هذا ما يعنيه حديث الأسد.. وهكذا بتنا في الخواتيم
الدكتور محمد بكر
المشهد السوري اليوم بات يشي بالكثير, كثيرٌ تنامى خلال الفترة الماضية ولاسيما بعد حسم معركة دمشق وتأمينها بالكامل، في سوتشي رُسمت معالم المرحلة القادمة ذات الطابع السياسي بامتياز، وباتت تُجهز كل مقومات العملية السياسية ومستلزماتها، والمشكلة التي كان الأسد قد عدها الوحيدة في ملف الحرب السورية المتعلقة بالكرد تشق طريقها نحو النهاية وعلى أساس توافقي ومن دون شروط مسبقة كما نقلت العديد من المصادر، ظهور الرئيس السوري مرتين في حديث لوسائل الإعلام خلال أقل من اثني عشر يوماً وكلامه عن خواتيم الحرب في لقاء مع قناة روسيا اليوم، وعن الترشح للرئاسة المتعلق بالإرادات الشعبية والشخصية كما قال لصحيفة ميل اون صنداي البريطانية، هو بمنزلة تأكيد كل التحليلات والتوصيفات التي تُغلّب الحلحلة في تلافيف المشهد السوري.
كان مُبَرراً أن لا يعلق الرئيس الأسد بإسهاب على سؤال الصحفية البريطانية له حول عدم تسليم منظومة صواريخ S300 الروسية وتوصيفه للسلوك الروسي بالإعلان السياسي، ففي السياسة غير مسموح بالبوح الكامل لكل مايجري من كباش تجاوز مسألة الحرب المقتصرة على الجغرافية السورية ليلامس الحدود الدولية بكل ماتحمله الكلمة من توصيف، ولاسيما عندما يكون المُتحصل عليه من الكتمان كبير وذو ثقل نوعي في ميزان الكباش الدولي، وكذلك كان طبيعياً أيضاً ان ينفي الأسد أي تنسيق بين الروسي والإسرائيلي أو العلم الروسي المسبق بالغارات الإسرائيلية على مواقع سورية وأن يعد ذلك تناقضاً، لأن صورة التحالف الاستراتيجي بين موسكو ودمشق ووقوف الأولى بكل قوة لمنع تدهور النار إلى حقول أبعد هي صورة أعمق من حديث عن تنسيق هنا او هناك، ولو أنه حصل في اعتقادنا بحدود معينة لتلافي الصدام المباشر على قاعدة حرب عالمية ليست من مصلحة أحد.
النقطة الأبرز في كل الحاصل في المشهد السوري هو نجاح الروسي في إدارة الحرب السورية، وإيصالها لمطارح تسمح بإنهاء مايقلق إسرائيل في سورية وتحديداً الجنوب، وبما يتعلق بتواجد قوات لإيران أو لحزب الله، وذلك من منطلق ميداني بحت، ظهّر تفوقاً لمحور موسكو على كل مااراده الأميركي لسورية، وليس من منطلق انصياع للرغبات الإسرائيلية، بدليل أنه عندما تجاوز الإسرائيلي حداً بعينه في سورية جاء إسقاط طائرة F16 ليبلور ويؤكد عمق مايجمع بين موسكو ودمشق ولو على حساب الإسرائيلي، وفي ذات جزئية الجنوب نقرأ ونفهم ما أكدته هذه الصحيفة ” رأي اليوم” بتفاعل القنوات الأمنية والعسكرية بين دمشق وعمان ورسائل دمشق للجانب الأردني، إذ لم يتبق سوى تظهير التوافقات سياساً ولاسيما بعد إقالة حكومة الملقي.
عنوان المشهد السوري في المرحلة القادمة هو سياسي واقتصادي بامتياز، تنطلق فيه العملية السياسية من أوسع الأبواب ويستعد القطار السياسي السوري للمضي وأبوابه مشرعة لمن يود الصعود وبقيادة وتوجيه الدولة السورية، وتوضع فيه أسس البناء الاقتصادي وإعادة إعمار سورية من مال الغرب وغير الغرب.
* كاتب صحفي فلسطيني
رأي اليوم
Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73