حلب تحتفل بـ”طرد الأرواح الشريرة”
في منتصف ليلة الأول من تموز من كل عام تشهد بعض أحياء مدينة حلب ومنطقة الجزيرة في الشرق السوري عادة غريبة وقديمة، يقوم فيها المواطنون برمي الزجاج من النوافذ إلى الشارع لكسره.
يطلق أهالي حلب على هذه العادة اسم “كسر الشر” أو “طرد الأرواح الشريرة” أو “عيد الطبيشة”.
وينتشر هذا الإحتفال بشكل محدّد في الأحياء التي يقطنها المسيحيّون في حلب وأبرزها: العزيزة والسليمانية والميدان والتلفون الهوائي، حيث يملأ الزجاج شوارع هذه الأحياء في كل عام.
وعلى الرغم من رفض الكنائس هذا النوع من الإحتفالات واعتبارها “خرافات”، إلاّ أن الحلبيين يمارسون في كل عام هذا “الطقس” ضمن أجواء احتفالية.
يوضح الصحافي الحلبي سركيس قاصرجيان في حديث لموقع “الجديد” أن هذه العادة تنتشر بين الأرمن والآشوريين والسريان على وجه التحديد في سوريا. ويقول: “يتم كسر الشر بإلقاء الأواني الزجاجية (غالباً رقيقة وقابلة للكسر بسهولة) عبر الشرفات والنوافذ بعد منتصف ليل الأول من تموز بهدف كسره لطرد الشر”.
ويتابع قاصرجيان قائلاً: “حتى أن البعض إذا رمى إناءه من الشرفة ولم يتهشّم، فإنه يتحمّل عناء النزول من الطابق الرابع والخامس ليقوم بكسره لإيمانه بأن عدم انكساره نذير شؤم”.
وعن مرجعية هذه العادة تاريخياً، يشرح قصارجيان: “هذه العادة مرتبطة بالأساطير البابلية الآشورية القديمة مثل ملحمة عشتار وإينوما إيليش، التي تتحدث عن أن الإله تموز إله الحب والجمال لدى البابليين هبط في الأول من تموز من العالم العلوي إلى العالم السفلي ليتزوج عشتار آلهة الخصب والعطاء وينهي الصراع الأزلي بين آلهة العالم العلوي وآلهة العالم السفلي للقضاء على الشر. وتشير عملية كسر الزجاج في هذا اليوم إلى كسر الشر وطرده”.
خلال السنوات الماضية، وفي الفترة التي شهدت فيها حلب أعنف المعارك، لم تتوقف هذه الظاهرة لكنّها انحسرت بسبب حركات النزوح من الأحياء المسيحية من جهة، وتحوُّل عدد من الأحياء إلى مناطق ساخنة.
ومع انتهاء الحرب في حلب وعودة السكّان تدريجيًّا، شهدت هذه الظاهرة عودة إلى شوارع المدينة، رغم اعتراض البعض ممّن يرون فيها سلوكًا مؤذيًا قد يضرّ الغير، في حين يعتقد من يمارسها أنها أمر مسلٍّ وقد يردّ الشر عن المدينة فعلاً.
علاء حلبي- الجديد