أسباب عدوان إسرائيل على النيرب .. لماذا اختيرت هلسنكي للقاء
علي مخلوف
تزداد حرارة الميدان مع ارتفاع درجات الحرارة، لهيب السياسية والاتصالات ليس بأقل من لهيب شمس تموز، لقاء ترامب ـ بوتين، الاعتداء الصهيوني على موقع شمال مطار النيرب بحلب، تحرير الجيش السوري لبلدة مسحرة في القنيطرة، وتحرير كامل درعا، فيما يستغيث الأردن لإعادة العلاقات مع سورية.
بالتزامن مع وضع التشطيبات النهائية لتحرير كامل درعا وإخلاء الإرهابيين منا إلى الشمال، ثم تحرير بلدة مسحرة في القنيطرة، قام العدو الإسرائيلية بعدوان صاروخي على موقع شمال مطار النيرب، حيث تهف تل أبيب من تلك الغارات، إلى التذكير بأنها موجودة قبل لقاء ترامب ـ بوتين وأنها لا تزال تنظر باهتمام بالغ للوجود الإيراني، وأي عدوان لها يكون بذريعة استهداف موقع لعسكريين إيرانيين، إضافةً لرغبتها برفع معنوات الداخل الإسرائيلي الذي يعيش رعب البالونات من غزة، والتهديد باندلاع حرب في الجنوب على التخوم السورية، وبما أن تل أبيب صرحت أنها لا تريد حرباً عند الجولان والقنيطرة فهذا يعني أنها لن تفعل شيئاً حيال تقدم الجيش السوري في القنيطرة، لكن لا يمكنها الوقوف لتتفرج أما انتصار الجيش السوري في هذه المنطقة، فقامت بغارة على منطقة أبعد من الحدود تم اختيارها في حلب، فيما يوحي تقدم الجيش في الجنوب نحو الحدود المحتلة ونقطة فض الاشتباك مع الكيان الإسرائيلي بإمكانية مواجهة عسكرية سورية ـ عسكرية في أية لحظة وستكون محدودة ويتم احتوائها.
لقد قالها الرئيس الأسد مؤخراً خلال استقباله كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة حسين جابري أنصاري بأن القضاء على الإرهاب في معظم الأراضي السورية حقق الأرضية الأنسب للتوصل إلى نتائج على المستوى السياسي تنهي الحرب على سورية، مضيفاً أن ما يحول دون ذلك هو السياسات والشروط المسبقة التي تضعها الدول الداعمة للإرهاب، بعبارة أخرى يقول الأسد أن الحرب العسكرية باتت بحكم المنتهية، ولم يبق سوى المعركة السياسية والدبلوماسية التي تتفرع عنها مسألة العقوبات الاقتصادية.
أما فيما يخص الأردن فلا تزال الإشارات والتصريحات تصدر من هناك استجداءً لقبول سورية إعادة العلاقات، حيث قال قائد المنطقة الشمالية في الأردن العميد خالد المساعيد، إن أعداد عناصر تنظيم “داعش” المتواجدين في حوض اليرموك سينتهون بفضل التسويات التي يقوم بها الجيش السوري والمعارك التي يخوضها، كذلك فقد أعلن عن وجود 5 آلاف شاحنة جاهزة لنقل البضائع وتبادلها في حال تم فتح الحدود بين الأردن وسوريا بما سيكون خيراً على البلدين، معركة الجنوب وتحرير درعا وتحول غرفة الموك إلى مجرد اكسسوار لا يغني ولا يسمن من جوع ، فضلاً عن الضغوطات التي عاشها النظام الأردني وخسارة رهانه في سورية كل ذلك ساهم في ارتفاع أصوات الأردنيين مسؤولين وغيرهم لبث إشارات الغزل والاستغاثة لسورية.
يبقى لقاء ترامب ـ بوتين المرتقب، هو ليس بالقمة بالمعنى الحرفي لأنه لن يتمخض عن شيء مصيري وتاريخي، هناك أجواء مشحونة ودبلوماسية مفروضة على الجانبين عند اللقاء، فالأمريكي يريد من الروسي تسليم موظفي استخبارات روس متهمين بالتدخل بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهذا ما لن يفعله بوتين كما أن تصريح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي رمى الكرة في ملعب موسكو قائلاً إن مسألة تطبيع العلاقات المتدهورة بين بلاده وروسيا تعتمد على موقف الجانب الروسي، مضيفاً أن بلاده تنوي مواصلة معاقبة موسكو عما أسماها الأعمال الخبيثة وهذا من شأنه أن يعكس التوتر الموجود ويجعل ذلك اللقاء بحجمه الطبيعي لا مضخماً باسم قمة، أيضاً الملف السوري ووجود الحليف الإيراني ومخاوف الكيان الصهيوني ستكون هي الأخرى عقبات، لن يسلم ترامب بسهولة بتسوية سورية مع وجود إيراني على سبيل المثال، وسيتم طلب ضمانات لأمن إسرائيل من عدم قيام الجيش السوري بعمليات عند نقطة فض الاشتباك وعدم تواجد مقاتلين إيرانيين ومن المقاومة اللبنانية، لكن ما المقابل؟ هل ستنسحب واشنطن من الشرق السوري؟ وهل ستغلق قاعدة التنف؟
اختيار هلسنكي في فنلندا كمان للقمة قد يكون له مدلولات، فهذا البلد كان ضمن الامبراطورية الروسية ووقفت على الحياد في فترة الحرب الباردة بين واشنطن والسوفييت، فيما غالبية سكانها ديغمرافياً يتبعون الكنيسة الانجيلية اللوثرية ولعل هذا ما دفع ترامب للموافقة على اختيارها كون الانجيليين كانوا أكبر الداعمين له في الانتخابات.
بالمحصلة فإن المشهد الميداني السوري سيكون على موعد مع تحرير بلدات جديدة في القنيطرة، مع بقاء احتمال مواجهة خاطفة مع إسرائيل التي ستكرر سيناريوهات اعتداءاتها في مناطق أخرى غير النيرب بحجة الوجود الإيراني، مكب النفايات في إدلب سيكون متخماً بإرهابيين جدد قادمين من درعا، ليبقى الشرق على صفيح الانتظار، وما سيتمخض عنه لقاء بوتين ـ ترامب .. ونعتقد بأنه سيكون لقاءاً كجبل تمخض فأراً.
عاجل