الإثنين , نوفمبر 25 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

الاستدارة الكرديّة نحو روسيا: هل تحقّق المطلوب؟!

الاستدارة الكرديّة نحو روسيا: هل تحقّق المطلوب؟!
لطالما اتسمت مواقف الأكراد بالتسرّع في سبيل تحقيق تطلعاتهم الانفصالية وإنشاء “وطن” كردي في العراق ودول الجوار، آخر هذه الخطوات تمثّلت بالاستفتاء الذي شكّل صفعة كبيرة للمشروع الكردي في المنطقة.
الأكراد ينسجون علاقات قوة مع أمريكا، ولكن في المرحلة السابقة استغلوا حاجة تركيا للنفط، وعمدوا إلى تصدير النفط إلى أنقرة وعبرها إلى العالم دون التنسيق مع بغداد، ولكن عندما وصل الأمر إلى الاستفتاء اتسم الموقف التركي بصلابة واضحة، تكاد تفوق صلابة بغداد.
اليوم هناك خطوة جديدة بعد أن لمس الأكراد تخلي الأمريكيين عنهم في الاستفتاء، ومشاهدتهم لما يحصل مع أكراد سوريا، الخطوة الجديدة تتمثل بالتقارب مع روسيا، فهل تنجح روسيا في تأمين مصالح الأكراد في حين فشلت واشنطن؟.
رغم تعزيز روسيا لقدراتها في المنطقة إلا أنها ليست في وضع يسمح لها بفرض شروطها أو تعديل الواقع، وفي ٢٥ أيار/مايو، خلال “منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي” السنوي، وقّع ممثلون عن “حكومة إقليم كردستان” وشركة النفط الروسية العملاقة “روسنفت” اتفاقيةً جديدةً لتطوير البنية التحتية للغاز الطبيعي في “إقليم كردستان”، واستناداً إلى صفقة سابقة تم التوقيع عليها في المنتدى الذي عُقد العام الماضي، وافقت “روسنفت” على بناء خط أنابيب غاز مع تركيا يستوعب ٣٠ مليار متر مكعب سنوياً، ما يوسّع بشكلٍ ملحوظ نطاق موسكو في قطاع الطاقة بالشرق الأوسط، وقد أكّد الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي يوم ٧ حزيران/يونيو أن العقود مع “حكومة إقليم كردستان” “واعدة وواسعة النطاق”.
الجميع يعلم أن روسيا تبحث عن موطئ قدم لها في العراق لعدة أسباب، أولاً: لكسب الأكراد لمصلحتها وإبعادهم عن غريمتها التقليدية أمريكا، ثانياً: توقيع عقود مع إقليم كردستان في مجال النفط والغاز، لأن في ذلك فوائد جمّة لروسيا على الصعيد السياسي والاقتصادي ويمكنها عبر هذه العقود انتزاع شروط تعاقدية أفضل مع بغداد في القادم من الأيام.
سوريا ليست العراق
في سوريا لعب التناغم الروسي الإيراني، ولاحقاً الروسي التركي دوراً كبيراً في تعزيز موقف موسكو على الخارطة السورية، وعلى هذا يمكن اعتبار الأوضاع مختلفة تماماً في سوريا عمّا هي عليه في العراق فعلى الرغم من دعم موسكو سابقاً لإنشاء “حكم ذاتي” للأكراد إلا أن علاقتها الاستراتيجية مع دمشق لا تحول ولا تزول نظراً لمتانتها وعمقها بما يحقق منفعة دائمة للطرفين، لذلك لن تذهب روسيا بعيداً في دعمها لأكراد سوريا كما فعلت مع أكراد العراق، فالوضع يختلف هنا، ولعلّ ما جرى في عفرين خير دليلِ على آلية عمل الروس في سوريا.
في هذا الإطار كتب كيريل سيمونوف، مدير مركز الدراسات الإسلامية بمعهد التنمية الابتكارية والخبير في مجلس الشؤون الخارجية الروسي، مقالاً بعد دخول القوات التركية إلى عفرين تحت عنوان إضعاف الأكراد السوريين في مصلحة موسكو”، وقال إنه في اليوم الثاني، 22 يناير، من عملية القوات المسلحة التركية وحلفائها السوريين ضد جيب عفرين الكردي في سوريا، الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، أدلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ببيان سوّغ في جوهره أعمال أنقرة في شمال سوريا.
ربما هناك محاولة روسية لتحقيق شروط أفضل للشركات الروسية عبر اللعب على وتر الأكراد والانسحاب الكردي اليوم نحو روسيا الذي يعدّ بمثابة ردّ فعل لن يحقق للأكراد أي شيء بل سيزيد الأمر سوءاً ولاسيّما في ظلّ العداء الكبير بين القطبين العالميين.
الأكراد اليوم ليسوا كالسابق
هناك شرخ حصل بين الأكراد الساعين لبناء وطن مستقل لأنفسهم، وقد عمّق هذا الشرخ تحالفاتهم غير محسوبة النتائج مع دول تخذلهم بشكل مستمر، على رأسها أمريكا، التي استخدمتهم مراراً وتكراراً كـ”كبش فداء” لتمرير مشاريعها التي غايتها التقسيم وإثارة الفوضى قبل أن تكون غايتها مساعدة الأكراد في استقلالهم، ومثال ذلك حي في سوريا عندما تخلّت عنهم حين هاجمتهم تركيا، ولن تتوانى عن تكرار ذلك عندما تجد الفرصة مواتية لضرب أعدائها عبر “ورقة الأكراد” دون أن تخسر أي شيء.
الروس اليوم أصبحوا أقوى من أي وقت مضى وهناك توجهات كبيرة من قبل دول الشرق وخاصةً العربية منها نحو روسيا على اعتبار أنها أكثر جديةً وتقدّم ضمانات أفضل من واشنطن، ولكن على الأكراد أن يحذروا من روسيا، لأن موسكو تعلم جيداً أن انسحاب الأكراد نحوها تكتيكي وبمثابة ردّ فعل، لذلك لن تضع موسكو بيضها في سلة واحدة.
لذلك نعتقد بأنّ الحل الأمثل بالنسبة للأكراد اليوم لدرء المخاطر التي تحيط بهم والابتعاد عن المغامرات التي كلّفت اقتصادهم الكثير، هو الاتجاه نحو الداخل والتنسيق مع بغداد في المراحل القادمة، حيث إنه لا بديل للعيش السلمي المشترك مع بغداد والتنسيق معها على أعلى مستوى.
بغداد اليوم أقوى من أي وقت مضى بعد دحرها للإرهاب، وتحالف الأحزاب الكبرى فيها مع بعضها، ما يخفف حجم أي مؤامرة ستحاك ضدها في القادم من الأيام، وفي حال تمّ التحالف مع إقليم كردستان فستكون الأمور في العراق في أفضل حالاتها.
الوقت