لمن تُصنع السيارات في سورية..أصعب الأسئلة وأكثرها إحراجاً؟!!
يُحكى أن رجل أعمال سوري، قرر إكمال حلقات البريستيج المطلوبة في سياق إعماله كرجل أعمال مزعوم..فقرر تقليد كبريات الشركات الأجنبية بحملة إعلانية ترويجيّة لمنتجاته، وبعد تفكير ودراسة قرر استئجار شبكة إعلان طرقي على الطرقات المؤدية إلى بيت “حماته” !!
هي نكتة ربما أو واقعة صحيحة، لكنها تصلح لاختصار طول الشرح عن خيارات الاستثمار البائسة، التي يطرقها رجال أعمالنا؟؟
فأغلب الظن أن عقد النقص وخصال التعويض، و غواية الاستعراض لا تتنحى أبداً من أذهان كبار أصحاب رؤوس الأموال هنا خلال “صفنات” البحث عن مطارح لتوظيف واستثمار أموالهم.
فأي لوثة أو لوثات تلك التي تكاد تودي بنا اقتصادياً ؟؟
هل من عاقل يستطيع أن يجيبنا عن سبب شغف المتمولين السوريين بصناعة تجميع السيارات مثلاً؟؟ ومن الذي شجع وسمح ورخّص لمقدمات الفشل والانتحار الصناعي على “مذبح” هذه الصناعة التي قهرتنا سابقاً واليوم وهاهي تأخذنا إلى حيث سنندم ربما ؟؟
الخبر اللافت ولعله ليس بالجديد يقول: كشف مدير مدينة حسياء الصناعة بسام منصور عن وجود ثلاثة معامل حالياً في المدينة، منها معملان منتجان والمعمل الثالث قيد تركيب خطوط الإنتاج وهي ستدعم السوق المحلية بالسيارات المجمعة محلياً.
خبر محيّر ومثير للتساؤلات مع كثير من الدهشة والاستغراب، فالرجل يتحدث عن وقائع و “ناقل الكفر ليس بكافر”، لكن أهم سؤال نطلقه لمن لديه إجابة – أي كان – هو: لمن تُصنع السيارات في سورية؟؟
هل يستطيع مسؤول حكومي أو رجل أعمال أو أي سوري، أن يخبرنا عن سيارة سورية واحدة تم تصديرها إلى الأسواق الخارجية؟؟
هل تبدو هذه الصناعة مجدية على المستوى الفردي والوطني لنمعن في التراخيص لمنشآتها؟
بل هل تبدو السوق السورية قادرة على امتصاص إنتاج هذه المنشآت الآخذة في الانتشار؟؟
على المقلب الآخر وبما أننا تحدثنا عن خيارات غير مدروسة لاستثمارات رجال أعمالنا، ألا يمكن أن يكون لدى”صنّاع السيارات السوريين الجدد ” ملكات غير تقليدية وحنكة دفعتهم إلى الخوض في هذه الصناعة، بالتزامن مع قرارات منع استيراد السيارات؟؟
لقد اكتشفت الحكومة عبر سلطاتها المختصّة أن صانعي السيارات السوريين يستوردون سيارات جاهزة على أساس أنه قطع قادمة للتجميع، وهو التفاف “ذكي” على حالة المنع، واضطرت الحكومة ممثلة بوزارة المالية إلى إصدار تعليمات وشروط التجميع ونسب الرسوم الجمركية المستوفاة على مستلزمات التجميع، ووزعتها بين منشآت الصالة الواحدة والصالتين والثلاث صالات، ليكون الإعفاء في النموذج الأخير مجزٍ ومربح.
لكن هل يعني وجود الصالات الثلاث أن المنشأة لن تستورد السيارات جاهزة وتطرحها في الأسواق على أنها منتج سوري، ولن تكون هذه الصالات مجرد صالات “شد براغي ونفخ دواليب” ؟؟
أخيراً وبغض النظر عن كل الاحتمالات نعتقد أن متطلبات التنمية في سورية وفي هذا الظرف بالذات، تضع صناعة السيارات في آخر قائمة الأولويات، فسورية بحاجة إلى مشروعات اقتصادية حقيقية مادتها الأولية سورية بحتة، وتحتاج إلى مشروعات صغيرة ذات بعد اقتصادي واجتماعي معاً، ولا نظن أن صناعة تجميع السيارات تنضوي تحت أي من الاعتبارات السابقة، فلمن ولماذا وكيف نمنح الموافقات وتراخيص مصانع تجميع السيارات.
هامش: في زمن انتعاش تهريب الوقود السوري المدعوم إلى لبنان، نشطت ظاهرة الاستثمار في محطات الوقود، فانتشرت انتشاراً مذهلاً في قرى الشريط الساحلي القريب من الحدود اللبنانية، وكان اكتشاف الحكومة متأخراً حينها، عندما استنتجت أن كثافة تراخيص محطات الوقود تعود ليس للاستثمار في التوزيع، بل في تهريب المخصصات إلى لبنان.
وعندما أحجمت الحكومة الحالية عن تزويد هؤلاء بمخصصاتهم، أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ؟!!
فهل سنرى حالة مشابهة بالنسبة لنشاط صناع السيارات السوريين، والالتفافات على قرارات منع الاستيراد..وياله من التفاف يعد بالمليارات!!
ناظم عيد – الخبير السوري