خلل بقيمة 7 مليارات ليرة في المؤسسات العامة..والجهاز المركزي يسترد 600 مليون منها
كشف رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية محمد عبد الكريم برق أن إجمالي المبالغ المكتشفة خلال عام 2017 تجاوزت السبعة مليارات و600 مليون ليرة سورية، تم استرداد مبلغ مليار و622 مليون ليرة سورية بنسبة 21 % «من الإجمالي»، موزعة بين 99 قضية تحقيقية إضافة إلى تدقيق ما يقارب 2064 دورة مالية خلال عام 2017 ، مؤكداً وجود قنوات اتصال مباشرة مع الجهات العامة لمتابعة تنفيذ التوصيات والمقترحات خلال العام الحالي.
وفيما يتعلق بأعمال التحقيق الخاصة بأسباب الخسائر لدى الجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي أشار برق إلى قيام الجهاز المركزي بالتحقيق بنتائج أعمال 28 دورة مالية وتسجيل خسائرها 11 مليار و386 مليون ليرة سورية، تم اعتبار هذه الخسائر مبررة للأسباب الواردة بالتقارير وهي خارجة عن إرادة القائمين على أعمال تلك الشركات والمؤسسات ومجالس إدارتها ولجانها الإدارية.
وقال: أولويتنا كانت باتجاه رسم إستراتيجية وخارطة عمل تنسجم مع متطلبات المرحلة الراهنة وحجم المهام الكبيرة التي يقوم بها الجهاز المركزي وصولاً إلى تدقيق الإنفاق من الناحية الاقتصادية وعدم الاكتفاء بقانونية الإنفاق تعزيزاً لدور الجهاز في حماية المال العام ومكافحة الفساد وتدقيق برامج التنمية المستدامة، مبيناً أنه إذا كان الأفضل ممكناً فالجيد لا يكفي ومن أولى اهتماماتنا جودة العمل الرقابي وتحسين نوعيته لتحقيق رقابة واعية وفعالة.
وحول نتائج التقرير السنوي لعام 2017 أشار برق إلى قيام الجهاز المركزي بتدقيق أعمال وحسابات كافة الجهات العامة وفق المادة 3 من مرسوم إحداث الجهاز الذي يمارس الرقابة اللاحقة والمسبقة بأنواعها الثلاثة رقابة الالتزام والرقابة المالية ورقابة الأداء، مشيراً إلى أن عدد الجهات العامة التي خضعت لرقابة الجهاز خلال عام 2017 وصلت إلى ما يقارب 3500 جهة عامة ذات طابع إداري واقتصادي إضافة إلى التحقيق بـ 99 قضية في مختلف وزارات الدولة حيث توزعت أعمال التدقيق والتحقيق بين القطاع الاقتصادي حيث تم تدقيق 713 دورة مالية «في 2017 « عن عام 2016 بنسبة إنجاز وصلت إلى 74 % من إجمالي عدد الجهات الخاضعة للرقابة إضافة إلى تدقيق 191 دورة مالية عن أعوام سابقة، أما في القطاع الإداري فقد بلغ عدد الجهات العامة التابعة لوزارة الإدارة المحلية والخاضعة لرقابة الجهاز 72 دائرة إضافة إلى 1112 مجلس مدينة وبلدية وقرية دقق منها 859 دورة مالية تخص عام 2016 بنسبة انجاز 72% إضافة لإنجاز 301 دورة مالية عن أعوام سابقة، أما الجهات العامة ذات الطابع الإداري بين إدارات عامة وهيئات ومنظمات 1118 جهة دقق منها 861 دورة مالية عن عام 2016 بنسبة انجاز 77% إضافة إلى 169 دورة مالية عن أعوام سابقة، وفي قطاع التأشير تم دراسة وتأشير 276017 صكاً تخص مختلف فئات العاملين في الوزارات الإدارات وبنسبة انجاز تقترب من 100% من الصكوك الواردة إضافة لدراسة واعتماد 80 مسابقة و183 اختباراً، وصولاً إلى القطاع الأهم قطاع التحقيق حيث بلغ عدد القضايا التحقيقية التي أنجزها الجهاز وتم اعتمادها بشكل نهائي 99 قضية لدى مختلف الوزارات والإدارات والجهات العامة موزعة بين 64 قضية في الوزارات والبلديات 35 قضية في الجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي.
وأشار إلى أن الجهاز وخلال التحقيق بالقضايا» المشار إليها» إضافة إلى نتائج أعمال التحقيق في القطاعين الإداري والاقتصادي تم تسجيل أهم القضايا التحقيقية حيث جاءت وزارة المالية بالمرتبة الأولى حيث تم اكتشاف مبلغ مليار و842 مليون ليرة، تلتها وزارة الإدارة المحلية بمبلغ 793 مليون ليرة، ثم وزارة الموارد المائية بـ 122 مليون ليرة، فوزارة التعليم العالي بمبلغ 79 مليون ليرة، فوزارة النقل بمبلغ77 مليون ليرة، فوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمبلغ 67 مليون ليرة، تلتها وزارة الصحة بمبلغ 54 مليون ليرة، ثم وزارة التنمية الإدارية بمبلغ 50 مليون ليرة، ثم وزارة الصناعة بمبلغ 32مليون ليرة، ووزارة العدل بمبلغ 26مليون ليرة، وأخيراً وزارة الكهرباء بمبلغ 19مليون ليرة.
برق بين أن الجهاز اكتشف مبالغ مالية خلال التدقيق الدوري حيث بلغت في القطاع الاقتصادي مليارين و407 ملايين ليرة إضافة إلى 483751 دولار و 10515 يورو، مقابل مليارين و12 مليون ليرة في القطاع الإداري.
أما ما يتعلق بتقييم تقرير العام الماضي من ناحية الأداء، قال برق ان أداء مختلف الإدارات المركزية والفروع كان ضمن الجيد في ظل المتاح حاليا من إمكانيات، مؤكداً أن الأداء الأفضل يتطلب تقديم الدعم للوجستي للجهاز المركزي وللعاملين فيها وهذا ما نسعى إلى تحقيقه وانجازه خلال عام 2018 بالتنسيق مع الحكومة حيث يعتبر دورنا معززا لدورها وذلك لجهة ما نقوم به من أعمال تدقيقية وتفتيشية على مختلف وزارات الحكومة لتحديد الانحرافات واقتراح معالجتها.
وحول أولويات العمل في المرحلة القادمة ؟ وأهم الإشكاليات التي تواجه عمل الجهاز؟
أوضح أن العمل المؤسساتي هو أهم ما يميز الجهاز المركزي فهو يعمل ضمن إستراتيجية محددة تهدف إلى تعزيز دوره في حماية المال العام من خلال تطوير رقابته وجعلها تتسم بمعايير الكفاءة والموضوعية والجودة والفعالية الاقتصادية والمرونة لمؤازرة الحكومة في تحقيق أهداف الخطط الموضوعة بكفاءة وفعالية لجهة التأكد من حسن استغلال الموارد المتاحة لتحقيق أفضل النتائج «تتبع تنفيذ العمل» إضافة إلى بيان مدى ملاءمة الأهداف المختارة لطبيعة عمل المؤسسة ومدى النجاح في تحقيقها «دراسة وتدقيق الخطط» إضافة لتدقيق خطط وأعمال التنمية المستدامة.
وعليه أضاف برق أنه تم تبنّي الاستمرار في برامج تطوير وتأهيل العاملين الفنيين والذي بدأ عملياً عام 2017 من خلال إحداث برنامج ماجستير مهني في مجال التدقيق والرقابة والذي يتم التوسع به حالياً ووفق الإمكانيات المتوافرة حيث قمنا خلال شهر حزيران الماضي بتوقيع اتفاق مع جامعة تشرين لإخضاع عدد من العاملين في فروع الجهاز المركزي في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة لهذا البرنامج، وقد وضعنا نصب أعيننا إستراتيجية لتطوير العمل حيث يتم حالياً تحديد ملامحها وإطارها العام ومدتها الزمنية التي قد تمتد لسنوات، مبيناً أن ما يميز هذه الإستراتيجية هو البناء على أساس جودة العمل الرقابي وتطوير أساليب وتوحيد منهجية العمل الرقابي من خلال إعداد أدلة العمل اللازمة والتي تم إنجاز ما يقارب 75% منها والتي ستكون مرشداً لعمل المفتش ومتاحة بين يدي كافة العاملين الفنيين في الجهاز المركزي قبل نهاية العام الحالي.
وأكد ان العمل حالياً يتم على استصدار مدونة أخلاقيات سلوك المهنة والتي تحدد ما على المفتش من مسؤوليات ومهام وصفات أخلاقية ومهنية يجب توافرها فيه وهذه المدونة في مراحلها الأخيرة وستصدر قريباً جداً، كل ذلك ـ بحسب برق ـ بهدف خدمة العملية الرقابية وزيادة فعاليتها لمواكبة متطلبات المرحة الراهنة بدءاً من تطبيق مبدأ اقتصادية النفقة وصولاً إلى رقابة الأداء والكفاءة لدى الجهات العامة الخاضعة للرقابة وهذا يتطلب وجود كفاءات فنية متميزة قادرة على إجراء مثل تلك الرقابة إضافة لضرورة وجود معايير يمكن الاعتماد عليها لقياس الأداء، وهذا ما نسعى إليه خلال المرحلة القادمة إلى جانب تحركنا باتجاه أتمتة عمل الجهاز المركزي والاعتماد على الأرشفة الالكترونية لمواكبة متطلبات مشروع الحكومة الالكترونية.
وعن متطلبات إستراتيجية العمل قال برق إن تحقيق الأهداف التي نطمح إليها يتطلب دعماً لوجستياً للجهاز المركزي خاصة فيما يتعلق بالبيئة التي يعمل ضمنها الجهاز المركزي وذلك لجهة إعادة النظر ببعض القوانين والتشريعات التي يعتمد عليها الجهاز المركزي لتطبيق رقابة الالتزام، حيث ما زالت غالبية الجهات العامة تعمل ضمن إطار قوانين وتشريعات ما قبل الحرب الكونية التي تتعرض لها البلاد منذ أكثر من سبع سنوات، والتي يحتاج الكثير منها إلى مراجعة وتعديل لتنسجم مع ظروف الحرب، وضرورة تأمين بناء مستقل ومناسب للجهاز خاصة في ظل توزع إدارته على مبان سكنية مستأجرة في غالبيتها وبأماكن متعددة، وكذلك الحاجة الملحّة لتعديل الملاك العددي للجهاز المركزي حيث لا يزال العمل جار بموجب الملاك العددي الصادر بعام 1968 رغم التطوير الكبير في طبيعة عمل الجهاز وتطور عمل المؤسسات والجهات الخاصة لرقابته، حيث يوجد حالياً على مستوى القطر حوالي 900 مفتش فقط منهم حوالي 400 مفتش يقومون بتدقيق أعمال وحسابات ما يقارب 3500 جهة عامة تضم حوالي 2 مليون عامل ما يعني أن كل مفتش وسطياً سيكون مسؤولاً عن تدقيق أعمال حوالي 5000عامل وهذا حتماً سيكون على حساب جودة العمل ونوعيته ما لم يتم توسيع الملاك.
ولفت الى ضرورة الدعم المادي للمفتشين من خلال رفع نسبة تعويض التفتيش ليصبح 100 % من الراتب الحالي بتاريخ أداء العمل أسوة بالقضاة إضافة لإصدار تشريع يسمح بمنح المفتشين نسبة من المبالغ المستردة لمصلحة الخزينة كحوافز تشجيعية، و دراسة إمكانية منح العاملين الفنيين قروضاً سكنية طويلة الأجل بدون فوائد أو بفوائد مخفضة خاصة لمن لا يملك سكناً، حيث تحقيق الراحة النفسية للعامل بما سينعكس إيجابا على أداء عمله.
وبالنسبة لعلاقة الجهاز مع مجلس الوزراء، أشار برق إلى أن الجهاز المركزي كغيره من المؤسسات لا يمكنه العمل بمعزل عن المؤسسات الحكومية باعتبار عمله مكملاً لعملها ولا بد وأن يرتبط بجهة ما، مبيناً أن المرسوم (64) لعام 2003 حدد ارتباط الجهاز المركزي برئيس مجلس الوزراء ولم يتضمن المرسوم أن الجهاز المركزي يتبع رئيس مجلس الوزراء، وهو بذلك يعمل باستقلالية لجهة قراراته إذ لا بد من التمييز بين استقلال الجهاز كمؤسسة واستقلال قرارات الجهاز، منوهاً إلى أنه ومنذ صدور المرسوم (64) يعمل الجهاز المركزي باستقلالية لناحية قراراته التي توضع ضمن مؤسسة الجهاز وداخلها بناء على الأنظمة والقوانين والتشريعات النافذة وبعيداً عن أي ضغوطات، ومن المهم جداً تقييم دور الجهاز ومدى فعالياته في أداء دوره في حماية المال العام كاشفاً أنه لم يحدث وأن تدخلت الحكومة بأي من قرارات الجهاز المركزي بل على العكس كانت دائماً داعمة لعمله وتتابع تنفيذ توصياته ومقترحاته التي وردت في تقاريره والتي تتعلق بمختلف وزارات وإدارات الدولة.
مع ذلك يضيف برق أن الجهاز المركزي منفتح على دراسة أي مقترحات تتعلق بتبعيته وارتباطه وتهدف إلى تحقيق المصلحة العامة وزيادة فعالية عمل الجهاز المركزي.
وفيما يتعلق بالطرح الخاص بدمج الجهاز مع الهيئة؟ قال برق ان عمل الهيئة والجهاز يتقاطع في بعض أعمال الرقابة وأعمال التحقيق، فبالنسبة لأعمال الرقابة تمارس الهيئة المركزية رقابة عامة على الجهات الخاضعة لرقابتها في مختلف النواحي الإدارية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والتعليمية والصحية والفنية، بالمقابل يمارس الجهاز المركزي وفقاً لقانونه أساساً الرقابة المالية على الجهات الخاضعة لرقابته، مشيراً إلى أن مراقبة حسابات مختلف أجهزة الدولة في ناحيتي الإيرادات والنفقات وقبول تلك الحسابات وإبراء ذمة أعضاء مجالس الإدارة هي مسؤولية الجهاز المركزي وحده فهو يعمل كمدقق حسابات خارجي ولا يمكن حلّه أو دمجه بجهة أخرى ولا يمكن الاستغناء عن الأعمال التي يقدمها الجهاز المركزي في مجال اختصاصاته.
أما بالنسبة لأعمال التحقيق أكد أن الهيئة تمارس أعمال التحقيق سنداً للمادتين «2/ ب و50 « من قانونها كما يتولى الجهاز التحقيق في المخالفات كافة وكذلك المخالفات الإدارية والاقتصادية والجزائية التي ينتج عنها آثار مالية والمكتشفة من قبله أثناء قيامه بأعمال رقابية أو المحالة إليه وكل ذلك إنفاذ لقانونه «المادة 23 من المرسوم 64 لعام 2003 « وعادة ما يتم تجنب التداخلات بين عمل الهيئة المركزية والجهاز المركزي من خلال خطة التنسيق بين المؤسستين منعاً لازدواجية العمل.
وعن علاقة الجهاز المركزي مع الجهات العامة والريبة وعدم الثقة؟
اشار إلى أن الأصل في العلاقة بين الجهاز المركزي والجهات العامة الخاضعة لرقابته علاقة تكاملية تنطلق أساساً من التعاون من قبل الجهات العامة لتحقيق مهمة الجهاز المركزي كمدقق حسابات خارجي يعمل لمصلحة المالك وهو الدولة والذي يعتبر رأس الهرم الوظيفي بأي جهة عامة جزءاً منها ويهمه معرفة واقع عمل مؤسسته وتقييمه لها فنياً ومالياً وإدارياً بما يكفل وضعه بصورة ما يجري، فإذا كان الهدف المشترك للجهاز المركزي والإدارات الخاضعة لرقابته هو المصلحة العامة وحماية المال العام فيجب أن تبنى تلك العلاقة على التعاون والتنسيق وليس الريبة خاصة في ظل الثقة بعمل المؤسسة الرقابية التي تنفذ المهام المنوطة بها.
وفي حال وجود حالة من عدم الثقة يتطلب ذلك تقديم المبررات الكافية إن وجدت مع الوثائق المؤيدة لها إلى المؤسسة الرقابية لمعالجتها وإعادة الثقة إلى مستواها المطلوب.
حيث من الملاحظ أن الريبة بعمل الأجهزة الرقابية عادة ما يشار إليه في القضايا التحقيقية دون القضايا الرقابية الدورية، وهنا نود الإشارة إلى أن التحقيق يتناول جوانب تتعلق بمخالفات أدت إلى الإضرار بالمال العام أو عدم حمايته من الضرر بالشكل الكافي لتحديد مسؤولية الأشخاص المعنيين عن تلك المخالفات التي لا بد من الوقوف عندها ومحاسبة كل من يثبت أنه ساهم بهدر المال العام أو الإضرار به بشكل مباشر أو غير مباشر وهذا الأمر قد لا يروق لمن هو مسؤول عن تلك المخالفات.
وقال: نحن كمؤسسة رقابية ـ والكلام لبرق ـ نسعى دائماً للتنسيق والتعاون مع كافة الجهات العامة والعمل بروح الفريق الواحد ضمن الاختصاصات المحددة لكل فريق عمل وصولاً إلى نتائج أعمال وتحديد مسؤوليات واتخاذ إجراءات عادلة بحق المخالفين فنحن على قناعة بأن الرقابة لا يمكن أن تستقيم بوجود الظلم وهذا ما نعمل عليه دائماً من خلال إثبات المخالفة بالكثير من الوثائق والأدلة قبل اعتماد نتائج التحقيق فالعقوبة برأينا وسيلة وليست غاية بحد ذاتها.
الثورة