رغم عدم تفعيلك لـ نظام GPS.. يمكن تتبع تحركاتك
يعتقد الكثيرون أن إيقاف تشغيل نظام تحديد المواقع GPS في هاتفهم الذكي سيمنع تتبع هذا النظام لهم، لكن باحثين من “جامعة نورث إيسترن” في بوسطن وجدوا أن الأمر ليس كذلك دائماً.
وقال ساشانك نارين، الباحث في “جامعة نورث إيسترن”: “لا يدرك الكثير من الناس أنه يمكن تتبعهم بدون استخدام نظام تحديد المواقع GPS، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى أننا عندما نفكر في الموقع، فإننا نربطه بنظام تحديد المواقع العالمي على الهاتف”.
وقام نارين وفريقه بعمل اختبار تمكنوا خلاله من تعقب الأشخاص الذين يقودون السيارات عبر مدن بوسطن وولثام وماساتشوستس ولندن. وتم إيقاف خدمات المواقع التقليدية في هواتف هؤلاء، مثل نظام تحديد المواقع العالمي GPS واستخدم الباحثون عوضاً عن ذلك أجهزة استشعار أخرى. وأوضح نارين أن “الهدف من مشروعنا هو جعل الناس يدركون وجود نقاط ضعف في هذه التقنيات ويجب عليهم الاهتمام بها لحماية أنفسهم وخصوصيتهم”.
من جهته، قال جيفارا نوبر، الأستاذ في “جامعة نورث إيسترن” مدير برنامج الجامعة للأمن الإلكتروني وضمان المعلومات والذي شارك في البحث: “هناك مجال كامل يُسمى بهجمات القنوات الجانبية Side Channel Attacks، حيث تستخدم معلومات جانبية لاستنتاج شيء ما، ويمكن أن يكون لها تأثير على الأمن وتحديداً على الخصوصية”.
أفضل جهاز تجسس
باستخدام الهواتف الذكية التي تعمل بنظام التشغيل التابع لشركة غوغل “أندرويد”، أجرى الباحثون التتبع باستخدام أجهزة الاستشعار الموجودة في هذه الهواتف والتي لم تكن مصممة في الأصل لتتبع الموقع. وتضمنت تلك الأدوات مقياس التسارع Accelerometer الذي يتتبع سرعة حركة الهاتف، ومقياس المغناطيسية Magnetometer الذي يعمل مثل البوصلة الرقمية، والجيروسكوب Gyroscope الذي يتتبع الدوران. هذه المستشعرات مسؤولة في الأصل عن أشياء أخرى مثل تغيير اتجاه الشاشة من الوضع الأفقي إلى الرأسي عند نقل الهاتف.
وقال نوبر: “لا يدرك الناس حقاً أن هواتفهم المحمولة مع إمكانية الوصول إلى جميع هذه المستشعرات تعتبر إلى حد ما مثل أفضل أجهزة التجسس التي يمكنك تخيلها، حتى مع إغلاق نظام تحديد المواقع GPS بهذه الهواتف”.
من أجل تعقب الأشخاص الخاضعين للاختبار، قام الباحثون بتنزيل ما بدا أنه تطبيق ضوء فلاش flashlight app، ولكن في الواقع كان يجمع بيانات من المستشعرات. وأوضح نارين: “يجب أن يكون لديك تطبيق مثبت على الهاتف، لكن بمجرد الانتهاء من هذه الخطوة فإن جميع العمليات الأخرى ستكون تلقائية”.
في الوقت الحالي تعمل التقنيات التي استخدمها الباحثون بشكل أفضل في مدن معينة، حيث شرح نارين: “في مكان مثل مدينة بوسطن التي تحتوي على الكثير من المنعطفات الفريدة والطرق المتعرجة جداً، يمكنك الحصول على دقة تصل إلى 50% من تخمين موقع المستخدم، إنما في حالة وجود مكان مثل مانهاتن وهو في الغالب شبيه بالشبكة، فإن الأمر أكثر صعوبة”.
وتصبح إمكانية التتبع أكثر سهولة مع الحصول على المزيد من المعلومات، حيث توصل الباحثون إلى الاحتمال التالي: “إذا كنت ستسافر في نفس الطريق كل يوم، فلدينا احتمال كبير للغاية لتخمين المكان الذي تعيش فيه وأين تعمل وما هي المسارات التي أخذتها. بمعنى أنه عندما تسلك مسارات متكررة فإن دقة تحديد موقعك قد تصل إلى أكثر من 90%”.
وقد تفاجأ الباحثون بالنتائج ويتوقعون مزيداً من الدقة بمرور الوقت، حيث قالوا: “لم نكن نتوقع بصدق مثل هذه الدقة العالية. ونظراً لتطور أجهزة الاستشعار في الهواتف الذكية التي تم استخدامها في الاختبار، ونظراً لأنها أصبحت أكثر دقة، فقد يصبح هذا الأمر وسيلة أساسية لانتهاك خصوصية المستخدمين”.
وعلى الرغم من أن الباحثين من “جامعة نورث إيسترن” استخدموا الهواتف التي تعمل بنظام التشغيل “أندرويد” فقط، إلا أن نوبار قال إن “الاختراق ينطبق أيضاً على أجهزة آيفون، نظراً لأن لها نوعاً من الأذونات المماثلة لأجهزة الاستشعار وما إلى ذلك”.
وتعليقاً على هذه الدراسة، قال متحدث باسم “غوغل” في تصريح لشبكة CNBC إن “نظام التشغيل أندرويد P وهو أحدث نظام تشغيل أصدرته غوغل، يقيد الوصول إلى أجهزة الاستشعار مثل مقاييس السرعة والجيروسكوب، ولا توفر مستشعرات الهواتف الذكية بيانات موقع المستخدم بشكل مباشر”. في حين رفضت شركة “آبل” التعليق على الأمر.
وحتى مع إغلاق نظام تحديد المواقع GPS لحماية الخصوصية أثناء استخدام الهواتف الذكية يجب على المستخدمين الحرص على تنزيل التطبيقات فقط من متجري “غوغل” و”آبل” الرسميين، والتأكد من تحديث نظام التشغيل لأحدث إصدار لأن الإصدار الجديد عادة ما يعمل على تصحيح الأخطاء الموجودة بالإصدار السابق.