الجمعة , نوفمبر 22 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

في الجنوب السوري: العصا لمن عصى

في الجنوب السوري: العصا لمن عصى

ماهر خليل
لم يكن مُستغرباً أن ترافق الحملة العسكرية التي أعلنها الجيش العربي السوري قبل أسبوع بهدف تحرير الجنوب السوري والوصول إلى الحدود مع الأردن، حملة إعلامية مضادة تقودها وسائل الإعلام الخليجية والغربية، ولم يكن أيضاً مستغرباً أن يفتح الأردن ومعه الكيان الصهيوني الحدود لإنقاذ مرتزقتهم الجرحى والفارين مع عوائلهم، كما أنه كان في حسبان القيادة العسكرية السورية أن يلجأ نظام أردوغان لاستفزاز الجيش السوري في الشمال عبر مرتزقته المنتشرة حتى حدود بلاده، خاصة وأن غالبية خطوط الدفاع في الجنوب السوري سقطت مع دوي أولى قذائف الجيش على تحصينات الفصائل الإرهابية في الجنوب لاسيما في بصر الحرير معقل جبهة النصرة وخط الإمداد اللوجستي والعسكري لباقي التنظيمات الإرهابية في أرياف درعا.
في الحقيقة إن لمعركة درعا خصوصية لا يعلمها سوى قيادة الجيش السوري، ليس فقط لقربها من الحدود ولا لأن شلالات الدم بدأت من هناك، بل لأن معركة الجنوب وضمن الحسابات الدولية هي معركة كسر عظم مع الدول الداعمة للحراك الإرهابي في سورية، وفي حال نهايتها يعني عسكرياً حصار الشمال السوري وسقوط “تورا بورا” سورية في إدلب وشمال حماة، اللتان أضحتا التجمع الرئيسي لكافة التنظيمات الإرهابية التي قاتلت في سورية ومن كافة الجنسيات، وهي الخلاصة التي سيجمع الجيش العربي السوري قوته فيها وينهي منها المأساة التي قتلت السوريين لسبع سنوات.
إن الضياع الإسرائيلي في الجنوب السوري فضح جزءاً من الآمال التي بددها الجيش السوري هناك، كما أنه هدد نظام عبدالله الثاني في الأردن بقطع نهر المساعدات “الإنسانية” التي كان اللاجئين السوريين شماعته لتكديسها في حسابه الخاص، ما استدعى تحرك متسارع لضبط إيقاع الجبهات المنهارة والحفاظ على ما أمكن فيها لصالح الكيانين الأردني والصهيوني علّهما يتمكنان من إعاقة اقتراب الجيش السوري من الحدود وإعادة الوضع العسكري والأمني إلى ما كان عليه قبيل عام 2011.
ولأن الاستراتيجية السورية ومنذ بدء الأزمة في البلاد سبقت الدول الداعمة للفصائل الإرهابية بخطوات، اتبعت الدولة السورية في حملتها الجارية على الجنوب السوري، ما فعلته في الغوطة الشرقية، أي سياسة العصا والجزرة، فمن لم يفهم بالجزرة كانت العصا جاهزة ليفهم. لذا تحركت دمشق في اتجاهين متوازيين، بالمصالحات والضغط العسكري، فمن امتثل للمصالحة تحيّد عن العمل العسكري، ومن حاول المراوغة ضُغط عليه بالنار، ومن رفض، استمرت العملية العسكرية باتجاهه كما يحدث الآن في عدة بلدات بريف درعا كطفس وصيدا ونوى وغيرها من القرى والبلدات التي اختارت الحرب.
عسكرياً، نستطيع القول أن معركة الجنوب السوري هي معركة “السهل الممتنع” نظراً لقربها من الحدود ولما تملكه الفصائل الإرهابية من عتاد حديث ومساعدات مفتوحة ومكشوفة من الجانب “الإسرائيلي” والأمريكي والخليجي والأردني، أضف إلى ذلك الكثافة السكنية المتواجدة في مناطق سيطرة تلك التنظيمات التي يغلب عليها تنظيمي القاعدة وداعش، لكن جغرافياً تعتبر معركة الجنوب أسهل بكثير مثلاً من معركة الغوطة الشرقية ذات الاكتظاظ العمراني، كونه يغلب على قراها وبلداتها المساحات المزروعة والبساتين، لذا ستكون معركة الجنوب السوري قاسية وحذرة من جهة.. ومحسومة لصالح الجيش من جهة أخرى، إلا في حال وافقت تلك التنظيمات لاحقاً على بنود التفاوض والخروج إلى الشمال السوري كما فعل غيرهم.
ليس سراً أن نقول أن كفّة العمل العسكري في المنطقة الجنوبية مرجحةً أكثر من كفّة التفاوض، خاصة وأنه حتى اللحظة مازالت التنظيمات متعنّته وترفض كل سبل السلم، لذا وبحسب مصدر عسكري في الجنوب السوري لشبكة عاجل، فقد اتخذ الجيش العربي السوري بكافة صنوفه وضعية القتال، وبدأ التمهيد المكثف على المعاقل الرئيسية للتنظيمات الإرهابية على كافة المحاور لا سيما من صيدا إلى المتّاعية على الحدود مع الأردن .. ومن طفس إلى الحدود مع الجولان السوري المحتل، فيما يبدو أن الجيش السوري اختار العصا لم عصى .. العصا التي خُلقت من الجنّة ..
عاجل