جزيئات أو ذرات لها إلكترون واحد غير متزاوج، وبالتالي تكون نشطة وغير مستقرة.
أهمية مضادات الأكسدة
كلّ خلية من خلايا جسم الإنسان الذي يتكون من نحو تريليون خلية تعاني من نحو 10.000 هجمة من الجذور الحرة في اليوم الواحد. وهذا الهجوم يتركز في الغالب على المادة الوراثية. ومن إحدى نتائج هذا الهجوم هو زيادة معدل التطفر، وهذه الطفرات تزيد من خطورة حدوث السرطان. إضافة إلى ذلك، فإنّ الأغشية الخلوية والبروتينات والدهون تتعرض أيضا للهجوم بواسطة الجذور الحرة. وعلى مدى سبعين سنة اعتيادية من عمر الإنسان، فإن الجسم يولد ما يعادل نحو سبعة عشر طنا (17000 كلغ) من الجذور الحرة. لذا، فإنّ جسم الإنسان يحتاج إلى دفاعات فاعلة مضادة للأكسدة في كل الأوقات.
وتعمل مضادات الأكسدة على منع تكوين أو منع تأثير الجذور الحرة داخل الجسم، وذلك من خلال إعطاء إلكترون إلى الجذر الحر فيصبح ثابتا غير نشط ولا يحدِث أضرارا على الأحماض النووية (وحدات المادة الوراثية)، أو الدهون، أو البروتينات، أو الجزيئات الحيوية الأخرى.
ما هي مضادات الاكسدة؟
بحسب التقرير، تصنّف المادة المضادة للأكسدة بأنّها تلك المادة التي لديها القدرة على تثبيط الجذور الحرة؛ لذا فإن القليل من المادة المضادة للأكسدة لا بد أن يفقد. كما أنّ القليل من جزيئات مضادات الأكسدة داخل جسم الإنسان مثل بعض الإنزيمات تكون غير كافية لمنع هذا الضرر تماما، لذلك فإن الأطعمة المحتوية على مضادات الأكسدة تكون مهمة في الحفاظ على الصحة.
وقد أثبت الكثير من الدراسات أن بعض العناصر الغذائية لها أهمية كمضادات للأكسدة مثل فيتامين إي (E)، وفيتامين سي (C)، والكاروتينيدات، والفلافونويدات، وصبغات النبات الأخرى. كما وجد أن بعض مضادات الأكسدة يمكن أن تظهر تأثيراتها المفيدة خارج الجسم أيضا، مثل ما يحدث في عملية حفظ الأطعمة.
إنّ إزالة الجذور الحرة بواسطة مضادات الأكسدة تبدو مهمة لصحة وحياة الإنسان، ومع ذلك، لا يمكن العيش من دون الجذور الحرة، فالجسم يستخدم الجذور الحرة لتدمير الجراثيم، إضافة إلى استخدامها لإنتاج الطاقة، لكن المشكلة تكمن في أن معظم الناس يتعرضون لكميات كبيرة من الجذور الحرة، وهذا ليس صحياً.
ومع ذلك، فإنّه يمكن تجنّب العوامل التي تزيد من تعرضنا للجذور الحرة أو تزيد من إنتاج أجسامنا للجذور الحرة، فعلى سبيل المثال، تزيد أشعة الشمس، والأشعة السينية، والتدخين من إنتاج الجذور الحرة. ونظراً لأن طبقة الأوزون تنحسر في الجو، فإنّنا نتعرض وباستمرار إلى طاقة أكثر من الأشعة فوق البنفسجية، كما أن كثرة استهلاك الدهون والسكريات تحفز من إنتاج الجذور الحرة.
كما يزيد الإجهاد وزيادة استهلاك الأوكسجين خلال التمارين الرياضية العنيفة من إنتاجها. بالإضافة إلى أنّ معظم الجذور الحرة التي ينتجها الجسم تكون نتيجة التفاعلات الجانبية للاستخدام الاعتيادي للأكسجين لحرق الطعام لإنتاج الطاقة. ولا يزال هناك الكثير من الأمور التي لا يمكن أن نتحكم فيها. لذلك تقوم مضادات الأكسدة الغذائية في المساعدة على إعادة التوازن.
وتؤدي مضادات الأكسدة إلى تقليل التلف والوقاية من الأمراض من خلال الآليات الآتية:
– تحديد تكوين الجذور الحرة.
– القضاء على الجذور الحرة.
– تحفيز فاعلية الإنزيمات المضادة للأكسدة.
– إصلاح التلف التأكسدي.
– تحفيز إصلاح فاعلية الإنزيمات المضادة للأكسدة.
– دعم جهاز المناعة.
المصدر: صحة أونلاين