الحربلم يكن يعلم أن الحرب ستجهض أحلامه، وتدمر كل ما بناه طيلة سنوات.
هكذا وجد نفسه “شغيلاً” على “بسطة” لا تتجاوز مساحتها المتر المربع في منطقة البرامكة، وهو الذي كان عمله ينقله من بناء إلى آخر مشرفاً على مئات الأمتار.
يقول: كنت أعمل متعهد عقارات في منطقة الست زينب، و الحال المادية ميسورة.
فجأة خسرت كل شيء، لكنني لم استسلم، بدأت رحلتي للبحث عن العمل، وانتهى بي المطاف على “بسطة” في البرامكة اعمل ليل نهار لسد رمق اسرتي وادفع آجار المنزل الذي اقطن فيه، رغم أن قيمة استئجاره تزيد كل شهر.
غيرت الحرب مجرى حياة الكثيرين، بل إنها قلبت كثيراً من الموازين، واقحمت النساء والأطفال في سوق العمل بقوة.
سائقة تكسي
إم النور هي جدة عملت كسائقة تاكسي في حلب، بعدما خسرت ابنها البكر، وقررت النزول إلى الشارع وخوض تلك التجربة الجريئة.
تقول “عندما بدأت بقيادة سيارة الأجرة كنت خائفة، ولكن تقبل الناس فيما بعد فكرة أن المرأة يمكن أن تعمل في أي مجال”.
لم تكن إم النور الوحيدة التي اختارت هذا العمل، في دمشق العاصمة، ايضاً وعلى خط طريق جرمانا باب توما، عملت رنيم سائقة باص صغير “سرفيس”، وهي امرأة في الأربعين، اجبرتها ظروفها أن تتنظر ركابها مطلع كل صباح وتناظرها عيون المارة بغرابة تارة، وبإعجاب تارة أخرى.
ظاهرة غير مألوفة ، بدت لافتة مؤخراً، مع الظروف الاقتصادية الصعبة، وغياب الرجال عن الأسر، هي عمل الفتيات في المقاهي، يستقبلن الزبائن، ويقوم بتلبية طلباتهم والتردد عليهم بين الحين والآخر إلى أن ينهوا جلستهم.
عمل لاحظناه في إحدى الكراجات، حيث تجد بعض الفتيات يعملن على “بسطات” لبيع ما تيسر لهم من وأدوات التجميل والدخان.
تروي إحداهن وهي في عمر الورد: امام “عدم توفر فرصة العمل وفقدان المعيل، روادتني الفكرة، التي لم تلق في بداية الأمر ترحيباً من اسرتي، لكن الظروف اجبرتهم على الموافقة، وبدأت رحلتي في ذلك الكراج بمردود مادي لابأس فيه.
أسألها: هل تواجهك نظرات استغراب؟ وهل اعتدت على ذلك؟
تقول بابتسامة وهي تشير إلى المارة الذين من المفترض أن يكونوا من الذين يشترون منها: “هم يجب ان يعتادوا، هذه الحرب أفرزت كثيرا من الغرائب وعليهم أن يعتادوا، فأنا أريد دخلاً بطريقة كريمة وعليهم أن يتفهموا ذلك”
ظاهرة أخرى ايضا اقتحمت مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” الذي تحول إلى سوق تروج فيه الفتيات “بضائعهن” ولم يستثن طالبات الجامعة اللواتي اضطررن للعمل لتأمين شيء من احتياجاتهن.
على قارعة الطريق
لم تستثن الحرب احلام الأطفال، بل يبدو أنهم اكثر من دفعوا ثمن ذنب لم يرتكبوه
منذ الصباح يبدأ أحمد ذو العشر سنوات رحلته الشاقة على نافذة الفرن للحصول على الخبز، يخبرنا أن ظروف الحرب جعلته معيلاً لأهله، يعمل ليل نهار بين السيارات وعلى قارعة الطريق ، ليبيع ربطات الخبز، مقابل مردود مادي بسيط يكاد يسد الرمق.
يحاول أحمد كغيره من الأطفال أن يستعيد لحظات من الطفولة التي فقدها، باللعب والمزاح مع رفاقه، رغم نظرة القسوة والرجولة في عينيه.
تلك بعض مفرزات الحرب، في بلد آن لها أن تولد من جديد.
هاشتاغ سيريا
Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73