المونديال فتح باباً جديداً للتجارة في سوريا
في سوق «السويقة» الشهير بدمشق، والمتخصص في بيع مستلزمات الاستقبال الرقمي والتلفزيونات، تتنوع المنتجات المعروضة، حيث امتلأت غالبية المحلات بهوائيات من مختلف الأشكال والأسعار وأجهزة «ريسيفر» أيضاً متنوعة الاختصاصات، كلها هدفها إيصال مباريات كأس العالم للمشاهدين في بيوتهم.
المونديال حمل معه الروح للسوق، وخاصة قبيل انطلاقه ومع أول أيامه؛ إذ حقق التجار مبيعات جيدة أحيت تجارتهم بعد أيام من الجمود. وتتراوح أسعار الريسيفرات، حسب أحد أصحاب المحلات، ما بين 6500 ليرة و50 ألف ليرة ( ما بين 16 و100 دولار تقريباً) حسب الخدمات التي يقدمها الجهاز، ويوضح أن غالبيتها تُمكِّن الزبون من فك تشفير القنوات المدفوعة والحصول على بث قنوات أوروبية وحتى عربية اعتماداً على شبكة الإنترنت.
وإضافة إلى أجهزة «سوق الكهرباء» أو «الدشات» كما يطلقون عليه، فإن هناك خيارات أخرى لجأ إليها السوريون، ومن ضمنهم عبد الله الذي يؤكد لـ»عربي بوست»، أنه تمكَّن من مشاهدة المباريات كافة بالمجان، فقط سعر الهوائي الذي يمكن أن تجده في المحلات كافة.
سلك صغير ويُقضى الأمر
بعد أيام من متابعة مباريات المونديال في المقاهي، ودفع الكثير من الأموال، قرر عامر مشاهدة ما تبقى من منافسات في منزله عبر المحطات الأرضية، ويقول: «وفَّرت الكثير من المال، فالأمر كلفني سلكاً صغيراً حصلت عليه من دفتر قديم».
ويشرح عامر، الموظف في إحدى الشركات، بأنه مع بداية المونديال اعتاد الذهاب بصحبة أصدقائه للمطاعم والمقاهي، ولكن الأمر بات مكلفا جداً، فقرر البحث عن بديل، خاصة بعدما سمع بوجد محطات محلية يمكن التقاطها عبر هوائي داخلي صغير.
عامر وكغالبية السوريين الذين نسوا معنى الهوائي منذ سنوات، لم يتمكن من العثور على الهوائي القديم الذي كانوا يملكونه؛ لهذا اخترع واحداً خاصاً به، مستفيداً من خبرته باعتباره خريج كلية الهندسة الكهربائية.
ومن خلال اختراعه البسيط، تمكن عامر من استقبال قناة اسمها «هوا»، وهي محطة خاصة اشتُهرت بعرض المباريات والأفلام الحديثة.
ويقدِّم عامر نصيحة لأي شخص مقيم في دمشق، أن بإمكانه استقبال هذه المحطة بواسطة سلك معدني بسيط؛ لأن اشارة المحطة قوية داخل العاصمة، «كل ما عليك فعله هو وضع السلك في مأخذ الأنتين بالتلفزيون، كما يمكن وضع لصاقة صغيرة؛ لتثبت السلك كي لا يقع»، يشرح المهندس.
إحياء القنوات الأرضية
وأعاد المونديال الحياة للقنوات الأرضية بعدما نسيها السوريون، جعفر يتابعها اليوم بشكل دائم ويتنقل في مشاهداته ما بين «هوا» وقناة جديدة اسمها «سبورت» تابعة للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
جعفر اشترى أيضاً هوائياً صغيراً منخفض السعر، تكلفته 500 ليرة سورية بحدود الدولار الواحد، وحينما تضعف إشارة البث يلجأ إلى حيلة أخرى بوضع كابل الريسيفر في مأخذ الأنتين.
ومن جانبه، يوضح أحمد العبسي، عامل تركيب الهوائيات، أن «مشاهدة القنوات الأرضية تحتاج إلى (أنتين)، وغالباً ما يستخدم الناس هوائياً داخلياً، أما الخارجي فالطلب قليل عليه»، ويضيف: «في الحقيقة، الهوائيات الخارجية لم تعد مستعملة منذ سنوات طويلة، ولا نجد من يرغب فيها».
لكن بالمصادفة ومع بداية المونديال، فإن زبوناً واحداً فقط طلب خدمات أحمد لكي يقوم بمساعدته في تركيب هوائي على سطح منزله خصيصاً لمشاهدة بطولة العالم.
منتجات جديدة
ورغم إمكانية تحقيق متعة متابعة المونديال عبر هوائي رخيص، فإن البعض فضَّل التوجه للأسواق المتخصصة والاطلاع على العروض المتوافرة هناك، ومن بينهم منصور حامد، الذي يوضح في حديثه لـ»عربي بوست»، أنه ذهب إلى سوق الكهرباء بالقرب من شارع النصر وفوجئ بحجم الطلب على الهوائيات المختلفة الأشكال والأنواع.
وتتراوح أسعار الهوائيات ما بين 4500 و9000 ليرة سورية (ما بين 9 و18 دولاراً)، وذلك حسب بُعد منزل الزبون عن محطة البث في قاسيون؛ لهذا اختار منصور أقلها سعرًا، في حين اختار صديقه الأغلى بحكم إقامته في ريف دمشق.
ورغم ذلك، لم ينجح في التقاط المحطات الأرضية بشكل واضح؛ لهذا قرر اقتناء جهاز اسمه «تايغر» سعره 20 ألف ليرة سورية (نحو 40 دولاراً)، يعمل على فك الشيفرات، ويُمكِّن صاحبه من التقاط محطات عديدة، لكن من جملة سلبياته اقتصاره على محطات أجنبية، بالإضافة إلى حاجته لإنترنت سريع ومتوافر بشكل دائم.
كذلك، فإن المونديال أحيا مهنة تركيب الأطباق اللاقطة كما يشرح التقني أبو محمد، فبعدما تقلَّص عملهم بحكم اعتماد الناس على أقمار محددة، وتثبيتهم أطباقهم اللاقطة باتجاه معين، فهم اليوم يبحثون عن أقمار جديدة؛ ومن ثم يحتاجون للاستعانة بخبير.
ويضيف أنه يمكن لجمهور الرياضة والمهتمين بالمونديال أن يوجهوا بث أجهزة التلفاز لديهم لالتقاط قمر «أذربيجان» ومشاهدة قناة «أذربيجان سات»
، التي تتيح لهم مشاهدة المباريات بصورة عالية الجودة.
وعن التكلفة، يوضح أبو محمد أنها في حدود 8000 ليرة (نحو 16 دولاراً) وهي تتضمن الطبق اللاقط الثابت، وريسيرفر حديث في حال كان الجهاز قديماً مع كابلات وأجرة العامل، «وها أنت في روسيا تتابع فريقك المفضل»، يختم التقني وهو يستعد للتوجه نحو منزل زبون يطلب خدماته.
موده بحاح – عربي بوست