«مصالحات» درعا تُسابق تحرّكات الميدان
يتجه عديد من بلدات ريف درعا نحو توقيع «تسويات» مع الجانب الحكومي، تُجنّب سكانها تبعات خيار الحسم العسكري، وتتيح المجال أمام «تسوية أوضاع» المسلحين الراغبين بذلك، وهو ما قد يعيد جزءاً كبيراً من المنطقة الجنوبية إلى يد دمشق من دون قتال
لم يكن اغتيال أعضاء لجان «المصالحات» في معظم بلدات الجنوب السوري من قبل بعض الفصائل المسلحة كافياً لتحييد هذا الخيار بالكامل. فمع تقدم الجيش الأخير وسيطرته على اللجاة وبصر الحرير والحراك، وسط غياب لفاعلية الفصائل المسلحة وغرف عملياتها، بدأ عدد من أبرز بلدات ريف درعا، اتباع طريق المفاوضات لاجتراح تسويات محلية، تجنّب تلك البلدات وزر أي معارك مفترضة. وحتى مساء أمس، دخلت وحدات الجيش وعدد من عناصر الشرطة العسكرية الروسية بلدة إبطع، شمال درعا، فيما انسحب المسلحون من بلدتي طفس وداعل المجاورتين، تمهيداً لدخول الجيش وفق اتفاق مع لجان محلية من أهالي البلدتين. وفي الريف الشرقي، تستعد بلدات بصرى الشام وصماد وأم ولد والمسيفرة والجيزة والكرك والغارية الشرقية، إلى جانب صيدا والطيبة وأم المياذن ونصيب، للدخول في اتفاقات مماثلة، مع خروج وفود للتفاوض مع الجانبين الحكومي والروسي، من معظم تلك البلدات. وعلى رغم أن التقدم العسكري على الأرض والتجاذبات الدولية والإقليمية، لعبت الدور المباشر في ترجيح كفة المصالحات، إلا أن اتفاقات «التسوية» التي عقدتها الحكومة مع عدد كبير من وجهاء تلك البلدات، من المقيمين خارجها، قبل أكثر من 3 أشهر، كان لها الأثر الأهم في حشد الأهالي خلف هذا الخيار، ومطالبتهم بانسحاب المسلحين من بلداتهم حين انطلاق العمليات العسكرية. ولا تزال بعض الفصائل، خصوصاً «جبهة النصرة» ومن يعمل معها على الأرض، تحاول شن هجمات على بعض المحاور القريبة من تلك البلدات، وهو ما من شأنه تأخير دخول قوات الجيش إليها. وفي موازاة تلك رجحان خيارات المصالحة، تحرك الجيش بعد تمهيد ناري استمر أياماً عدة، في محيط مدينة درعا الغربي، ليسيطر على مواقع عدة غرب المدينة، تكشف السهل الممتد نحو الحدود الأردنية، الذي يعد طريق الاتصال الوحيد بين الريفين الشرقي والغربي. هذا التقدم سيتيح للجيش تعطيل حركة المسلحين ومنعهم من حشد قوات كبيرة على أي من الجبهات، بما يسرّع قطار المصالحات الذي انطلق. وسوف يساهم دخول الجيش بلدات داعل وطفس، حين إتمام اتفاق التسوية، من قطع تواصل ريف درعا الغربي مع مناطق الريف الشمالي وامتداده نحو القنيطرة، ما يعزز فرص التسويات في تلك المنطقة أيضاً، على رغم الدعم الذي تتلقاه بعض الفصائل العاملة هناك من العدو الإسرائيلي. وخلال العمليات العسكرية أمس، دخلت وحدات الجيش بلدات الحراك ورخم والصورة وعلما والمليحتين الغربية والشرقية شمال شرقي مدينة درعا، وبدأت عمليات التمشيط وتفكيك الألغام والعبوات الناسفة. وفي إبطع، تجمع مئات من أهالي البلدة لاستقبال وحدات الجيش التي دخلت وفق اتفاق التسوية، كما سلّم العديد من المسلحين أسلحتهم إلى الجيش للبدء في عملية «تسوية أوضاعهم».
أوصى غوتيريش بتمديد مهمة «أندوف» بموافقة دمشق وتل أبيب
وأتت هذه التطورات، في وقت تحدثت أوساط إعلامية وحكومية أردنية، عن قرب التوصل إلى «هدنة… تقود إلى مصالحة» في الجنوب السوري. ولم يصدر حتى مساء أمس، أي إعلان رسمي أردني بهذا الخصوص، على رغم تأكيد عدد من المسؤولين الحكوميين عملهم لإنجازها. واللافت في هذه الأنباء الأردنية، أنها تزامنت مع تسريبات نشرتها وسائل إعلام أميركية عن خطط أميركية طرحها الرئيس دونالد ترامب، خلال لقائه الأخير مع الملك الأردني عبدالله الثاني، وتتضمن تفاهماً مع الجانب الروسي حول سيطرة الجيش السوري على المنطقة الجنوبية مقابل توافقات تخص مستقبل الدور الإيراني هناك. ولم يخرج أي تأكيد رسمي من أي من البلدين في شأن صحة هذه المعلومات، غير أن المتحدث باسم الرئاسة الروسية أكد أنه لا يملك معلومات في هذا الشأن. وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في مؤتمر صحافي عقب لقائه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «وضعت الأمين العام في صورة جهود المملكة مع جميع الأطراف لوقف النار وضمان حماية المدنيين وأيضاً ضمان تقديم كل الدعم الممكن لأشقائنا السوريين في بلدهم وعلى أرضهم». وأشار إلى أن «الأمور تطورت في صورة لم نكن نرغب بها، ونحن الآن في وضع لا نملك معه إلا أن نستمر في العمل مع كل الأطراف من أجل وقف النار». ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول في الخارجية الأميركية، قوله إن بلاده «لا تستطيع تأكيد التقارير عن وقف لإطلاق نار». وتطابق أمس، الموقفان الإسرائيلي والأردني تجاه ما يجري في جنوب سوريا، إذ أكد الطرفان أنهما لن يسمحا بعبور أي نازحين للحدود، مشيرين في الوقت ذاته إلى استعدادهما لتقديم مساعدات في الداخل السوري، وهو ما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه بدأه أمس. ووسط الهدوء النسبي الذي تعيشه خطوط التماس في القنيطرة وريف درعا الشمالي الغربي المحاذي لمناطق الجولان المحتلة، طالب الأمين العام للأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي، بضرورة تمديد ولاية القوة الأممية الموقتة لمراقبة فض الاشتباك (أندوف) في مرتفعات الجولان المحتلة، لمدة ستة أشهر، لتنتهي بنهاية العام الحالي. وأبلغ الأمين العام أعضاء المجلس موافقة الحكومتين السورية والإسرائيلية على توصيته بتمديد ولاية القوة الأممية التي تنتهي ولايتها الحالية، اليوم (30 حزيران).
موعد جديد لأطراف «أستانا» في سوتشي
أعلنت موسكو أن الاجتماع المقبل ضمن مسار اجتماعات أستانا سيعقد في مدينة سوتشي الروسية، في آخر يومين من شهر تموز المقبل. وأوضح نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، أن الدول الضامنة لمسار أستانا، روسيا وإيران وتركيا، سوف تحضر اللقاءات، كما الطرفين السوريين، الحكومي والمعارض، إلى جانب المراقبين. ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن فيرشينين، قوله إن جهود تشكيل «اللجنة الدستورية» وصلت إلى مرحلة متقدمة، وإن المضي نحو المرحلة المقبلة ينتظر التشكيلة المقترحة لشغل عضوية اللجنة، من جانب المعارضة والمجتمع المدني، لكون الجانب الحكومي قد أرسل مقترحاته. وبدا لافتاً بالتوازي مع الحديث عن موعد جديد للقاءات سوتشي، تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، التي قال فيها إن «روسيا وإيران والولايات المتحدة تتحمل جزءاً من المسؤولية في الانتهاكات» جنوب سوريا. وقبلها كان الناطق باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي، قال إن «هذه الهجمات تقوض الجهود التي تبذل في إطار عمليتي أستانا وجنيف».
الأخبار
Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73