موائد المليحي ستُفرش في درعا.. إدلب بتسوية لاحقاً والمفاجآت قد تكون في الرقة
علي مخلوف
في استراحة محارب يجلس الجبابرة بانتظار معركتهم التالية، يتجول ملاك الموت بينهم مربتاً على أكتافهم، هذا ينظف بندقيته كعروس تتبرج يوم زفافها قبل المعركة، وذاك يخرج من جيبه صورة لأعز أحبائه يقبلها ثم يعيدها إلى جيبه الأيسر القريب من القلب، هناك تحف الملائكة بأجنحتها فوق روؤس الجنود، والمحطة التالية درعا.
جميع ميليشيات درعا والقنيطرة تعلن الاستنفار والتوحد تحت مسمى “جيش الإنقاذ” تزامنا مع مفاوضات تسوية تجري برعاية روسية لإنهاء التواجد المسلح بالمنطقة بدل الخيار العسكري، تتضارب الاحتمالات حول الهدف من ذلك التوحد المفاجئ، هل هي غريزة القطيع عند إحساسه بالخطر؟ والهدف القتال ضد الجيش لضمان مفاوضات معه ترحلهم إلى مكان آمن كي لا يتم الاستفراد بكل ميليشيا على حدى؟ أم أن هناك تعليمات أمريكية من قاعدة التنف الموجودة في الأردن وعدتهم بالدعم الكامل عسكرياً لوجسيتاً ودبلوماسياً مقابل التوحد والقتال؟ ماذا عن الإسرائيلي الذي يسوق لمخاوفه من تواجد لإيران وحزب الله على الحدود مع الأراضي المحتلة؟ أليست تل أبيب من تدعم المسلحين في القنيطرة وهي التي أقامت مشافي ميداني لمعالجة جرحاهم؟ بالتالي ما هي الاتصالات الأخيرة التي حصلت بين مسلحي درعا والقنيطرة وإسرائيل قبل بدء الجيش لمعركة درعا الهامة؟.
المعركة التالية هامة جداً بالنسبة للجيش السوري، فتأمين كامل الجبهة الجنوبية لسوريا هو إنجاز كبير وضربة قاضية للمحور المعادي، كذلك فإن هذه المعركة هامة جداً بالنسبة لكل من الأردن وإسرائيل ومعهما الميليشيات المسلحة ومن ورائهم أمريكا المتواجدة في التنف، أصوات النيران ستكون السائدة قبل الخلوص إلى أية تسوية غالب الظن فيها أنها ستكون بالترحيل إلى مكب نفايات الشمال أي ادلب، على الرغم من كل المحاولات التي ستبذلها إسرائيل وأمريكا والمسلحين في تلك المعركة.
أما في ادلب فإن مايجري هناك حالياً قد يُعتبر تمهيداً نفسياً من قبل الجيش السوري، حيث ألقى مناشير للمتواجدين هناك، تطالبهم بالتسوية قبل فوات الأوان، وهناك أصوات بدأت ترتفع تطالب بتسوية على غرار ما جرى في الغوطة الشرقية وريفي حمص وحماة، كما أن عمليات التصفية والاغتيالات الجارية بين الميليشيات في ادلب جعل الكثير من حاملي السلاح يتحسسون رقابهم وهناك عائلات من المسلحين باتت تضغط على أبنائها لترك السلاح وتسوية الوضع.
في الرقة حصل ما لم تحسب واشنطن حسابه، وهو بوادر حرب عربية ـ كردية ، حيث تندلع اشتباكات بين ما يُسمى بلواء ثوار الرقة وقوات سوريا الديمقراطية ، حيث تدخلت قوات من التحالف الدولي لفض النزاع الدائر بين الطرفين المنضويين تحت قيادة موحدة.
طبعاً فإن قوات سوريا الديمقراطية لا تشكل خطراً على التركي طالما هي ممسوكة من قبل الأمريكي، كما أنها خليط من العرب والكرد بغض النظر عن أكثرية أي نسبة منهما، لكن حادث من هذا النوع سيشجع التركي على افتعال أزمات لاحقة بين العرب والأكراد، وهنا ستكون واشنطن وحلفها في مأزق، أنقرة ستستفيد من ذلك بإفهام واشنطن بأن تركيا حاجة لأمريكا في المنطقة قبل أي شيء ومن هنا سيبدأ الابتزاز.
سياسياً وبالتزامن مع توحد عصابات درعا والقنيطرة بالتعاون والاتصال مع الإسرائيلي والأمريكي والأردني، فقد ضم ما يُسمى بالائتلاف المعارض صوته لإسرائيل وأمريكا في معارضتهما لتولي سوريا رئاسة مؤتمر نزع السلاح التابع للأمم المتحدة، داعيا إلى مقاطعته.
إن حدثاً كهذا هو إنجاز في ميدان السياسة والدبلوماسية يترافق مع حملة مسعورة يقودها الأمريكي والإسرائيلي والخليجي ضد دمشق وحليفتها إيران، ولو كان الإنجاز معنوياً أكثر منه سياسياً، فالكل يعلم بأن المجتمع الدولي الدبلوماسي والسياسي مسيطر عليه غربياً، لكن أن تكون سورية المتهمة زوراً باستخدام الكيماوي رئيسةً لمؤتمر نزع السلاح فهو رسالة قوية لكل من يروج لتلك المزاعم، كيف يمكن أن تكون دولة متهمة باستخدام الكيماوي رئيسة لمؤتمر نزع السلاح عالمياً إلا إن كانت بريئة من تلك التهم بشهادة المجتمع الأممي ذاته.
وفي المسار السياسي للأزمة السورية قامت وزارة الخارجية السورية بتسليم لائحة لائحة بأسماء أعضاء لجنة مناقشة الدستور الحالي للحلفاء الروس والإيرانيين وهذا بالتوازي مع استمرار الحسم العسكري الجاري في البلاد، وهذه مؤشرات بداية النهاية .. النهاية التي ستشهد إقامة موائد المليحي في درعا بعينين خضراوتين، وقنيطرة نظيفة تماماً من الإرهاب تعزز وجود المحور المقاوم على تخوم الأراضي المحتلة، وادلب التي ستسلم دون رصاصة وبتسوية بحسب ما يتم توقعه، فيما ستبقى المفاجآت للمنطقة الشرقية لا سيما في الرقة، حيث يتواجد الجيش السوري في مدينة دير الزور، وهناك الكثير من مقاتلي العشائر العربية من الرقة مستعدون للقتال إلى جانب الدولة، هذه ستكون فرصة للبدء في عمليات عسكرية هناك أيضاً، أما مناطق تواجد التركي وأدواته من جهة والميليشيات الكردية من جهة أخرى فعلى الغالب ستكون على طاولة تفاهمات ومفاوضات وحلول سيعمل عليها الروسي بالتنسيق مع السوري، لبسط سيطرة الدولة على تلك المناطق مع حفظ التركي لتطمينات على مخاوفه من ناحية جماعات مسلحة كردية وعدم إقامة كيان خاص بهم يعزز من خطرهم على تركيا وأكرادها بحسب ما تروج له أنقرة.
عاجل