كيف يتم تحرير الجنوب السوري دون معركة واسعة؟
شارل أبي نادر – عميد متقاعد
انطلاقًا من قرار الجيش العربي السوري الثابت باستكمال تحرير كامل الجغرافيا السورية، وحيث أن هذا التحرير قد تحقق مؤخرا، بمواجهات عسكرية وبتفاوض وتسويات، في كامل ارياف العاصمة دمشق ومحيطها، وامتدادا الى اغلب محافظة حمص و ريف حماه الشمالي و تخوم ريف ادلب الجنوبي، من الطبيعي ان يكون الجنوب السوري هو الوجهة المرتقبة لهذا الجيش، وايضا عبر المناورة ذاتها، مواجهة عسكرية ميدانية وتفاوض وتسوية.
من ناحية أخرى، وبمعزل عن التهديد الاميركي للجيش العربي السوري بعدم التوجه جنوبا، والذي طالما كان يحدث عند كل عملية تحرير كان يحضّر لها هذا الجيش، كحلب والغوطة الشرقية وغيرها في الكثير من المناطق، من الطبيعي ان تكون حركة نقل الجيش العربي السوري لوحداته العسكرية باتجاه الجنوب ناشطة وواسعة ، والسبب بالاضافة طبعا لقرار التحرير المُتّخذ، ضرورة نشر الفائض الواضح من الوحدات العسكرية على الجبهات المواجهة لنقاط تمركز الارهابيين، والتي كانت قد عملت على تحرير المناطق المذكورة أعلاه وسطا وشمالا.
من هنا، ومن خلال رمي الجيش مناشير التحذير والتوجيه على مناطق تواجد المسلحين، ومن خلال تسارع انتقال وحداته، توحي المعطيات الميدانية ان المعركة واقعة لا محال، فكيف ستكون مناورة الجيش العربي السوري بهدف تحرير كامل المناطق الجنوبية وبسط سيطرته عليها، اولا بوجود التعقيدات الاستراتيجية المتعلقة بالاميركيين وبالاردن وبالعدو الاسرائيلي، وثانيا باقل قدر ممكن من الخسائر لدى العسكريين او المدنيين الابرياء، وباقل نسبة ممكنة من الاضرار المادية في الممتلكات والمنشآت المدنية والرسمية ؟
من خلال دراسة عسكرية وميدانية وجغرافية دقيقة لطبيعة انتشار وحدات الجيش العربي السوري وباقي المجموعات المسلحة، الارهابية او غير الارهابية، في الجنوب السوري ما بين ريفي القنيطرة ودرعا والحدود مع الاردن، ومن خلال خصوصية المعركة مع كل طرف من تلك المجموعات، حيث يستفيد بعضها من دعم العدو الاسرائيلي، وبعضها الاخر من الدعم الاميركي او الخليجي- الاردني، يمكن إعتماد المناورة الانسب لتحقيق الاهداف المذكورة على الشكل التالي:
مرحلة اولى
تكون هذه المرحلة باكملها ميدانية عسكرية، تُنَفّذ بطريقة خاطفة قدر الامكان من خلال زج اكبر عدد من الوحدات الخاصة صاحبة الخبرة والتجربة في الاختراق، وتقوم على ثلاث جبهات، يتزامن تنفيذها مع بعضها وهي:
– مهاجمة بصرى الحرير وتحريرها والعمل من خلال ذلك على استكمال ربط ريف السويداء الغربي مع إنخل وطريق دمشق درعا، وحيث ان هذا المحور يشكل شريطا ضيقا لا يتجاوز عرضه العشرة كلم، و يمكن مهاجمته من اكثر من اتجاه والسيطرة عليه بسهولة، يتحقق بذلك بالاضافة لتحرير بصرى الحرير، محاصرة مواقع المسلحين بين ( قاعدة خلخلة في السويدا ومحجة على طريق درعا دمشق) شمالا، و(بصرى الحرير- ازرع) جنوبا .
– انطلاقا من الشيخ مسكين، مهاجمة نوى غربا وتحريرها، وحيث يشكل هذا المحور ايضا شريطا ضيقا بعرض لا يتجاوز10 كلم، يتحقق في ذلك فصل ريف درعا الجنوبي الغربي عن ريف القنيطرة الجنوبي الشرقي.
– انطلاقا من مواقعه في مدينة درعا، ولمسافة لا تتعدى 7 كلم، تتقدم وحدات الجيش العربي السوري جنوبا على طريق درعا ـ الرمتا حتى الحدود مع الاردن في ” الحويرة ” الحدودية، وتحقق بذلك فصل وادي اليرموك و ريف درعا الجنوبي الغربي عن ريفها الجنوبي الشرقي حيث معبر نصيب الحدودي.
المرحلة الثانية
بعد ان يحقق الفصل الميداني ويؤمن محاصرة المسلحين في ثلاث مناطق معزولة عن بعضها كما ذكر اعلاه، ينتقل الجيش العربي السوري الى المرحلة الثانية التي تقوم على الضغط عبر المحاصرة، وذلك على كل منطقة من الثلاثة بشكل مستقل، وكما حدث في الغوطة الشرقية مثلا، يتقدم بشكل ثابت وآمن مع عزل البلدات والمحاور، لفرض التفاوض والتسويات كما اغلب مناوراته السابقة .
المرحلة الثالثة
بعد تحقيق اهداف المرحلتين الأولى والثانية، وانطلاقا من الأمر الواقع الميداني الذي سيفرضه الجيش العربي السوري، وبمواكبة ديبلوماسية يقودها الروس، يتم العمل على تثبيت انتشاره وسيطرته على الحدود مع الجولان المحتل استنادا لمقتضيات القرارات الدولية السابقة على خط الهدنة المعروف، كما ويمارس سيطرته وصلاحيته العسكرية والامنية والادارية على الحدود مع الاردن كاملة ومن ضمنها جميع المعابر الحدودية المعروفة .
لعهد