الجنوب السوري نحو التحرير المرتقب
علي حسن
بعد أيام قليلة من الهدوء الحذر على كافة جبهات الجنوب، استأنف الجيش السوري عملياته العسكرية المدعومة من الطيران الحربي الروسي وسيطر على نقاط حاكمة ومواقع استراتيجية في الريفين الشمالي والشرقي لمدينة درعا. السيناريو الذي يحصل في الجنوب و على ما يبدو هو ذاته الذي حصل في الكثير من المناطق التي استعادها الجيش السوري، عمل عسكري تتخلله عملياتٌ تفاوضية متقطعة لينتهي الأمر بتسوية تُعيد المنطقة لسيطرة الدولة السورية.
مصدرٌ عسكري يقود العمليات في الجنوب لـ”العهد”: معبر نصيب الحدودي مع الأردن الذي سيكون تحت السيطرة النارية في أية لحظة
بعد أيام من وقف إطلاق النار في المنطقة الجنوبية لإفساح المجال للمصالحات والتسويات التي رفضتها الفصائل المسلحة، استأنف الجيش السوري عملياته العسكرية بدعم جوي واسع من الطيران الحربي الروسي. مصدرٌ عسكري سوري يقود العمليات في الجنوب أكد لموقع “العهد” الإخباري أنّ “قوات الجيش سيطرت يوم أمس الخميس على مدينة صيدا بريف درعا الشرقي وانتقلت بعدها مباشرة للقيام بتمهيد ناري على مواقع المسلحين في بلدات النعيمة والطيبة وأم المياذن، وعند السيطرة عليهم تصبح القوات على مقربة كبيرة جداً من معبر نصيب الحدودي مع الأردن الذي سيكون حينها تحت السيطرة النارية وفي أية لحظة تدخله وحدات الجيش المقاتلة”.
وأضاف إنّ “الجيش تقدم من جهة أخرى وسيطر على عدد من المخافر الحدودية مع الأردن، حيث يأتي تقدمه هذا استكمالاً لعملياته التي استعاد من خلالها المخافر الحدودية مع الأردن من جهة ريف محافظة السويداء قبل نحو عام تقريباً”، وأكد المصدر العسكري ذاته أنّه “بهذه المناطق التي سيطر عليها الجيش تكون كل خطوط إمداد المسلحين عن ريف درعا الشرقي قد قطعت بالكامل ما يعني أنّ هذا الريف سيكون تحت سيطرة الجيش خلال أيام قليلة جداً إما باستمرار العمل العسكري أو باستسلام كل مسلحي الفصائل المتواجدة هناك التي حاول داعموها الأمريكيون والصهاينة إنقاذها عبر شحنات أسلحة وذخيرة دخلت عبر الحدود مع الجولان السوري المحتل إلا أنّ الجيش قد صادر هذه الشحنات ومنع وصولها إلى أولئك المسلحين”.
هذا الضغط العسكري الكبير عبر استئناف الجيش السوري لعملياته جاء بعد انسحاب وفد الفصائل المسلحة من المحادثات مع الجانب الروسي في المنطقة الجنوبية دون التوصل إلى أي تسوية حيث طرح وفد الفصائل شروطاً عديدة قوبلت بالرفض من الجانبين الروسي و السوري باعتبارها لا تتناسب مع واقع توازن القوى المفروض في الوقت الحالي بالجنوب، وذكرت وسائل إعلام معارضة أيضاً أنّ الأردن قد نجح في إعادة التفاوض بين المسلحين و الجانب الروسي.
الخبير الاستراتيجي كامل صقر لـ”العهد”: الأردن غير قادر على تحمل عبء المسلحين
حول مجمل هذه التطورات، قال الكاتب الصحفي والخبير الاستراتيجي كامل صقر لموقع “العهد” الإخباري إنّ “عامل الضغط العسكري الذي حدث بعد استئناف الجيش السوري لعملياته بشكل واسع النطاق هو الذي أعاد الفصائل المسلحة إلى طاولة المفاوضات بمعنى أنّ الواقعية الميدانية والسياسية والمعادلة الجديدة التي فرضت هي التي أعادت المسلحين والدور الأردني ليس إلا دوراً تشجيعياً تنسيقياً أكثر مماهو دور معيد لهؤلاء إلى المفاوضات”، مضيفاً إنّ “السيناريوهات تعيد نفسها في مختلف المناطق السورية؛ على الأقل سيناريوهات السنة ونصف الأخيرة من عمر الحرب على سوريا، بمعنى أنه إذا عدنا إلى آخر تجربة ميدانية وسياسية قبل درعا وهي الغوطة الشرقية فما يحدث الآن في درعا هو تكرارٌ لسيناريو الغوطة، إذ إن المفاوضات قد انطلقت قبل بدء العمل العسكري من قبل الدولة السورية و الطرف الروسي، ورفض المسلحون المفاوضات وتكابروا سياسياً فانطلقت العمليات العسكرية وحصل ضغط ميداني كبير لتعود المفاوضات من جديد ولكن بطلبات غير منطقية وغير واقعية بالنسبة للحكومة السورية بسبب عاملي الجغرافيا وخريطة السيطرة الحديثة، فيبدأ مجدداً الضغط العسكري وتشعر الفصائل المسلحة بأنه لا مجال أمامها سوى المفاوضات بمعنى أنه ليس هناك غطاء سياسي حقيقي لتلك الفصائل يمكن أن يُشكّل لها رافعة سياسية تحميها من عملية عسكرية حقيقية على الأرض وبالتالي ليس أمام هؤلاء المسلحين سوى العودة وطلب المفاوضات”.
الأردن غير قادر على تحمل عبء المسلحين أبداً، هذا ما أعلنه المسؤولون الأردنيون صراحة. فالحكومة الأردنية في أزمة اقتصادية كبيرة ولا سيما في هذه المرحلة ولذلك كان لا بد له أن يضغط على تلك الفصائل للعودة إلى تلك المفاوضات بحسب حديث صقر الذي أكد لموقع “العهد” أنّ “ذات العقلية الخاطئة وذات التفكير المنحرف وغير الواقعي يحكمان الفصائل المسلحة سواءً في الشمال أو الشرق و الجنوب، هم يدركون أن السيناريو الذي حصل لغيرهم من المسلحين سيحصل لهم ومع ذلك يبدأون المرحلة الأولى من المفاوضات بسقف عال جداً من المطالب غير الواقعية، فهم يريدون أن يبقوا في مناطق سيطرتهم على مبدأ الحكم الذاتي أو المحلي وهذا أمر غير واقعي في منطق الدولة السورية منطق التجارب التي حصلت مسبقاً، وعندما يجد هؤلاء أنّ مطلبهم هذا مرفوض يتحول إلى عدد من المطالب الأخرى غير الواقعية أيضاً مثل عدم تسليمهم لسلاحهم الثقيل وأخذهم له إلى الشمال أو إلى مناطق ترحيلهم والتي تُرفَض أيضاً ما يؤدي إلى استئناف العمل العسكري الذي يُرضخهم إلى السيناريو الوحيد المقبول به من قبل الدولة السورية وهو تسليم أسلحتهم الثقيلة كافة و الخروج بسلاحهم الفردي”.
ختم صقر حديثه لـ”العهد” قائلاً إنّ “الجيش السوري موجود في موقع القوة ضمن معادلة درعا كما كان موجوداً في كل المعادلات الميدانية والسياسية السابقة وعملية استعادة درعا هي شبه محسومة أيضاً كما في غيرها من المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري سابقاً”.
العهد