التهديد بالحرب متى وكيف؟
عباس ضاهر
انها أحداث مترابطة بين لبنان وفلسطين وسوريا، الهدف: ماذا ستحقق إسرائيل؟ رفعت تل أبيب سقف تهديداتها، وسرّبت معلومات مقصودة الى الإيرانيين والسوريين عبر الروس، أن الجيش الاسرائيلي سوف يشنّ حرباً على حلفاء و”أدوات إيران” في المنطقة. القصد هنا، الجنوب اللبناني والسوري، حيث يتواجد “حزب الله”، وحركة “نجباء” و”فاطميون”. لم تكتف التهديدات بالإشارة الى تلك المساحات الجنوبية، بل تحدثت عن توسيع الحرب، بالتوازي مع ضغوط أميركية هائلة، بدأت من نسف الإتفاق النووي، الى تنفيذ وإعداد مزيد من العقوبات لشل حركة حلفاء طهران. لم يسبق أن شهدت العلاقات الأميركية-الإسرائيلية تنسيقاً، كالذي يحصل الآن بين تل أبيب والبيت الأبيض.
كل ذلك التصعيد، رافقته ضربات إسرائيلية في غزة، لتأكيد النيّة الإسرائيلية بالإستعداد لحروب قاسية، لا هوادة فيها. لكن النار كانت تُخفي مفاوضات بين لهيبها. إنه بكل بساطة: التفاوض تحت النار، عبر الروس. إستفاد منه الإسرائيليون في الداخل، وأكملوا مشاريع الإستيطان في أراض فلسطينية، وهدم بلدات أخرى، كبلدة خان الأحمر، استعداداً لتشييد مستعمرات مكانها.
لكن، في ظل قرع طبول الحرب، وجهوزية كل القوى المعنية في الميدان، هجوماً ودفاعاً، تتدرّج التفاهمات التي تقودها موسكو، فلا تقبل إيران بإنسحاب مجموعات ترتبط بها من الجنوب السوري، إلاّ بإنسحابات أميركية، ستتم بدءاً من قاعدة التنف الحدودية، بين العراق والاردن وسوريا. لقد استطاعت موسكو ضمان الانسحاب العسكري لمجموعات “نجباء” و فاطميون” من حدود درعا، مقابل انسحاب واشنطن من قاعدة التنف، ودخول الجيش السوري وحده الى تلك المناطق. ومن هنا أتى تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن وجوب الإنسحاب الأميركي من التنف، إضافة الى إشارته لضرورة إنسحاب القوات غير السورية كافة من البلاد.
بالنسبة الى إيران، فإن الإنسحاب الأميركي من التنف هو إنجاز بحجم دور القاعدة الأميركية هناك، التي أسستها واشنطن لرصد التحركات الإيرانية عبر الحدود العراقية السورية. وهي قاعدة عسكرية مهمة من الناحية الإستراتيجية.
لا توحي المستجدات بعدم تنفيذ الانسحابات بضمانة روسية. لكن اسرائيل طلبت من موسكو ضمان مسافة آمان لا تقل عن 25 كيلومترا تكون تحت إشراف روسي مباشر. وأجرى ممثلون عن الأطراف كافة في درعا، مباحثات في العاصمة الأردنية عمان لإتمام هذه التسوية التي ستؤول لإبعاد مقاتلي المعارضة السورية من درعا إلى شمال سوريا، وعلى مدى أسابيع، تناقش ممثلو الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل في كيفية وضع خطة نهائية لإعادة الجيش السوري إلى مواقعه الحدودية مع الأردن، وفي المقابل ضمان روسي لتنفيذ مطالب إسرائيل بابعاد المجموعات المرتبطة بإيران.
تعرف تل أبيب أن مخطط ضرب دمشق سقط، وهي تحاول أن تهدّد بالحرب، لضمان تنفيذ شروطها والعودة الى وضع ما قبل 2011. وهو ما لا تسلّم به دمشق وحلفاؤها بسهولة. لكن الإسرائيليين وسّعوا من دائرة التهديد، للقول إننا قادرون على شن حرب، متى شئنا، وأينما أردنا، سواء في غزة، أو لبنان، أو سوريا. بالمقابل، تتعاطى طهران وحلفاؤها بواقعية، وبرودة أعصاب. فلا تقبل التراجع، من دون أثمان، بالقُطعة.
تعرف إيران ان المكسب الأساسي الذي حققته في سوريا هو منع إسقاط دولة حليفة لها، وعدم رميها في أحضان خصومها وأعدائها. هو الإنجاز الأساسي. بالنسبة اليها، فإن عودة ابجيش السوري للإمساك بزمام المبادرة الميدانية هو الإنجاز بعينه. لكن الإيرانيين لن يسلّموا بعناصر القوة من دون مقابل، أو من دون تأمين مستقبل المساحات. الجنوب السوري هو الأساس.
ستبتعد مجموعات حليفة لطهران عنه، لكن الجيش السوري سيحلّ وحده، بمؤازرة روسية معيّنة. الأسابيع المقبلة ستظهّر التطورات على الأرض، إستعدادا لعودة الخط الأردني-السوري أيضا.
كل ذلك، لا يعني السلم المطلق. الجميع حتى الساعة لا يزال يفاوض وهو يضع يده على الزناد. من دون تحديد، لا متى، ولا كيف، ولا أين ستشتعل المواجهات، في حال فشل التفاوض غير المباشر الذي ترعاه روسيا.
النشرة
Notice: Trying to get property 'post_excerpt' of non-object in /home/shaamtimes/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73