السبت , نوفمبر 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

النظام العالمي…و التنافس الأمريكي الصيني

النظام العالمي…و التنافس الأمريكي الصيني
مرّة أخرى، يشعر عدد متزايد من المراقبين بالقلق بسبب خسارة أمريكا لريادتها العالمية، حيث يقول الكاتب الأمريكي المعروف في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، آن ابلبام، إنه بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحادي من الاتفاق النووي، وتوتر الأجواء والعلاقات بينه وبين حلفائه التقليديين مثل أوروبا واليابان والمكسيك وغيرهم، نرى “إن عدنا إلى الماضي أن زمن الهيمنة الأمريكية قد كان قصيراً”.
عوامل كثيرة ساهمت وتساهم في هذا الانهيار، حيث قوّض انسحاب أمريكا من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي النفوذ الاقتصادي الأمريكي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ما سمح للصين بمواصلة مشاريعها التجارية والاستثمارية في المنطقة، كما أن التوترات التجارية مع الحلفاء التقليديين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا والمكسيك، جعلت أمريكا أكثر عزلة، وتظهر هذه الحقائق أن نفوذ واشنطن في الشؤون العالمية آخذ في الانخفاض وهذا هو نتيجة الأبحاث الأخيرة التي تؤكد أنه في الشهر الماضي، خلصت مؤسسة بحثية أسترالية في سيدني تسمى معهد ليفي إلى أنه في حين أن أمريكا لا تزال مهيمنة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فإن الصين ستصبح في المرتبة الأولى بحلول عام 2030.
ويقول محللون في هذا الشأن إن التغيير على المستوى العالم صعب جداً ومعقّد، وفي حين أن ظهور بلدان أخرى وجهات فاعلة على الساحة الدولية يعني أن التراجع النسبي للهيمنة الأمريكية سوف يستمر على الأرجح، ويرى خبراء في الشأن الأمريكي أنه لا يمكن لدولة أن تهيمن على العالم بقوة جيوشها وكثرة أسلحتها، إنما يجب عليها أن تطبّق مفهوم الشؤون العالمية لجذب الآخرين ولتحقيق أهدافها وتعزيز قيمها، وتتمتع واشنطن بتفوّق ملحوظ على بكين في هذا الشأن، ولهذا السبب من غير المرجّح أن نرى انتقالاً واضحاً وشفّافاً بين هاتين الدولتين، ومن المرجّح أن تتحرّك البلدان نحو تحقيق توازن سلبي ومبهم في المستقبل.
وتعدّ أحد المؤشرات الرئيسية للقوة الوطنية هو القوة العسكرية، وذلك وفقاً للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وفي هذا الصدد يقول خبراء عسكريون صينيون إن ميزانية بكين العسكرية ستتجاوز الميزانيات العسكرية الأمريكية بحلول منتصف عام 2030، لكن الجمع بين الميزانيات العسكرية واستخدامها لا يقل أهمية عن “حجم هذه الأموال”، ولا يمكن للصين أن تصبح منافسة لأمريكا حتى تتمكن من استخدام قواتها المسلحة بنفس سرعة ودقة وقدرة الجنود الأمريكيين، وقال كيرتز كوبر، وهو باحث دفاع دولي في مؤسسة راند غير الربحية، إن معظم عمليات التحديث العسكرية في الصين كانت من أجل تحقيق القدرات التي اكتسبتها أمريكا بالفعل.
إضافة إلى ذلك، تحارب واشنطن المنظمات الإرهابية في 14 دولة على الأقل، ومنذ العام الماضي، تتمركز قوات العمليات الخاصة الأمريكية في ثلاثة أرباع دول العالم التي يبلغ عددها 195 دولة، وبغض النظر عن الأسئلة المطروحة حول أهداف وجودها، تعدّ قدرة أمريكا على استخدام قوتها العسكرية في كل ركن من أركان العالم عنصراً أساسياً في موقفها كقوة متفوقة.
وإلى جانب الجيوش، تعدّ القدرة الاقتصادية مؤشراً مهمّاً يجب الالتفات إليه لكنه أكثر غموضاً من سابقه، حيث توقّع مركز أبحاث الأعمال والاقتصاد في لندن مؤخراً أن الناتج المحلي الإجمالي للصين سيتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا بحلول عام 2032، وهنا يرى محللون اقتصاديون أن الحجم ليس كل شيء حيث تحتاج الصين إلى أن يكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالي أربعة أضعاف المستوى الحالي لتعتبر منافساً اقتصادياً، صحيح أن الصين لديها تقدّم تكنولوجي على جميع الأصعدة لكنها لا تزال بعيدة كل البعد عن المنافسة الأمريكية في هذا الشأن.
مؤشر آخر يضاف إلى المؤشرين السابقين، هو القدرة على إعادة إنتاج المكونات الأساسية للقوة الوطنية بما في ذلك السكان والنمو الاقتصادي والقدرة على الابتكار، وبسبب الهجرة، أصبح لدى أمريكا أفضل نظرة ديموغرافية بين القوى العظمى، حيث خلصت دراسة أمريكية قام بها مركز بيو للأبحاث عام 2015 إلى أن المهاجرين والأطفال الذين ولدوا في أمريكا سيشكلون 88 في المئة من سكان أمريكا بحلول عام 2065، وذلك بفضل الثورة التي وضعت أمريكا على الطريق الصحيح لتصبح واحدة من المصدرين الرئيسيين لمنتجات الطاقة بحلول عام 2022، وهو الإنجاز الذي تحقق لأول مرة في عام 1953.
باختصار، قد لا يكون أنصار نهج “أمريكا أولاً” في السياسة الخارجية مهتمين بمثل هذه الدراسات والتصريحات أو يعتقدون أن التأثير الأمريكي أكثر ترجيحاً من النظرة الاستراتيجية، لكن عليهم أن يتذكروا أيضاً كلمات المنظّر السياسي الفرنسي رايموند آرون، الذي قال بأنه عندما تخفت قدرة أي قوة عظمى ستتلاشى عندما لا تعدّ تلك السلطة في خدمة الرأي، وإن لكل شيء بداية وفي المقابل من الطبيعي أن تكون له نهاية، كما أن للبداية أسباب ودوافع تؤدي للنشأة وتكوين الحاجيات، وتكون أيضاً للنهاية أسباب ومبررات أقوى مما في البداية، لأن النهاية تعني انتهاء الشيء كما بدأ أي تعني الدمار أو الأخذ الشديد أو غير المعلوم، وكذلك غير محدود، وهذه النهايات ليست كالبدايات لأنها تتطلب عملية بناء وإنشاء وإعمار حتى يظهر للبداية وللأشياء التي تكونت وظهرت النفع، في كلا الحالتين لكل شيء بداية ونهاية.
الوقت